تحويلات مغاربة الخارج ترتفع إلى تتجاوز 117 مليار درهم    الرئيس السوري أحمد الشرع يصل إلى السعودية في أول زيارة رسمية    القيمة السوقية لدوري روشن السعودي تتخطى المليار يورو    بن شرقي: "اللعب للأهلي كان حلمي وسأسعى لحصد الألقاب معه"    توقيف ثلاثة مواطنين صينيين بتهمة قرصنة المكالمات الهاتفية    القنيطرة... اختتام دوري أكاديميات كرة القدم    باب برد: تفكيك عصابة إجرامية متورطة في سرقة وكالة لتحويل الأموال    الإرث الفكري ل"فرانتز فانون" حاضر في مهرجان الكتاب الإفريقي بمراكش    تطوان تحتفي بالقيم والإبداع في الدورة 6 لملتقى الأجيال للكبسولة التوعوية    حكومة أخنوش تتعهد بضمان وفرة المواد الاستهلاكية خلال رمضان ومحاربة المضاربات    ابتداء من غد الاثنين.. ارتفاع جديد في أسعار المحروقات بالمغرب    CDT تقر إضرابا وطنيا عاما احتجاجا على قانون الإضراب    هكذا يخطط المغرب لتعزيز أمن منطقة الساحل والصحراء    هذه توقعات أحوال الطقس اليوم الأحد    نادٍ نرويجي يتبرع بعائدات مباراته ضد فريق إسرائيلي لدعم غزة    التوقيع على مذكرة تفاهم لتعزيز التعاون والشراكة بين مدينة طنجة ومدينة القدس الشريف    الإعلام في خدمة الأجندات السياسية والعسكرية    نزار بركة يترأس الدورة العادية الموسعة للمجلس الإقليمي لحزب الاستقلال في العيون    كريستينا.. إسبانية سافرت للمغرب لاستعادة هاتفها المسروق بمدريد والشرطة المغربية أعادته إليها في أقل من ساعة    مقتل مغربي بطلقات نارية في إيطاليا    "هِمَمْ" ترفض التضييق والتشهير بمديرة جريدة "الحياة اليومية"    الرجاء البيضاوي يتجه إلى إلغاء الجمع العام مع إناطة مهمة الرئاسة إلى بيرواين حتى نهاية الموسم    "رسوم ترامب" الجمركية تشعل حربًا تجارية .. الصين وكندا والمكسيك ترد بقوة    تجميد المساعدات الأميركية يهدد بتبعات خطيرة على الدول الفقيرة    روبرتاج بالصور.. جبل الشويحات بإقليم شفشاون وجهة سياحة غنية بالمؤهلات تنتظر عطف مسؤولين للتأهيل    السلطات الأسترالية تعلن وفاة شخص وتدعو الآلاف لإخلاء منازلهم بسبب الفيضانات    حريق مُهول يأتي على ورش للنجارة بمراكش    المغرب يعزز موقعه الأممي بانتخاب هلال نائبا لرئيس لجنة تعزيز السلام    تحذير من تساقطات ثلجية وأمطار قوية ورعدية مرتقبة اليوم الأحد وغدا الاثنين    دراسة: هكذا تحمي نفسك من الخَرَفْ!    ائتلاف حقوقي: تجميد "ترانسبارانسي" عضويتها من هيئة الرشوة إعلان مدوي عن انعدام الإرادة السياسية في مواجهة الفساد    الصين: شنغهاي تستقبل أكثر من 9 ملايين زائر في الأيام الأربعة الأولى من عطلة عيد الربيع    الجمعية المغربية لدعم إعمار فلسطين تجهز مستشفى الرنتيسي ومستشفى العيون باسطوانات الأكسجين    استئناف المفاوضات بين حماس وإسرائيل الاثنين بعد رابع عملية تبادل للرهائن والمسجونين    المنتخب الوطني لأقل من 14 سنة يجري تجمعا إعداديا بسلا    طنجة تتأهب لأمطار رعدية غزيرة ضمن نشرة إنذارية برتقالية    ريدوان يخرج عن صمته بخصوص أغنية "مغربي مغربي" ويكشف عن مشروع جديد للمنتخب    أولياء التلاميذ يؤكدون دعمهم للصرامة في محاربة ظاهرة 'بوحمرون' بالمدارس    حجز أزيد من 700 كيلوغرام من