مرة أخرى يظهر البرلمان في صيغته الجديدة التي منحها له دستور 98.8 في المائة، عجز ساكنيه في مراقبة المال العام. ففي أول اختبار لهذا البرلمان، أثناء انعقاد إحدى لجانه لاستجواب الرئيس المديرالعام للخطوط الملكية المغربية، إدريس بنهيمة، عرف هذا الأخير كيف يدر الرماد في عيون "ممثلي الأمة" بالحديث أمامهم عن أمور جانبية دون الخوض في أسلوب التدبير الذي كاد أن يدفع بالشركة إلى الهاوية لولا تدخل الدولة لتضخ فيها 9.3 مليار درهم لإنقاذها من إفلاس محقق ! ومن خلال ما أوردته بعض الصحف مما تسرب من تلك الجلسة التي فرض "الرئيس المدير العام" على "نواب الشعب" سريتها، فقد اقتصرت جلسة الاستماع على التداول في قشور الأمور من قبيل "المضيفة التي تقدم 54 شهادة طبية سنويا للتغيب عن العمل" ! "الرئيس المدير العام" أراد أن يحصر مشكل "لارام" التي بلغت خسائرها في عهده حوالي 80 مليون درهم شهريا خلال العام الماضي فقط، في "العادة الشهرية" لمضيفات الشركة ! النزيف الحقيقي لشركة الخطوط الملكية المغربية يكمن مشكل التدبير الذي دفع رئيسها ومديرها العام إلى عرض 9 طائرات تابعة لأسطولها الجوي للبيع أو الكراء لمدة طويلة، وتفويت مساهمات الشركة في الفنادق التابعة لها، للهولينغ الملكي بسعر رمزي، وعرض بعض أملاكها العقارية للبيع، وإغلاق أكثر من وكالة لها في فرنسا وصرف أكثر من 750 من موظفيها في إطار المغادرة الطوعية من أصل 1500 مغاذرة طوعية مبرمجة...كل ذلك من أجل وقف النزيف الذي مازال مستمرا ! فقد أخبر بنهيمة مستمعيه أن الشركة تكبدت في الفترة الأخيرة خلال أسبوع واحد فقط 20 مليون درهم كخسائر ! لو كان في المغرب برلمان حقيقي يمثل الإرادة الحقيقية للشعب، لطلب من بنهيمة أن "يسلم مفاتيح" الشركة قبل أن يعلن رفع جلسة الاستجواب، ويعين مراقب قضائي للإشراف على تدبير الشركة مؤقتا في انتظار البث في قرار تسوية وضعيتها أو إعادة هيكلتها أو تصفيتها... لكن من يجرأ من "نواب الأمة" على مواجهة "الرئيس المدير العام" بهذه الحقائق وهو الذي حضي مؤخرا بتوشيح ملكي بوسام من درجة قائد؟ ! فبالنسبة لبنهيمة فإن ما وقع ويقع داخل المؤسسة التي ظل على رأسها لمدة سبع سنوات، هي مجرد "اختلالات" لاتقى إلى "الفضيحة" كما حاول أن يصورها تقرير "المجلس الأعلى للحسابات" ! إذا كانت الاختلالات فقط تزداد بحجم خسائر تبلغ 20 مليون درهم أسبوعيا، فإن انتظار الإعلان عن الفضيحة سيكون مدويا لكن بعد فوات الأوان ! حنظلة...