السيد الرئيس في ظل الحراك الشعبي العربي أو ما اصطلح عليه سياسيا وإعلاميا بالربيع العربي تحركت ورود الأمل لتنشد الديمقراطية في بلدان كان جفاف الفكر فيها مخيما وجبروت الدكتاتوريات العاتيات قاسيا، وأمام هاته الدينامكية الاحتجاجية وهذا الغليان الشعبي الغير المسبوق عربيا لم يبقى شباب المغرب في معزل عن ذلك. تحرك الجميع من أجل تعميق الديمقراطية ورفع كل أشكال الحيف الاجتماعي والثقافي والاقتصادي فاحتج المغاربة بشكل مكثف لأجل الوطن وبهدف تحصينه وتقوية مناعته ديمقراطيا لكي تتعزز الوحدة ويبقى الوطن دوما متألقا بالمقارنة مع الجوار العربي والإفريقي ولنتطلع في المستقبل لكي نقف في صف واحد مع الديمقراطيات العريقة شمالنا وغربنا. ولأجل ذلك رفع المغاربة في مختلف ربوع المملكة شعارا مركزيا ليسقط الفساد ولنعمق الديمقراطية ولنحمي الوطن وكان الهدف من ذلك اجتثاث المفسدين دون الاكتراث لمواقعهم لكي يتحرر الوطن وننشد المستقبل وأمام هذا الزخم الشعبي الغير المشهود والذي 2حتج من 1جل مطالب كانت حكرا لنضال اليسار المغربي لعقود وأذى من أجلها تضحيات جسام في سنوات القمع والرصاص. أمام هذا الحراك الشعبي استجاب الملك لنبض الشارع، و أنتج المغاربة دستورا تقدميا فتح افاقا للنضال والتدرج نحو الملكية البرلمانية، كما أنه وضعنا جميعا أمام مسؤولية التطبيق الأمثل له والحرص على التأويل الديمقراطي لفصوله من أجل الإصلاح والتأهيل الشامل للممارسة السياسية والعمل على تحديث النسق القانوني المؤطر للسياسات العمومية ليكون في مستوى اللحظة، والقطع مع مختلف أشكال الردة والسلوكيات الغير أخلاقية التي تحكمت في الممارسة السياسية ودبرت الأغلبية الحكومية، ولكي لا تضيع مجددا للمغاربة سنوات أخرى ستسهم في تعطيل تطوير الدولة والمجتمعوحثى لا نعيد تعكير صفو هذا المناخ السياسي الذي انطلق من جديد مثل ما حدث مع حكومة التناوب التوافقي، عبر تحرك جيوب المقاومة لإعادة انتحال نماذج الماضي الأليم ومحاولة ترتيب الحقل السياسي وفق أهوائهم وأهدافهم الضيقة التي ترهن تقدم البلد من 1جل الحفاظ على مصالح نفعية ضيقة كل هذا يدفعنا إلى الحذر في التفاؤل والى التأكيد على ضرورة الضرب بيد من حديد على كل من سولت له نفسه عرقلة المسار الإصلاحي. السيد الرئيس لقد شكل الدستور الجديد قفزة نوعية في مسار الإصلاح والتغيير الذى ركامه المغرب مند حكومة التناوب التوافقي سنة 1998، وكذلك بفضل نضال الحركة التقدمية من أجل الديمقراطية ودولة المؤسسات . كما أن الخيار الديمقراطي الذي رسمه المغرب خلال العقدين الأخيرين عزز الاستقرار ولحمة المغاربة وجعلنا نصمد أمام الرياح التي عصفت بأنظمة استبدادية في الوطن العربي. وكان الفضل الكبير للشباب المغربي في إحراج المتربصين بالتطور الديمقراطي هواة المحافظة والركون إلى أساليب الماضي الأليم في الحكم و تكديس الثروات، وصدحت حناجرهم برحيل هؤلاء المفسدين، عبر رفض مختلف النصوص والمؤسسات التي يستوطنها هؤلاء أو يلتفون حولها لاستنزاف الثروات و التهرب من المسؤوليات وأمام هذه الطموحات الشعبية برزت في الأفق من جديد سلوكات لا تخدم المسار التقدمي للوطن وتطرح أكثر من علامة استفهام حول الحريات، حول استمرارية المرفق العمومي، حول مبادرات الحكومة للاجثتات الفساد أينما حل وارتحل دون ميز أو تمييز، حول صلاحيات المؤسسات والتوازن في اقتسام السلط بينها . سيدي الرئيس المحترم، لا أحتاج الآن لتذكيرك بموقفك المشكك الذي عبرت عنه من خلال حزبك حول الحراك الشعبي يوم 20 فبراير وقمت بوصفه بأوصاف لا تليق بمكانة رجل سياسة مؤهل ليقود مؤسسة تنفيذية، بل 2ن التاريخ من سيتذكر. ومع ذلك انتخبك جزء هام من الشعب لتكون رئيس الحكومة الجديدة حكومة دستور2011 حكومة الصلاحيات