اللحوم الفاسدة بطنجة    تحويلات المغاربة المقيمين بالخارج فاقت 117 مليار درهم خلال 2024    مؤسسة طنجة الكبرى تحتفي بالكاتب عبد السلام الفتوح وإصداره الجديد    هذا هو برنامج دور المجموعات لكأس إفريقيا 2025 بالمغرب    مقترح قانون يفرض منع استيراد الطماطم المغربية بفرنسا    تفشي "بوحمرون" في المغرب.. أرقام صادمة وهذه هي المناطق الأكثر تضرراً    المجلس العلمي المحلي للجديدة ينظم حفل تكريم لرئيسه السابق العلامة عبدالله شاكر    ثمن المحروقات في محطات الوقود بالحسيمة بعد زيادة جديد في الاسعار    الانتقال إلى دوري قطر يفرح زياش    مسلم يصدر جديده الفني "براني"    لمن تعود مسؤولية تفشي بوحمرون!    لقجع: منذ لحظة إجراء القرعة بدأنا بالفعل في خوض غمار "الكان" ولدينا فرصة لتقييم جاهزيتنا التنظيمية    القاطي يعيد إحياء تاريخ الأندلس والمقاومة الريفية في عملين سينمائيين    الإعلان عن تقدم هام في التقنيات العلاجية لسرطانات البروستات والمثانة والكلي    محاضرة بأكاديمية المملكة تُبعد نقص الذكاء عن "أطفال صعوبات التعلم"    أي دين يختار الذكاء الاصطناعي؟    الفنانة دنيا بطمة تغادر السجن    أربعاء أيت أحمد : جمعية بناء ورعاية مسجد "أسدرم " تدعو إلى المساهمة في إعادة بناء مسجد دوار أسدرم    غياب لقاح المينانجيت في الصيدليات يعرقل سفرالمغاربة لأداء العمرة    أرسلان: الاتفاقيات الدولية في مجال الأسرة مقبولة ما لم تخالف أصول الإسلام    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«إسلاميو» المغرب وتركيا: مقارنة مستحيلة
نشر في لكم يوم 25 - 01 - 2012


اختلافات جذرية وإكراهات متعددة
لا يعتبر الإسلاميون أنفسهم عموماً أصحاب برامج حزبية، بل أصحاب رسالة تشريعية (سماوية). بإمكانهم رفض هذا الفكرة، لكن الشعارات الكبرى التي يحملونها تؤكد تلك الحقيقة التي بنيت عليها التنظيمات الإسلامية منذ بداياتها، ومنها شعار (الإسلام هو الحل)، وقد يكون شعار محاربة الفساد مضمراً لنفس المحتوى بلغة العصر.
لكن برامج الإسلاميين الانتخابية التي يتم إعدادها في الساعات الأخيرة تشبه في مضمونها وتطلعاتها وأرقامها برامج جميع الأحزاب الأخرى.
لقد لاحظنا جميعاً كيف انحصر النقاش بين الأحزاب -بما فيها حزب "العدالة والتنمية" الإسلامي المغربي- خلال الحملة الانتخابية في الفرق بين درجات الأرقام الخاصة بالنمو الاقتصادي التي يقدمها كل طرف لا في نوعيتها، فالكل يعتقد أن بإمكانه تحقيق رقم نمو معين وخفض معدل البطالة إلى مستوى معين.
لكن الاستراتيجيات متوسطة وبعيدة المدى، في المجال التعليمي وتكوين القدرات البشرية وفي المجال الصناعي والثقافي وغيرها، يكاد لا يتحدث عنها أحد باعتبارها لا تشكل سؤالاً انتخابياً.
كما يعتقد الإسلاميون، مثل غيرهم، أن القضايا الكبرى تبقى من اختصاصات الملكية، ما سيفرض نوعاً من التحدي المستتر لتجربة "العدالة والتنمية" في الحكم، إذ سينحصر مجال اشتغالهم في تدبير اليومي وفي مشاكل تسيير الإدارات العمومية ومواجهة احتجاجات المواطنين، وسيحرمهم من اكتساب القدرة على مواجهة من يعتبرون أنفسهم حملة المشاريع التي تمثل مستقبل البلد، والتي لا يجب أن يقترب منها أعضاء الحكومة الحزبيين.
