بمناسبة تأسيس جمعية "الغولف للسكن والعمل الاجتماعي بالقنيطرة" تقدم المكتب المسير بملف التأسيس لدى باشوية القنيطرة مرفقا بنسخ من بطاقات التعريف الوطنية، إلا أن هذه المصلحة المختصة امتنعت عن تسلم الملف بذريعة عدم الإدلاء بالسجل العدلي لأعضاء المكتب، طبقا لمقتضيات الظهير الشريف رقم 1.09.39 (2009/02/18) بتنفيذ القانون رقم 07.09 الرامي الى تعديل الفصل 5 من الظهير الشريف رقم 1.58.376 الصادر في 15 نونبر 1958 بتنظيم حق تأسيس الجمعيات كما تم تغييره وتتميمه. فبالرجوع إلى مضمون التعديل المذكور الذي ينص من بين فقراته على ما يلي: "يمكن للسلطات العمومية التي تتلقي التصريح بتأسيس الجمعيات إجراء الأبحاث والحصول على البطاقة رقم 2 من السجل العدلي للمعنيين بالأمر، وتضاف إلى التصريح المشار إليه في الفقرة الأولى من هذا الفصل القوانين الأساسية...". من خلال تحليل متواضع للتعديل المشار إليه أعلاه يمكن استنتاج ما يلي: 1- "عبارة يمكن للسلطات العمومية...." تعني أن القاعدة العامة هي إعفاء مكتب الجمعية من الإدلاء بالسجل العدلي والاستثناء هو الحصول على الوثيقة القضائية المذكورة. 2- عبارة الحصول على البطاقة رقم 2 من السجل العدلي لا تعني بالضرورة إحضارها من طرف المعنيين أنفسهم بقدر ما يمكن للسلطة الإدارية نفسها طلبها من المحكمة المختصة. 3- قرار باشوية القنيطرة اتخذ في إطار الاستثناء، في"تجاوز صارخ" للقاعدة العامة التي توخى من خلالها المشرع تليين المساطر وتشجيع العمل الجمعوي كجزء مكمل للدولة والجماعات الترابية المؤسسات العمومية. إن اعتماد الاستثناء من طرف المصلحة المختصة بباشوية القنيطرة عوض القاعدة، يحيلنا إلى التشكيك في "شعار تشجيع المجتمع المدني" الذي مازال يعيش بكوابح أمنية بهذه المدينة الجميلة ، هذه الكوابح قد تخلق نفورا لدى المواطن الراغب في التنظيم ،خصوصا لدى الشريحة التي يستعصي عليها التنقل إلى مسقط الرأس لجلب الوثيقة المطلوبة من المحكمة ذات الاختصاص الترابي ،نظرا لبعد المسافة والانشغال الوظيفي والمهني للمؤسسين بالمدينة. إن تأويل التعديل الذي طرأ على الفصل 5 من الظهير في حدود الأقصى يعيد هذا الفصل إلى أصله ، وإن كانت الغاية من قرار إمكانية الحصول على البطاقة رقم 2 من السجل العدلي يستوجب توفر الشروط الموضوعية والاستثنائية،كالاشتباه في هوية المؤسسين أو أحد أعضائها أو في أهداف الجمعية الواردة بقانونها الأساسي أو في حالة وجود نزاع... لكن تعميم باشوية القنيطرة هذا الاستثناء على جميع الجمعيات عند التأسيس لتجعله قاعدةعامة، في تعارض صريح مع روح التعديل، يجعل منها مؤسسة ترابية بعيدة عن الانخراط في المفهوم الجديد للسلطة عوض نهج إدارة القرب من المواطن وتيسير مآربه المشروعة، فبتعميمها لهذا القرار تزيد من مسافة التباعد بين الإدارة والمواطن وتزرع المزيد من بذور الاحتقان الاجتماعي، بدل التصالح مع الإدارة الترابية التي تعتبر مفتاحا من مفاتيح المواطنة فإن اختلت موازنها اختلت معها موازن المجتمع وتعطلت معها مصالح يمكن تحقيقها في إطار المجتمع المدني، عوض الاتكال على موارد الدولة المتناقصة بفعل تزايد الحاجيات أمام ضعف الموارد العمومية.