قدّم الرئيس الجزائري الانتقالي عبد القادر بن صالح في خطاب مساء الأربعاء عرضاً جديداً للحوار “تقوده شخصيات وطنية مستقلة” ولا تشارك فيه الدولة أو الجيش وذلك بهدف “أوحد” هو تنظيم انتخابات رئاسية في أقرب الآجال. وقال بن صالح إنّ الحوار الذي “سيتم إطلاقه من الآن، ستتمّ قيادته وتسييره بحرية وشفافية كاملة من قبل شخصيات وطنية مستقلّة ذات مصداقية” وبغية “إبعاد أي تأويل أو سوء فهم” فإنّ “الدولة بجميع مكوّناتها، بما فيها المؤسسة العسكرية لن تكون طرفاً في هذا الحوار وستلتزم بأقصى درجات الحياد طوال مراحل هذا المسار”. وهذه ثاني دعوة للحوار يعرضها بن صالح في أقلّ من شهر، وهي تأتي قبل أسبوع من نهاية فترة الرئاسة الانتقالية في التاسع من يوليو الجاري، حيث كان يفترض أن تجري انتخابات رئاسية في الرابع من الشهر لكنّها ألغيت لعدم وجود مترشحين. وسبق للحركة الاحتجاجية غير المسبوقة أن رفضت العرض الأول للحوار الذي قدّمه بن صالح في 3 يونيو من أجل الوصول إلى توافق على تنظيم انتخابات رئاسية أيضاً، وذلك بتنظيمها خلال تظاهرات حاشدة طالبت برحيل كل رموز النظام قبل الدخول في أي حوار حول تنظيم الانتخابات. ويطالب المحتجون برحيل كل رموز النظام، بدءاً من بن صالح ومروراً برئيس الوزراء نور الدين بدوي ووصولاً إلى رئيس أركان الجيش الفريق أحمد قايد صالح الذي أصبح عملياً الرجل القوي في الدولة منذ استقالة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة في 2 أبريل. دعوات للتظاهر دعت شحصيات جزائرية الاربعاء المواطنين للمشاركة بكثافة في تظاهرات في يوم الجمعة العشرين ضد النظام والذي يصادف الاحتفال بالذكرى ال57 لاستقلال الجزائر، إضافة إلى صدور دعوات مماثلة على مواقع التواصل الاجتماعي. وجاء في نداء مسجل في شريط مصور تم بثه على الانترنت “ندعو كافة فئات الشعب الجزائري للخروج جماعيا وبكثافة يوم عيد الاستقلال المصادف للجمعة العشرين من الحراك لنجعل من 5 يوليو تجسيدا لتحرير الانسان بعد تحرير الأرض” من الاحتلال الفرنسي في 1962. وشارك في تصوير الشريط أكاديميون ودبلوماسي سابق ومحام ومسؤول حزب صغير، قاموا الواحد تلو الآخر بقراءة “نداء للشعب الجزائري” إلى “الحفاظ على سلمية ثورته وشعبيتها ووحدتها ووطنيتها”. وموقعو النداء هم المحامي والحقوقي مصطفى بوشاشي والفقيهة الدستورية فتيحة بن عبو والوزير والسفير السابق عبد العزيز رحابي والباحث الاجتماعي ناصر جابي والمتحدث باسم حزب الاتحاد من اجل الديموقراطية الاجتماعية كريم طابو والناشط السياسي سمير بلعربي. وندّد هؤلاء ب”الاعتقالات” التي طاولت متظاهرين في الأسابيع الماضية، كما طالبوا “السلطة القائمة باتخاذ كل الإجراءات والقرارات في اتجاه التهدئة، كتعبير حقيقي في فتح الحوار للخروج من الانسداد السياسي السائد”. وتزايدت النداءات للشعب الجزائري، عبر مواقع التواصل الاجتماعي، للخروج في “أكبر مسيرة في التاريخ” وجعل يوم الجمعة ال20 على التوالي منذ بدء الاحتجاجات في 22 شباط/فبراير، “جمعة التحرير”. ونشر ناشطون صورة لافتة عبر موقع تويتر كُتب عليها “الجميع في الشارع من أجل يوم جمعة من الاستقلال الحقيقي الذي سيُشيد دولة قوامها العدالة والحرية والكرامة”. ودعت كل جزائري “يجب الخروج يوم 5 يوليو!” . كما دعت تغريدة أخرى إلى جمع “ملايين المتظاهرين” يوم الجمعة. وهذا هو يوم الجمعة الأخير قبل تاريخ 9 يوليو، المحدّد لنهاية فترة الرئاسة الموقتة، التي بدأت بعد استقالة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة في 2 أبريل، تحت ضغط الحركة الاحتجاجية غير المسبوقة التي أصبحت تطالب برحيل كل رموز السلطة السابقة ونظام سياسي جديد. وأمام استحالة تنظيم الانتخابات في الرابع من يوليو كما أعلن عنها الرئيس الانتقالي عبد القادر بن صالح، لعدم وجود مرشحين، سيبقى الاخير في منصبه بعد انتهاء الفترة المحدّدة بتسعين يوما، حتى تسليم السلطة للرئيس المنتخب، علما ان موعد هذه الانتخابات لم يحدد يعد. وتأتي نداءات التظاهر في وقت شدّدت السلطة من لهجتها ضد المحتجين خلال الأسابيع الأخيرة. وتم اتهام أكثر من ثلاثين منهم ب”المساس بوحدة الوطن” وتم حبسهم في انتظار محاكمتهم لأنهم رفعوا الراية الأمازيغية خلال التظاهرات، خلافا لأوامر رئيس الأركان الفريق أحمد قايد صالح الرجل القوي في الدولة الذي دعا إلى رفع العلم الجزائري فقط. وفي رسالة للنيابة العامة تلقتها وكالة فرنس برس اكد أكاديميون وصحافيون ومناضلون سياسيون وأطباء ومهندسون أنهم “رفعوا هم أيضا الراية الأمازيغية خلال مشاركتهم في التظاهرات مثل الموقوفين”. وطالبوا على هذا الأساس بأن يتم اتهامهم أيضا.