ستبرز العقيدة التكنوقراطية مع مرور الوقت كتحد حقيقي أمام أي حكومة لا تملك القدرة على مواجهة من هذا النوع، ويعد وجود وزير تكنوقراطي مكلف بالفلاحة والصيد البحري -ذي صفة حزبية في الحكومة السابقة- من بوادر هذا الصراع، فوجوده في الحكومة لن يكون دعماً لها، ولكن سيبرز الدور الذي يلعبه أمثاله كمستشارين أو كمديري مؤسسات عمومية كبرى في تدبير الملفات والصفقات والمشاريع الضخمة في البلد.
على المستوى المؤسساتي، توجد الحكومة الجديدة أمام وضع غاية في التعقيد يحد من هامش المناورة لديها، فالدستور يبقي على اختصاصات واسعة للملك في مجالات رئيسية، وحكومة الإسلاميين لا تتوافر على الأغلبية التي تسمح لها بأفق مناورة أكبر، فهي تحمل في أحشائها مشكلات عديدة، هذا بالإضافة إلى حداثة عهد وزراء حزب "العدالة والتنمية" المغربي بالتسيير في الحكومة وضعف خبرتهم في مجال إدارة القطاعات الحكومية.
رغم ذلك لم يجد أعضاء الحكومة من الحزب الإسلامي وعلى رأسهم رئيس الحكومة عملاً يفتتحون به مسيرتهم غير إرسال إشارات مباشرة ومضمرة (تقليص النفقات وحسن تدبيرها، عدم المساس بالحريات الفردية، التأكيد على تحصين المكتسبات السابقة...)، ما يجعل أسئلة جوهرية تثار من قبيل: هل التركيز على البساطة والشعبوية يأتي كخيار تواصلي من لدن الإسلاميين بعد استشعار محدودية الأفق في القضايا الكبرى للبلاد؟ أم أن الأمر لا يعدو أن يكون مجرد خيار تكتيكي يبعث من خلاله "الإخوان" رسائل مشفرة إلى من يهمهم الأمر؟
في سياق آخر، قبل أن نعرف نتائج هذه التجربة، فإن البعض يصر على إسقاط نجاح التجربة التركية على "الصحوة" التي تعرفها بعض البلدان العربية ومنها المغرب، الذي يتقاسم معها وجود حزب سياسي بنفس الاسم فقط لا غير، مع تسجيل اختلافات جوهرية بين الحزبين (النشأة، التطور، الإيديولوجيا...) من ناحية، وبين الدولتين (تركيبة نظام الدولة، طبيعة المؤسسات،...) من ناحية أخرى، فلا مقارنة إذن مع وجود الفارق. والمحصلة دولة أتاتوركية علمانية في سياق أوروآسيوي ذات أمجاد الإمبراطورية العثمانية، تختلف جذرياً عن تراكمات الدولة المغربية في المجال الأفروعربي.
يضاف إلى ذلك أن حزب "العدالة والتنمية" التركي أسس نتيجة عملية نقدية حادة لتجربة "نجم الدين أربكان" في الحكم والسياسة، قادها شباب العمل الإسلامي التركي بكل جرأة، فثاروا على الثوابت الحزبية، وقبلوا الانخراط في المؤسسات العلمانية لدولة تركيا، وبحثوا عن الاندماج الأوروبي الذي كان من ممنوعات التجربة الإسلامية السابقة لهم.
هذه العملية النقدية لم تحصل في المغرب لدى التنظيم الإسلامي، مما جعله رهين التصور الدعوي ومتسلحاً بزاده الفكري الراكد، ولم يتمكن حزب "العدالة والتنمية" المغربي طوال الفترة الماضية من ممارسة سلطة تنفيذية تؤهله للقيام بعمليات نقدية في الفكر والممارسة. كان بإمكان ذلك أن يغير كثيراً من قناعاتهم، إذ لا تخطئ عين الملاحظ التغييرات التي طرأت في فكر الحركات الإسلامية بعد ممارسة السياسة. وهي التغيرات التي راهنت عليها حتى الدول الغربية في تجربة "حماس" الفلسطينية.
هذه العوامل مجتمعة تجعل وجود "العدالة والتنمية" الإسلامي المغربي محكوماً بإكراهات متعددة، منها ما هو ذاتي مرتبط ببنية التنظيم وفكره، كمشكل البرنامج الحزبي والتصور السياسي لدولة القانون، ومنها ما هو موضوعي مرتبط ببنية الدولة المغربية التي تحسن التكيف مع الأزمات والأيديولوجيات الحزبية، كما حصل سابقاً مع حزب الاتحاد الاشتراكي في تجربة حكومة التناوب.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.