قررت جمعية هيئات المحامين بالمغرب (وهي جمعية تأسست سنة 1962 في إطار قانون الجمعيات)؛ قررت تنظيم مؤتمرها 30 بمدينة فاس في ضيافة هيئة المحامين بفاس المغرب أيام 18، 19، 20 ابريل نيسان 2019، تحت شعار "من أجل تشريع يحقق الولوج المستنير إلى العدالة" في حين تنكب وزارة العدل على دراسة الأجوبة على النقاط التالية: الاختلاف بين الأنظمة الداخلية للهيئات ملاحظة ارتفاع واجبات الانخراط والاختلاف بين الهيئات ملاحظة أهمية تخصيص جزء من هذه الواجبات لتكوين المتمرنين ملاحظة عدم خضوع بعض الهيئات للمحاسبة مع التساؤل حول مالية هذه الهيئات اعتبار التنظيم الحالي يشكل وصاية على المحامين عدم اتفاق الهيئات على الإطار الموحد وعدم التزام بعضها بالتطبيق السليم والأمثل لمقتضيات المادة 57 من قانون المحاماة ووضع تصورات مغايرة لمدلول النص من طرف هيئات أخرى وملاحظة ردود فعل قوية وتضارب في العمل… إلى جانب مواضيع أخرى مثل الولوج إلى المهنة وامتحان الأهلية وقواعد التخليق والتأديب… إلخ. حسب ما جاء في ورقة بعنوان: مهنة المحاماة – التأهيل – التخليق – التحديث وهي وثيقة تم إعدادها من طرف مديرية الشؤون المدنية بوزارة العدل منذ أكثر من خمس سنوات. ويمكن سرد القضايا التي يتعين على المؤتمرين أن يجيبوا عنها في المواضيع التالية: الأولى حول النظام المالي للهيئات، وتعيين وكيل حسابات Régisseur. الثانية حول التنسيق بين الهيئات وضرورة إحداث المجلس الوطني للهيئات الثالثة حول تفعيل دور المحامي في المجتمع. المحامي لا يقتصر دوره على تمثيل الأطراف أمام المحاكم. الرابعة حول التعاضدية العامة لهيئات المحامين بالمغرب. نظامها الأساسي غير دستوري حيث يقصي فئة من الترشح لانتخاب أجهزتها. الخامسة حول التقاعد ونظام التكافل الاجتماعي بين المحامين. السادسة تتعلق بالتكوين والتكوين المستمر لتجاوز الإعاقة المهنية Sclérose إضافة إلى دمقرطة الخدمات. ندوة التمرين بدون برنامج. السابعة حول نظام المساعدة القضائية ومساهمة الدولة في أعبائها. الثامنة حول الجمعية العمومية التي يتعذر استمرارها بشكلها الحالي. التاسعة حول آليات المساءلة. القانون لا يسمح لا بإقالة المنتخب ولا بمحاسبته. العاشرة النظام الانتخابي. يتم التنافس فيه بدون برنامج ولا التزامات ويتعين إحداث نظام التصويت باللائحة. مع تخصيص كوطا للمحاميات. ** هذه القضايا كان من المنتظر أن يعالجها المحامون في مؤتمرهم 28 المنعقد بمدينة السعيدية في ضيافة هيئة المحامين بوجدة أيام 6، 7، 8 يونيه 2013 غير أن الأجواء كانت غير ملائمة لمناقشتها بسبب ما عرفته الجلسة الافتتاحية من تجادبات مع وزير العدل حول مرسوم بتحديد كيفية صرف مستحقات المحامين عن مهامهم في إطار المساعدة القضائية. ** في الزمن الماضي كانت لجنة الحقوق والحريات هي التي تعرف صخبا ونقاشا حادا لأسباب مرتبطة بالنضال الحقوقي والسياسي المرتبط بدوره بالصراع حول السلطة. لكن لجنة الشؤون المهنية أصبحت تستقطب العديد من المشاركين ابتداء من المؤتمر 25 المنعقد بمدينة مكناس وكان ذلك بمناسبة إعداد مشروع قانون جديد للمهنة والذي صادق عليه