لا يزال، وحتّى الآن، 'نمط المثقف الشعبوي' يفرض حضوره، وبوتائر متزايدة ومتسارعة، داخل الفضاء العام بالمغرب. وهذا على الرغم من إصرار الكثير من المشتغلين ب'موضوع المثقف' على عدم الاقتراب منه أو بالأحرى يتفادون الحديث عنه وكأن في مجرد أي نوع من الحديث عنه ما يزكي هذا الأخير، ويؤكد بالتالي انتسابه لحقل الإنتاج الثقافي وسوق الثقافة... وجوقة المثقفين التي لا تزال تحيط نفسها بالكثير من الأوهام وفي مقدمها 'وهم المثقف' ذاته ولا سيما من ناحية الصورة التي يرسمها هذا المثقف لذاته و إن في إطار من التخييل الطهراني والرسولي. وفي جميع الأحوال، أو بالأحرى في غمرة الكتابات عن المثقفين، لا نزال لا نعثر عن التحليلات المسهلة والمقنعة التي تنتقد المثقف الذي أحاط ذاته بهالة من 'الانغلاق الفكري' بدليل أن مهامه تنحصر في 'النقد' (الفلسفي) الذي هو علامة على 'العصر' الذي نعيش فيه. وحتى 'التقويم'، وعلى النحو الذي بموجبه يتأكد الحكم والحكم المضاد، لا يأتي، وفي حال إذا ما أتى، إلا في المرحلة التالية للتحليل (تفكيك العناصر) و'التفسير' (استنطاق العلاقات التي تصل ما بين العناصر سالفة الذكر). والظاهر، أو بالأدق ما هو في حكم المؤكد، أن المثقف، وباقتناعه هذا، فاته أن يعي أنه صار يزداد انغلاقا كلّما صار يمعن في قناعته هاته. والأهم أنه صار يزداد ابتعادا عن 'الواقع'، بل وصار يزداد انسلاخا عن الواقع أو بالأحرى واقعه الذي من المفروض أن يتشابك معه وعلى نحو مثمر ومنتج وبمعزل عن أي لوثة من 'الاستعلاء الأكاديمي' أو 'الترفع الفكري'. ذلك أنه حتى الأكاديميا لم تكن، في عصر من العصور، تعلو على مشكلات الناس والمجتمع والعصر بصفة عامة عدا في ظل بعض التصورات التي تتستَّر على 'خوائها المعرفي' من خلال ادعاء الانخراط في 'حرب المناهج' و'كرنفال النظريات'. وفي هذا المناخ أخذ 'المثقف التكنوقراطي' في التخلّق والتشكّل والاستبناء إلى أن صار علامة (فوقية، طبعا) على 'المرحلة'، ودونما وعي بأن هذا النمط كان مرغوبا فيه من قبل الدولة ذاتها طالما أن مناط تشكلّه كان في المدار ذاته الذي ضمن للدولة ذاتها بأن توسِّع من 'هجمتها' وعلى النحو الذي جعلها تمسك بالحقل الثقافي وفي المنظور الذي لم يترك حقلا أو قطاعا من قطاعات المجتمع إلا وصار تحت 'هيمنة الدولة'. وكانت النتيجة فكر لا يفارق دوائر 'الترف' و'التلذذ' وداخل مجتمع ما انفكت شبكاته الاجتماعية التواصلية التحتية تتزايد في الاتساع وعلى نحو لا يفارق أي نوع من البحث عن مثقف من نوع آخر يصل نبض الثقافة ب'الإسمنت الاجتماعي' تبعا للمصطلح الذي ساد في فترات الغليان الإيديولوجي. ففي هذا السياق، المتداخل والمتدافع والملتبس والضاغط، سيبرز المثقف الشعبوي، وعلى النحو الذي سيربك المثقف النقدي الذي تصور أن مفارقة الإيديولوجيا الضامن