مرة أخرى يتجدّد الكلام عن ما بات تنعته أبسط الأقلام والردود ب"ما يسمى بمهرجان أصيلا الدولي" في دلالة على بالغ التنكر والرفض لهذا المهرجان الذي صار "علامة منهكة" على أقصى "فساد سياسي" بالمغرب بأكمله. ولا أعتقد أن عنادا وإفلاسا يحصل، وبالحجم ذاته، على نحو ما يحصل في أصيلا التي صارت واحدة من المدن المهدّدة ب"الانفجار الاجتماعي" في أي وقت من الأوقات بالنظر لحجم "البلوكاح الاجتماعي" الذي تعاني منه اجتماعيا واقتصاديا... وإنسانيا. ومع أن جميع الوقائع ، وعلى أرٍض الواقع، والتي حصلت من قبل ولا تزال تحصل، تطالب "الطاغية" ب"الرحيل"، بل وبالمحاكمة كما في سقف مطالب الساعة، فإنه لا يزال مصرّا على "القبض" على المدينة وبالعناد ذاته وبالفساد ذاته، ودونما إيلاء أي التفاتة تذكر لمطالب الناس الاجتماعية وكأن أصيلا توجد خارج المغرب وليس داخله. ولعلّ هذا ما جعل "الحراك الأصيلي" يرفع شعارات قوية وصعبة تهدّد "الدولة" ذاتها باعتباره آلية الآليات الضامنة للأمن الاجتماعي والواقية في الوقت ذاته من الانفجار الاجتماعي... وكل ذلك حتى يظل شخص، وبما له وعليه، يفعل ما يشاء... وباسم "رافعة الثقافة" التي لا تحتمل، وفي أبسط تعريف أو مسلك، كل هذا "التلاعب المكشوف" و"الارتزاق المفضوح". وعلى الرغم من كل ما حصل ل"طاغية أصيلا الجريح"، ولمهرجانه تحديدا خلال العام الماضي، ومن إذلال جماهيري، وإلى الحد الذي جعله يفر وناجيا بجلده ولحمه ومن "Echantillon" (الأغبر) لا من باب المهرجان الرسمي، فإنه أصّر، هذا العام، على أن ينظم المهرجان نفسه وفي إطار من الاحتقان الاجتماعي الواضح والبادي للجميع. وكما كانت تشير جميع المؤشرات فإن المهرجان ما كان سيمرّ وربما كان سيواجه بحراك واحتجاجات أعنف مما حصل خلال العام الماضي... غير أن اعتقال أحد رموز الحراك الشعبي بأصيلا، وقبل يوم واحد من افتتاح أشغال ما يسمى بمهرجان أصيلا، وإطلاق سراحه بل وخروجه وعلى أكتاف المواطنين من المحكمة في تزامن مع الافتتاح العجب، كل ذلك لا نقول أربك وإنما أسهم في وضع حد لانفجار كان مؤكّدا، ومما كان سيعيد "سيناريو شطيبات العرائش" داخل أصيلا (لا قدر الله ذلك). هذا وأن بعض "الاقتراحات" (غير المعلن عنها) أسهمت بدورها في تهدئة الأوضاع. وكانت "الحصيلة"، وبجميع المقاييس، مهرجانا ليس كباقي المهرجانات فقط، وإنما مهرجان "الديكتاتور الصغير الذي يظل يعتقد في جدواه إلى الربع ساعة الأخير". مهرجان تحت حراسة أمنية مشدّدة، بل إن عناصر الأمن "الحامية" له أكبر من زوار المهرجان ومن الذين من المفروض أن يواكبوه بصدق وبما يغذي العقل والمخيلة. وحتّى "أبواق المهرجان الزاعقة والمألوفة"، وفي علامة أخرى على الإفلاس والكساد، خفَتَ، هذه المرة، "حماسها التبليغي" وإلى الحد الذي جعلهم، وفي أبسط مسلك، لا يجرؤون حتى على حمل "شارة المهرجان". وكم كان سيكون مفيدا لو أن أموال المهرجان، والتي يتم الحصول عليها باسم ساكنة المدينة وباسم كرامتها وبراءتها ومعاناتها المفتوحة، تصرف في ما يدعم "ملفها الاجتماعي" وفي المدار ذاته الذي لا يقصي الثقافة ذاتها وبعناها الإنسانوي الأنبل لا الارتزاقي المترهل، وكم كان سيكون مفيدا وقد يكون هذا هو الأهم بمنطق المرحلة لو تنعم "أصيلا" ب"تحقيق قضائي نزيه"... لأن "إجراءً" من هذا النوع، وفي تصورنا، يمكن أن يعد من الخطوات القانونية على طريق الإصلاح السياسي المنشود بالمغرب ككل؟