الواسعة، واسمح لي أن انبهكم الى العديد من المؤشرات التي تحمل دلالات قوية لشيء ما يحدث في الخفاء و يدبر لنكوص في الديمقراطية، و يؤسس للتراجع ليظل المغرب على ما هو عليه. ومن هنا يا رئيس الحكومة؛ ف2ن المقاربة الأمنية التي تعتمدونها اليوم لمعالجة الملفات الحساسة المطروحة على حكومتكم - التشغيل، احتجاجات الطلبة، أحداث تازة وغيرها- تشكل تراجعا خطيرا على مستوى دستور الحريات الذي لأول مرة شدد عليها المغاربة في بنود دستورهم الجديد بشكل واضح، بل الأخطر من ذلك أن تغير تسمية مجموعة من الوزارات لشمل مفاهيم مواطنة وبعد ذلك نعمل بأسلوب السبعينيات لقمع أصحاب المطالب العادلة فأنه يعتبر نوعا من المقامرة برمزية الدولة وبهبة مؤسساتها. لقد انتخبت لكي تعيد الاعتبار لمؤسسة الحكومة كسلطة تنفيذية و لم ينتخبك المغاربة لتفوت صلاحياتك لمؤسسة أخرى لها مكانتها الاعتبارية داخل المجتمع وليست محط تشكيك بل هي في موقع متقدم في اذهان المغاربة وتحتاج لرجال دولة باستطاعتهم تخفيف أعباء الحكم عنها وتفعيل أدوار المؤسسات الأخرى باعتبارها مرافق عمومية تعمل من اجل المواطن لكي يستقر الوطن. كما انكم لم تنتخبوا لكي تمارس ديكتاتورية الأغلبية وتجحف في حق مؤسسة شعبية منتخبة لممارسة حقها في مناقشة القوانين وتعديل المقترحات التي تعدها حكومتكم تحث ضغط اكراهات لا تعلمها إلا أنت وحدك. السيد الرئيس المحترم لم يخترك بعض المغاربة لتجهز على الحريات، ولتنمط الثقافة والإعلام العمومي، وتفرض ذوقك الخاص على المغاربة وفق مرجعيتك الماضوية، بل انتخبوك لتحصن كرامتهم، وتحترم تعدد تراثنا الانساني المختلف الذي يجدد التأكيد على خصوصيات المغاربة كشعب كان دائما متصدي لثقافة المشارقة المتطرفة. أتمنى أن تكون في مستوى اللحظة التاريخية التي يمر منها الوطن، وتعمل من أجل التحرر من رواسب الماضي، ونتوجه جميعا نحو المستقبل ليتكرس الاستثناء المغربي. فالمغاربة لن يستمروا في قياس مدى تقدمهم عبر الجوار العربي أو الإفريقي، ولن يقبلوا أن يظلوا بلدا في مصف البلدان الثالثية، إنهم يتطلعون لأن يكون الوطن في مصاف الدول الديمقراطية شمالا وغربا. نأمل السيد الرئيس أن ينعم الجميع بالعدل والمساواة والحرية، ان تفكر ونفكر جميعا في 2يجاد أجوبة حقيقية لاحتياجات للمجتمع، ومعالجة كافة الأمراض الاجتماعية لكي تتحقق العدالة الاجتماعية وتنتج أجيال المستقبل في وطن بمواصفات أخرى اكثر تقدما واستقرارا وفي أجواء لن تفرض عليهم النزول مجددا الى الشارع للمطالبة بمطالب بسيطة كان نضالنا اليوم من أجلها صعبا . حين ذلك الزمن الذي ليس بالبعيد، سيتذكرك المغاربة بحس اكبرا ذا ما توفقت في مهامك وساهمت من موقعك في فرض التغيير وتقديم لمسات اضافية لتعزيز الديمقراطية وترسيخ دولة المؤسسات، انذاك السيد الرئيس ستدخل نادي الشخصيات الوطنية التي بصمت تاريخ المغرب من أمثال عبد الله ابراهيم وعبد الرحيم بوعبيد والمهدي بن بركة وعبد الرحمان اليوسفي والقائمة طويلة، رجال أنجبوا لهذا الوطن قيما نبيلة سيظل المجتمع يتذكرها رغم مكر الزمن وكيد الكائدين سيظل هؤلاء أعزاء في ضمير الوطن. أما 2ذا اخترت الحلول السهلة، وخيبت أمال الوطن واخترت مجارات الرياح العاتية واستسلمت لجيوب المقاومة، فلن يتذكرك المغاربة وستبقى مجردوزير من وزراء المغرب السابقين الذين حمله القدر 2لى هذا المنصب السياسي الهام،وستظل دار لقمان على حالها وسنستمر في النضال 2لى يوم النصر المعهود اليوم الذي سيتحرر فيه كل المغاربة من القيود لأجل وطن يتسع للجميع وسيتأكد جليا وبالملموس أنكم سرقتم نصرا ليس لكم بل هو لأعزاء أحبوا هذا الوطن في الماضي والحاضر والمستقبل أعزاء حملوا رسالة ودفعوا الثمن غاليا. عضو المكتب الوطني للشبيبة الاتحادية