الأوحد للانتماء للعصر الذي صار من علاماته المائزة التعددية الثقافية ونهاية الإيديولوجيا ذاتها وزوال اليقين وزوال اللغات الأحادية... ممّا جعله يخلي السبيل ل'لاعب جديد' سرعان ما سيكشف عن حضوره الزاحف والجارف في ظل مناخ أخذ يشكك في المثقف النقدي، بل ولا يفسح له مكانا في 'عالم الخطاب'، خصوصا وأن هذا المثقف الأخير كان، وعن قصد، قد قطع مع التعاطي ل'الألغام الثقافية' التي تستأثر بالمجتمع، بل إن هذا الأخير كان أحد المسؤولين عن 'الشيوخ والوحوش' (كما نعتناهم في مقال سابق) من الذين استأثروا بالحقل السياسي والثقافي ذاته وكان أحد المساهمين في 'صناعة الطاغية' الذي كان أوَّل من أمعن في 'تحقير المثقف' عن طريق ما راح يقدمه له من 'فتات' و'نتف' ودونما أدنى سؤال حول 'مصادرها'. وفي الحق فإن صنفا من النوع الأخير لا يمكن مجابهته إلا من خلال مثقف شعبي لاعتبارات عديدة أهمها طابع 'المواضيع' التي يرتمي في نيرانها هذا المثقف ودونما تقدير ل'المسافة' التي ينبغي اتخاذها تجاه هذه المواضيع في أثناء 'المقاربة' وعلى افتراض أننا نكون بإزاء مقاربة في حال هذا المثقف. غير أنه، وقبل، أن نشرع في تبيان محدودية هذا الأخير، لا بد من التذكير بمدى انتساب هذا الأخير لنمط المثقف وعلى النحو الذي يعيد صراع الأنماط في هذا الصدد. هذا ولا ينبغي أن نتحرّج من أنه حتى في الغرب، في بريطانيا تعيينا، باعتبارها مهد النقد الثقافي والدراسات الثقافية، ثمة مثقف شعبوي أو أنه ثمة مثقف يتكلم بلغات شعبوية، مثلما أن هناك تصورات وأكاديمية أيضا تنظر إلى الخطأ في الكتابة باعتباره علامة على النقد الثقافي بل وعلى المرحلة ذاتها. وحتى داخل فرنسا أثير النقاش حول 'المثقف الشعبوي' أو 'المثقفين الشعبويين' (بصيغة الجمع) وباعتبارهم 'مفارقة خلاقة' (Paradoxe Cr'atif)، وعلى نحو ما تجسَّد في مجالات عدّة من مثل الصحافة والفن والسرد. والأهم 'نجاح' هؤلاء، بل وهيمنتهم على 'ميدان النقد الاجتماعي'. وألم يكن 'النجاح الشعبي' مطمحا بالنسبة ل'المثقفين التقليديين'؟ وبالنظر إلى ما حصل، ولا يزال يحصل، وسواء في المغرب، أو العالم العربي بعامة، ومن تحوَّلات وتبدَّلات أرغمت الطغاة ومن الكبار والصغار على الركوع والانسحاب، لا يملك المحلِّل والمهتم والملاحظ إلا أن يستقِّر على الدور الذي لعبه المثقف الشعبوي الذي نزل للشارع، بل وكان أحد العوامل التي أسفرت عن التحول الذي حصل في مفهوم 'الشارع' من ممر للعبور إلى موطن للاحتجاج وصوغ المطالب الكبرى وفي مقدّمها مطلب خلع الطغاة واجتثاث الفساد والمفسدين. وقد يعترض البعض، هنا، ب'حجة' أن المثقف لا يمكنه أن ينساق مع 'الشعب' في مطالبه الشعبوية التي لا تحد؟ وهو ما يمكن الموافقة عليه ولا سيما من ناحية ما يمكن نعته ب'الحضور المستقل للمثقف' أو 'عمل المثقف' على مستوى إنتاج الأفكار التي تسهم في 'توجيه الإنسان' و'صناعة التاريخ'. ولكن: أليس المشكل، وفي العالم العربي بصفة عامة، كامن في الاستبداد ذاته؟ وإلى أي حد يمكن للمثقف النقدي أن يخلد للصمت؟ وأليس 'الصمت عن قول الحق بمثابة نطق بالباطل' تبعا للتقليد العربي التراثي لكي لا نظل نتكلم بلغة الغرب فقط؟ وألا يحق لأحد شعراء الشعب المصري، أحمد فؤاد نجم، ومن هذه الناحية بالذات، أن يقول عن المثقف (وساخرا) في إحدى قصائده: 'يعيش المثقف على مقهى الريش يعيش يعيش يعيش محفلظ مزفلط كثير الكلام عديم الممارسة عدو الزحام...'. ففي هذا الإطار أتيح للمثقف الشعبوي أن يفرض 'حضوره' (الاجتماعي، تعيينا)، بل وأن يبرز على نحو غير مسبوق في السياق العربي الضاغط. ولا أوافق الباحث الأكاديمي خالد الحروب (والذي أعتز، وللمناسبة، بكتاباته حول 'المثقفين') عندما يذهب إلى القول في مقاله 'خيانة المثقف' (وهو متداول في شبكة الاتصال الدولي): 'في الساحة العربية الآن هناك نوعان من المثقفين: هناك المثقف الشعبوي، الانتهازي وبائع الوهم، والمثقف العقلاني، التنويري وقائل الحقيقة حتى لو كانت ضد قومه وجماعته، ومهما بلغت مريرة'. ولا يهمنا، هنا، أن نعترض على 'الصفات' فقط (والتي يمكن 'تعويمها' وطردا وعكسا؛ وهو ما لا يخفى على الحروب نفسه) بقدر ما يهمنا أن نشير إلى أن المثقف الشعبوي، ومن وجهة نظر 'التفسير التاريخي' و'سوسيولوجيا المعرفة' بصفة خاصة، هو إفراز لبنيات المجتمع العربي وأنظمته الداخلية. والمثقف الشعبوي لا يهمه الذين نظّروا للمثقف، لا يهمه جوليان بندا وأنطونيو غرامشي وإدوارد سعيد وجان بول سارتر، ولا تهمه حروب الثقافة والمثقفين، ولا النظريات الكبرى والأنساق المتقاطعة. ما يهمه هو 'القاع الاجتماعي اللاهب' للأشياء. ومن هنا كان دوره السياسي الذي مكَّنه من أن يهيمن داخل عالم الخطاب. الخطاب الذي صار المجتمع ذاته مجلى له. وإلا ما هي الرموز التي صارت مهيمنة الآن؟ فلا يمكن أن نعثر على جواب إلا من داخل ما ينعته الأنثروبولوجيين ب'المخيال الاجتماعي'. فقد صار المرتكز في التفاعل هو هذا المخيال، وليس شيئا آخر على نحو ما كان يحصل في فترات سابقة. فالناس لم تعد تفكر بمنطق الجامعة وأندية السينما والجمعيات الثقافية الملتزمة... إلخ. لا يهمها ما كتبه علال الفاسي وعبد الله كنون والمختار السوسي، ولا ما كتبه العروي والجابري من بعد، ولا ما يكتبه الطوزي والحمودي... الآن والظاهر أن المهدي المنجرة كان الأقرب، ولا يزال، من الشباب من الذين أتيح لهم التمدرس في الجامعة. وقد تحقَّق للمنجرة هذا التداول بسبب من لغته المباشرة والعارية، وعلى الرغم من الأرقام والإحصائيات التي تلازمها. ولم يكن غريبا أن يعدّه البعض أحد الممهِّدين ل'الربيع المغربي'، ولم يكن غريبا أن ترفع صوره في التظاهرات الصاخبة التي