على هامش تصريحات نبيل العربي لجريدة الخبرالجزائرية لقد شكلت القضية الوطنية منذ أواسط السبعينيات قضية اختلاف بين بين طرح الطبقة الحاكمة المهادن والمتخادل في استكمال واقرار السيادة الوطنية في الشمال والجنوب والشرق، وبين طرح الحركة الاتحادية الأصيلة ومن بعدها حزب الطليعة الديمقراطي الإشتراكي، كامتداد لحركة التحرير الشعبية، من خلال ربطه الجدلي بين السيادة الوطنية والسيادة الشعبية، فرغم القمع والاستبداد والتامر الداخلي والجارجي، فقد ظل هذا الموقف الوطني التحرري صامدا ووفيا دون أن ينخدع لشعارات البؤر الثورية التي رفعها رفاقنا الأوائل قبل أن تتم تصفيتهم بعد دخول النطام الجزائري على الخط، وتحويل نضال الشباب الصحراوي دون العمق الوطني التحرري، إلى حركة انفصالية مدعومة من عدة دول في المعسكر الشرقي على رأسها الاتحاد السوفياتي، وكانت الرسالة التي وجهها الشهيد عمر بن جلون الى حزب لينين، ردا على الدعم اللامشروط لحركة الانفصال في الصحراء ووضعها في مصاف حركات التحرر العالمية، في غاية الوضوح للموقف الثوري التحرري، باعتبار دعم حركة انفصالية في الصحراء خطأ استراتيجيا يستهدف حق الشعب المغربي في تقرير مصيره وعرقلة أمام استكمال مهمة التحرير، في حين كان للنظام المخزني استراتيجية نقيضة ومعادية من خلال مشروع قرار التقسيم الذي تم التفاوض بشأنه مع الاحتلال الاسباني بخصوص الصحراء والتسليم الكلي لجزر الخالدات، التي أصبحث تسمى "جزر الكناري" على غرار ما قام به الاحتلال الصهيوني لفلسطين بتغيير اسماء المدن الفلسطينية، هذا إضافة الى الاتفاق الذي تم مع نظام بومدين بخصوص المناطق الشرقية التي ظمت الى الجزائر، كل ذلك من أجل الاعلان عن المسيرة الخضراء وتحويل الهزائم الى بطولات لتكتب بمداد من فخر للطبقة الحاكمة، وهو ما عارضه الشهيد عمر كذلك مما كلفه حياته. إن تعقد هذا الملف وظهور مواقف متعارضة بين مساند ومعارض في الداخل والخارج، بل وحتى وسط قوى اليسار الجديد، إنما جاء نتيجة تأرجح مبادرات الحكم واستفراده بالقرارات ذات الصلة، وأصبح الموقف الوطني التحرري يوضع في مصاف "التحالف المخزني" كما هو الشأن لموقف حركة 23 مارس والحركة الاتحادية الأصيلة وامتدادهما في حزب الطليعة، في حين ظل موقف حركة الى الأمام ومعها بعض التنظيمات اليسراوية، بمثابة "الموقف الثوري"، وتم التسويق الخارجي والدولي بشكل واسع للطرح الانفصالي، مستغلا ضعف وأخطاء الديبلوماسية الرسمية للدولة، وماصاحب ذلك من معارك دونكيشوطية في المحافل الدولية، بحيث بمجرد ما يتم الاعلان عن سحب الاعتراف بالدولة المزعومة، حتى يتم الاعلان عن تأييد جديد، أخرها أمين عام جامعة الدول العربية، فإلى أين نسير؟ وماهي خلفيات هذه التصريحات؟ بهذا المعنى يريد السيد العربي أن يضاعف عدد الدول في الجامعة العربية ليتربع هو ومن سيأتي من بعده على عرش جامعة الأربعة والأربعين حرامي، فلم يعد عدد 22 دولة التي أفرزتها معاهدة سايك بيكو يكفي لممارسة التسلط والاستبداد والجثوم على صدور الشعوب العربية لعقود أخرى، لذلك فإنه يطمح الى مضاعفة عدد الدول باسم حق تقرير المصير، وهو حق أريد به باطل، وهكذا سنجد أمامنا شعوبا جنوبية وشرقية وحتى جنوبية وشمالية في أطراف كل دولة من الدول العربية تطالب بحق تقرير المصير الوهمي، والعربي ومن نصبه من الرؤساء والملوك والأمراء أمينا لهذه الجامعة ، لم يتفقوا يوما ولم يكونوا على رأي واحد، إلا في الإجماع والتعاون على تطوير وتحديث اليات القمع والبطش ضد شعوبهم، ونبيل العربي اليوم عازم على تطبيق الحديث الشريف" تناسلوا تكاثروا فإني أباهي بكم يوم القيامة"، أما القضايا العربية الأساسية وعلى رأسها القضية الفلسطينية، فقد ظلت مؤجلة ومعروضة في سوق النخاسة من التبعية السياسية والاقتصادية منذ عقود ومنطرحة في المزاد العلني للقوى الامبريالية والصهيونية، أما الشعوب العربية ومن ضمنها المغرب، فإنها مازالت تناضل من أجل حق تقرير مصيرها في قيام ديمقراطية حقيقية وفي استئصال ورم الاستبداد والديكتاتورية اللذين أنهكا الجسد العربي، وجعلوا من الانسان فيه أسطورة القهر الأبدي، وانسجاما مع تحليل نبيل العبقري، فيجب أن لا ينسى حق "الشعب الصعيدي" و"شعب سيناء" في تقرير مصيرهم، أما حق" الشعب الصحراوي" المفترى عليه، فاننا نقول له ولأسياده في قصر المرادية، نعم نحن مع حق تقرير المصير للشعوب، ولكن على شرط أن يكون بنفس الطريقة التي تقرر بها حق الشعب الجزائري في تقرير مصيره في ظل الاحتلال، فقد كانت الجزائر الشقيقة تعتبر مقاطعة فرنسية، وكان للقرار التاريخي لرئيس الجمهورية الخامسة دكول القول الفصل من خلال الاستفتاء الذي عرض على الشعبين الفرنسي والجزائري، تحث تصاعد المقاومة، فكان استقلال بلد المليون شهيد، أما بلد عبد الكريم أسطورة معركة أنوال، وملحمة المهدي وعمر، فقد بقي بدون استقلال كامل في الشمال والشرق والغرب، ورغم وجود الفارق بحكم التاريخ والجغرافيا والواقع المعاش، فسنقبل بنفس الطريقة إذا كانت ترضي الجميع، على أن يستفتى الشعب المغربي قاطبة في الداخل والخارج، وتحت اشراف دولي نزيه تختارونه بمعرفتكم، حول الحق في السماح ببقاء الأراضي المغربية التي اقتطعها قوى الاستعمار الفرنسي قبيل الحماية وضمتها للجزائر كما هي الأن، وكذلك حق المغاربة الصحراويون في التمتع بدولة مستقلة في الصحراء، وفي عدم التنازع في الجزر المحتلة، وفصل المدينتين المحتلتين سبتة ومليلية باقتلاع تربتهما من القارة الافريقية وتلحيمهما بالقارة الأروبية، عندها لا يمكن أن يجادل أي ديمقراطي في حق تقرير المصير، بحيث لن يبقى مزعوما كما هو الحال، بل سيصبح حقيقة لا تهزم.