مرة أخرى تعبر الأبناك المغربية عن جشعها الذي لا ينقضي مهما كانت الظروف بل حتى في ظل الظروف العصيبة التي تمر منها البلاد بعد اجتياح فيروس "كورونا"، فرغم إعلان المجموعة المهنية لبنوك المغرب، أمس الأحد، أنها ستشرع ابتداء من اليوم الاثنين في تفعيل الإجراءات التي اتخذتها في إطار لجنة اليقظة الاقتصادية لدعم الأسر والمقاولات التي تأثرت بشكل مباشر بتداعيات الفيروس، إلا أنها ضمنت طلب التأجيل المقدم من الزبون تعهدا يعكس مدى "الانتهازية" التي تتسم بها هذه المؤسسات. وجاء في نموذج للطلب المعتمد والذي يلزم الزبون التوقيع عليه ما يلي "كذلك أصرح بمقتضى طلبي هذا، أنني أقبل بشكل غير رجعي وغير مشروط جميع التغييرات التي ستنتج عن هذا التأجيل والتي قد تؤثر على جدول الاستخماد المتعلق بهذا القرض، كمبلغ القرض المتبقي رأسمالا وفوائد مترتبة عنه". إن إدراج هذا البند ينم عن "انتهازية" الأبناك التي لا تفوت فرصة لإثقال كاهل زبنائها بالمصاريف والفوائد التي تتم الإشارة إليها بتسميات عدة من قبيل « Commissions »، « Intérêts » "Frais" و"Agios" وغيرها، إن الزبناء الذين سيهرعون إلى وكالاتهم البنكية لتقديم طلبات تأجيل سداد القروض حتما سيقفون على حقيقة أن مبادرة المجموعة المهنية لبنوك المغرب لم تتم ل"وجه الله" . إن البند المدرج في الطلب يضع الأخير في مصاف عقود الإذعان، إذ أن الأبناك وضعت على ظهور الزبناء وزر تحمل تبعات التغييرات التي ستطرأ مستقبلا على ودائع زبنائها والتي قد تؤثر على أرباح هذه الأبناك عل حد مدرجات جدول الاستخماد "Tableau d'Amortssement"، وهو الأمر الحتمي بالنظر إلى القوة القاهرة التي تلقي بظلالها على المغرب. إن الأبناك أدرجت هذا البند في الطلب الذي يعد تعهدا لتكون في حل من تحمل أية تبعات بسبب جائحة "كورونا" بخلاف ما أشارت إليه المجموعة المهنية لبنوك المغرب في بلاغها، أمس الأحد، حينما أشارت فيه بالقول "هذه الإجراءات تشمل، بناء على طلب من الزبون، تأجيل سداد أقساط القروض المستحقة و"الليزينغ"، ابتداء من شهر مارس الجاري وحتى شهر يونيو المقبل، بدون أن يترتب عن ذلك أي مصاريف أو غرامات عن التأخير". المؤسسات البنكية التي دائما ما تلجأ إلى ودائع زبنائها وتتصرف فيها متى احتاجت إليها، من أجل إبرام صفقات أو تجاوز عقبات مالية، لا تعير اهتماما إلى تمكين الزبناء المودعين لأموالهم من أي مقابل ولو رمزي، أما وإن استبدت الحاجة بالزبناء واعترضتهم ظروف قاتمة مثل الظروف القاتمة التي تمر منها البلاد أو طاريء صحي أو أية وضعية مختلة، فإن هذه الأبناك لا تتعامل بالمثل مع زبنائها وتنقض عليهم وتثقلهم بالمصاريف والفوائد وما دونهما في جشع بين وسافر. الأبناك في المغرب اعتادت التعامل بجشع مع زبنائها في الظروف العصيبة كما العادية، وكمثال عن ذلك عمليات أداء ضريبة السيارات "La Vignette" حيث تستخلص من زبنائها من مؤدي الضريبة عبر وكالاتها فوائد تجعل منها الرابح الأكبر في فترة أداء الضريبة السنوية على العربات بينما كان أداء هذه الضريبة قبل رقمنتها معفيا من أي رسوم إضافية. كما ينطبق نفس الشيء على استرجاع المقاولات للرسم على القيمة المضافة "TVA" من الدولة (Crédit TVA)، والذي أصبح يستوجب المرور عبر الأبناك،إذ ستجد المقاولات نفسها مرهونة لدى المؤسسات البنكية بفوائد ومصاريف زائدة رغم أنها بصدد استرجاع ما سبق وأدته كمقابل للرسم سابقا!! باحث في الاقتصاد