شهدها المغرب في نطاق ما يعرف ب'حركة 20 فبراير'، وكما لا تزال 'نبوءته السياسية' من أن تكون 'الأمور أقل دموية بالمغرب' الأقرب من 'التحليل السياسي' و'التخمين السياسي' في الوقت ذاته. إن الزمن الذي نعيشه الآن هو 'زمن الفايسبوك'، ولا نستغرب وكما ورد في إحصائيات أخيرة من أن 16 مليون في المغرب يستعملون الفايسبوك. وهو رقم مدهش، ورقم جدير بأن يسعف على تصوير 'طبيعة الكارثة' (بمعناه المصاغ في العلوم الاجتماعية) التي تجتاح المغرب وتعتصر شبابه، وهو رقم جدير بأن يؤكد على 'خطاب معين' وبلائحة مطالب معينة. ولذلك فإن الأقلام أو الأسماء التي كتب لها أن تتداول، وعلى نطاق واسع، هي تلك التي أفادت من 'الفايسبوك' في صياغة خطابها. وقد حصل ذلك حتّى في غيبة من الوعي لدى البعض ممن سيكتب لخطابهم نوعا من الانتشار والتداول. وكما كتب البعض 'نحن نعيش زمن من الفايسبوك إلى الناس بوك' في دلالة على 'الإعلام الاجتماعي الساخط والبديل'. وقد بدا واضحا أن المثقف الشعبوي هو من سيتواجد في الصف الأمامي من المواجهة، وراح بالتالي ينتقد لكن ليس على طريقة العروي أو الجابري، بل وراح ينتقد وعلى نحو لا يبدو فيه أي نوع من الاستلهام من مفكر أو نظرية أو منهج. فحتى 'التحليل' ينتفي لفائدة 'الكلام المباشر' و'الزاعق' في أحيان وأحيان كثيرة. وقد ساعد الإعلام المكتوب، كثيرا، هذا المثقف على مستوى صياغة 'خطابه العام'، ولا سيما من ناحية 'الصحافة المستقلة' أو 'الحرة'. ومن هذه الناحية فتحت ملفات مهمة وكان من غير الممكن حتى الاقتراب منها في فترات سابقة. وكان من الطبيعي أن تنال شخصيات عامة، وفي مجال السياسة في الأغلب الأعم، نقدا لاذعا كان موضوع اختلاف ورفض من قبل كثيرين بدليل أن 'دور' الإعلام لا يلخَّص في 'التخريب'. لقد خطف المثقف الشعبوي الأضواء من المثقف النخبوي المتعالي الذي تراجع عن الاضطلاع بمهام المثقف النقدي الذي يحرص على أن يسمع صوته 'رنَّانا' بتعبير إدوارد سعيد في كتابه 'صور المثقف'. ولم يجد المثقف الشعبوي أدنى حرج في الكلام بلغة عارية ومباشرة... وحتى غير أنيقة، ومع ذلك أخذ صوته يسمع 'رنانا ورنانا'. الأهم هو 'الرسالة' التي يسعى إلى تبليغها مع أن المواضيع التي أقبل على الخوض فيها أصعب ما يكون، ولا يمكنها إلا أن تفضي إلى 'البلقنة' و'الكراهية'، وعلى نحو ما أكدنا في مقالنا حول 'نقد ثقافة الكراهية'. وفي هذه الحال، ومن حيث هي حال مجافية للقانون والمؤسسات وقبل ذلك الأخلاق، يلوح خطر المثقف الشعبوي وعلى النحو الذي يجعل منه إحدى الحالات التي تضاف إلى الحالات المرضية. ذلك أن المثقف الشعبوي، هنا، لا يهمه إلا التصفيق الشعبوي واستعمال الهياج الشعبوي... وفي المدار الذي يجعل من الشعب وقودا ومن الشعبوية تحريضا وكراهية وحتى عنصرية،. وخطره كامن من ناحية النظرة الأحادية