تعتبر العبودية مفهوما كلاسيكيا نشأ على امتلاك الإنسان للإنسان كأي ملكية قانونية أخرى.و من تجلياته الاستغلال الاقتصادي و الاجتماعي و الاستحواذ على حصيلة النشاط العملي و الذهني، أي السيطرة الكلية على ناتج عمل الغير. بعد آخر من أبعاد العبودية هو الإخضاع الروحي و الفكري، من خلال عادات و قيم ما تفرض على البشر بشكل لا شعوري. أما العبودية اليوم فتكتسي طابعا جديدا أو قناعا ناعما يسمى الرأسمالية، أي أنهما وجهان لعملة واحدة بفرق وحيد كون العبودية الكلاسيكية أرست قواعدها دون رأسمالية، أما الثانية فجوهر وجودها هو الأولى. حرصت العبودية القديمة على اعتناء المالك بالعبد، حيث إطعامه و ملبسه و ذريته أيضا تعتبر ضمان لاستمراريته كعلاقة الشخص بماشيته. أما الرأسمالية اليوم، فهي التجلي البشع و القاسي للسيطرة، انطلاقا من التسمية (capital) و المشتقة من الكلمة اللاتينية (capitalis) أي رأس الماشية، و هنا العنصر المرعب لمخترعي هذا المصطلح و رغبتهم في خلق مجتمع القطيع و تحصيل الثروات من خلال الاستغلال الكلي له. الموظف اليوم هو عامل بالأجرة في ملكية رب مقاولة و يمكن استبداله كالجوارب بأي موظف آخر إن تخلله المرض أو قلت مردوديته كون سوق الشغل يتميز بدوام قلة العرض و وفرة الطلب. لنا في السرد التالي نزعا لأحد أقنعة نظام القنانة المعاصر، في القرن 18 و مع الاكتضاض و النمو الديمغرافي نشأت النظرية المالتوسية، المنتسبة لصاحبها كاهن السلطة توماس مالتوس، حيث دافع بشراسة عن شرعية وجود الحروب و الأوبئة كظواهر إيجابية تساعد في ضبط أعداد البشر المتواجدين فوق الأرض، و ارتباطا بهذه النظرية تم تأسيس منظمة نادي روما في أبريل سنة 1968 من ممولها الرئيسي عائلة روكفيلر، أحد المتحكمين في الماء و الهواء. من بين الأهداف الخفية لهذه المنظمة الغول، الحد من التزيد الغير مسموح به للبشر عبر نفس النهج الأوبئة و الحروب استمرارا للنظرية المالتوسية. أخيرا ، الانسان في الزمن الحاضر أصبح كمنديل ورقي يستعمل و يرمى في القمامة للمرور للمنديل الآخر.