التي يجهد، وبكثير من المكر والمراوغة، على ترسيخها في 'العوام'. ولذلك عندما يتحدث عن الدين وجدناه لا يميِّز بين الدين في حد ذاته وما ينتج حول الدين من 'خطابات بشرية' تختلط بالتشييج والتهييج، وعندما يتحدث عن السياسة وجدناه لا يميز بين الدولة والتسلطية... وعندما يتحدث عن المثقف النقدي وجدناه يكيل له الأحقاد. ومن ثمّ يزاول 'مهامه السياسية' التي لا تحيد عن 'التأزيم': تأزيم الحس السياسي بدلا من تنقيته وتأثيثه وتنشيطه وتنميته... بالأفكار والحكم والأمثال والعناوين والاقتباسات والشذرات والإضاءات... إلخ. في هذه الحالات يسعى المثقف الشعبوي إلى الظهور بمظهر 'فانون الشعوب المضطهدة' في حين أنه يجافي ذلك، طالما أنه يصرّ على امتلاك الحقيقة المطلقة وفي المنظور الذي لا يفارق الأصولية والجوهرانية والتصورات الأحادية. وعلى هذا المستوى يتراجع 'السند الاصطلاحي' ذاته لمفهوم 'الشعبي' الذي يشير، وفي إحدى دلالاته البارزة، إلى 'الشيء واسع الانتشار' و'المقبول بصفة عامة'؛ بل ويتم تجاوز ذلك كله نحو الهيمنة والاستحواذ... وحتى المحو و'الاغتيال البلاغي'. فالمثقف، هنا، وبدافع من 'التأثير'، يتجاوز الشعبوية ذاتها نحو الزعامة بل والنخبوية ذاتها. فالمشكل المطروح لا يخلو من مخطط الصراع حول المواقع. وأعتقد أن غسان رفاعي يلخص المشكلة، هنا، عندما يقول في مقاله 'آفاق... بين الشعبوية والشمولية': 'فالشعبوية ليست نقيضاً للنخبوية، بل للتعددية والتسامح والديمقراطية'. ويتضاعف المشكل أكثر حين يصمت المثقف النخبوي، ويترك بالتالي المجال للمثقف الشعبوي بمفرده حيث لا مجال للنقد والنقد الذاتي وللأفكار والأفكار المضادة عدا سيف الكراهية ونيران الحقد. وليس هناك ما هو أخطر من أن يصير المثقف الشعبوي 'علامة'، وبمفرده، على المرحلة التي يتطلب 'فهمها' و'تدبيرها' قدرا لا يستهان به من 'التقدير النقدي' ومن 'الأخلاق' أيضا (كما أسلفنا قبل قليل). فالمجال القيمي لا يزال مطروحا وعلى الرغم من مجمل المتغيرات والتبدلات التي صارت في اتجاه تعميق حب التملك والاستهلاك. ف'التوافق القيمي'، وكما يطالب به البعض، ومن المثقفين والمفكرين والملاحظين، يستلزم جهود الجميع، مثلما يستلزم الإنصات للجميع، وعلى النحو الذي لا يفضي إلى التخندق في هذا التيار أو ذاك أو خدمة هذا التيار ضدا على تيار آخر. ومن ثم يتحتم إسهام المثقف النخبوي في النقاش العام، ودون أن نطالبه بأن يقوم بدور البطل أو الملاكم. ذلك أن الرهان، هنا، هو على الأفكار. فالمثقف مطالب بدوره بأن يعتقد في جدوى 'المعلق الثقافي' من خلال 'المقال النيّر' و'المدروس'. والكاتب وبمجرد أن ينشر مقالا يكون قد انخرط في الحياة السياسية إذا جاز أن نذكِّّر بعبارة جان جنيه التي يذكرنا بها إدوارد سعيد في كتابه 'صور المثقف'. *ناقد وأكاديمي من المغرب