بعد ذلك مجلس النواب بالإجماع ليتعطل عند عرضه على الغرفة الثانية (مجلس المستشارين) رغم أن مكوناته السياسية هي نفسها في مجلس النواب (وهو ما أسميته في مناسبة أخرى بفوضى سياسية)، وصادف هذه الفوضى السياسية انعقاد المؤتمر السادس والعشرون لجمعية هيئات المحامين بطنجة أيام 15 و16 و17 من شهر ماي سنة 2008 حيث اتجه النقاش في لجنة الشؤون المهنية إلى المطالبة بإلغاء القانون خاصة مقتضيات المادة 57 المحدث بموجبها حساب ودائع وأداءات المحامين تودع به لزوما المبالغ المسلمة للمحامين على سبيل الوديعة. لكن التوصية التي صاغها مكتب الجمعية تجنبت مطلب الإلغاء واكتفت بالإشارة إلى مواصلة الحوار من أجل إدخال تعديلات على القانون رقم 28.08 المتعلق بتعديل القانون المنظم لمهنة المحاماة ليصادق عليه مجلس المستشارين بصيغته التي صادق عليها مجلس النواب. غير أن القضايا التي تهم سير عمل الهيئات وتدبير ماليتها والأوضاع الاجتماعية والصحية للمحامين وتقاعدهم وتفعيل دورهم في المجتمع وتوسيع مجالات عملهم لا زال يعرف الفراغ. ولا زال المحامون يتجنبون وضع آلية لمساءلة منتخبيهم (النقيب ومجلس الهيئة) بالرغم من الصلاحيات والسلطات الواسعة المسندة إليهم بمقتضى القانون. وهو وضع لم يعد يتماشى مع ما ينص عليه الدستور الجديد (دستور 2011) الذي يربط المسؤولية بالمحاسبة. مما يدعو إلى تدخل القانون لوضع ألية تسمح للمحامين بسحب الثقة من منتخبيهم وإقالتهم وإجراء انتخابات جديدة لتعويضهم. رفعت عرائض تطالب بالافتحاص المالي لبعض الهيئات وتم عزل بعض الأمناء من طرف المجالس التي عينتهم واتسم تدبير الشأن المهني بمزاجية المنتخبين وهم يتباهون بحصانة عدم إمكانية إقالتهم. هذا وضع شاذ ينبغي ألا يستمر. وعندما لا يرضى المحامون على تدبير شؤونهم المالية والأدبية أليس من حقهم عقد دورة استثنائية لسحب الثقة وانتخاب نقيب ومجلس جديد للحرص على ضمان الشفافية والتدبير المعقلن لأموالهم؟ وإذا كان القانون المنظم للمهنة لا يسمح بذلك فإن على المحامين إعداد مشروع نص قانوني يسمح لهم بممارسة حقهم في الرقابة والمساءلة طبقا لمبدأ ربط المسئولية بالمحاسبة. كما تبدو ضرورة إصدار نص تشريعي خاص بنظام مالية الهيئات يحدد طرق مراقبتها وأوجه صرفها ويرتب الأولوية لتمويل تقاعد المحامين وتخصيص نسبة من المداخيل ترصد لزوما لهذا الغرض. ينتظر المحامون أجوبة حول القضايا العشر المشار إليها أعلاه. الأولي حول النظام المالي للهيئات، ولم لا، تعيين وكيل حسابات Régisseur. جرت الانتخابات المهنية للمحامين خلال شهر جنبر 2017 لانتخاب نقباء جدد وأعضاء جدد لمجالس الهيئات لمدة ثلاث سنوات وتم انتخاب نقباء وأعضاء مجالس دون برنامج والتزامات. فعلى أي أساس يمكن للناخبين مساءلة منتخبيهم؟ من الفروض أن تبدأ المجالس أعمالها بإقرار ميزانية سنوية مع بداية شهر يناير يتقيد بها الأمين عند الصرف تحدد فيها التوقعات حول المداخيل والنفقات وتحديد الأولويات. كما يتم تعيين مراقب للحسابات في نفس الوقت. هذا هو منطوق القانون الحالي. يمكن للميزانية أن تعرف عجزا تصبح معه المجالس عاجزة عن الوفاء بالتزاماتها تجاه بعض المؤسسات المتعاقد معها (شركات التأمين عن المسؤوية والصندوق التعاضدي للتقاعد أو للاستشفاء). وعندما يتصرف المجلس في المالية بدون تخطيط أو يدخل في التزامات تفوق قدراته المالية فإن مخاطر وقوعه في العجز المالي واردة بكثرة. خاصة في غياب وكيل حسابات مختص. المداخيل الأساسية القارة للهيئات تأتي من أربعة موارد الأول الاشتراكات والثاني رسوم الدمغة والثالث رسم المرافعة والرابع عائدات حساب الودائع. رسم المرافعة أو ما نسميه ب (حقوق المرافعة Droit de Plaidoirie) هو رسم أحدث في فرنسا بأمر ملكي Ordonnance Royale سنة 1667، وفي المغرب أحدث هذا الرسم بمقتضى ظهير 4 مارس 1947 منشور بالجريدة الرسمية بالفرنسية عدد 1799 صفحة 323. أما النص الذي ينظم حاليا هذا الرسم فهو قانون المالية لسنة 1984 المنشور بالجريدة الرسمية بالعربية عدد 3730 مكرر. وفي الصفحة 531 نجد الباب الثالث من الملحق يتحدث عن رسم المرافعة ويقول عنه في الفصل 65 "يقبض كذلك من المدعي عن كل دعوى أصلية في المادة المدنية أو التجارية أو الإدارية رسم قضائي يدعى رسم المرافعة، ويدخل في المصاريف المصفاة، ومبلغ هذا الرسم عشرة دراهم سواء أمام المحكمة الابتدائية أو أمام محكمة الاستئناف" (في فرنسا تم رفع هذا الرسم إلى مبلغ 8,84 يورو منذ ماي 1989 أي ما يقرب مائة درهم). أما الفصل 66 من نفس الملحق فينص على أنه (يدفع كاتب الضبط رسم المرافعة في نهاية كل شهر إلى أمناء مختلف نقابات المحامين "يقصد هيئات المحامين"… وتخصص الهيئات هذه المبالغ لسد حاجات مشاريع الاحتياط والمساعدة العاملة تحت مراقبتها. ويمكن أن تطلب وزارة المالية اطلاعها على محاسبة "نقابات" المحامين). وقد نقل هذا النص حرفيا بخصوص وجه الاستعمال عن النص الأصلي لسنة 1947. إن ملايين الدراهم وربما الملايير من حقوق المرافعة لا تستخلص في نزاعات وحوادث الشغل ولا نعلم شيئا عن مصيرها علما أن حقوق المرافعة تستخلص من المنفذ عليه لأنها تدخل في المصاريف المصفاة في القضايا المعفية من أداء الرسوم القضائية (قضايا منازعات الشغل وحوادث الشغل والأمراض المهنية وقضايا النفقة وباقي القضايا التي يتمتع فيها المدعون بالمساعدة القضائية مثل قضايا المسئولية التقصيرية…). ونستغرب لخلو التقارير المالية لبعض الهيئات من أية إشارة للمبالغ المستحقة للهيئات عن هذا الباب كما لا تشير إلى الخطوات التي سلكتها مجالس الهيئات لاستخلاص هذه المستحقات. علما أن المسؤولية كاتب الضبط حسب القانون. ونتساءل أيضا هل تصرف هذه المبالغ فيما خصصت له بمقتضى القانون (أي التقاعد والمساعدة الاجتماعية) أم أنها تحول إلى حسابات التسيير لتغطية العجز الذي قد تعرفه الميزانية؟ وهل تضطلع وزارة المالية بمهامها في مراقبة أوجه صرف المبالغ المستخلصة في هذا الباب؟ أما الاشتراكات السنوية التي يؤديها كل محام بصفة متساوية ورسوم الدمغة التي يؤديها كل محام عن كل قضية فتحدد بمقتضى قرار مجلس الهيئة ويختلف مقدار الاشتراكات ورسوم الدمغة من هيئة إلى أخرى. عائدات حساب الودائع تخضع في جزء منها للتفاوض مع الأبناك وفي الجزء الآخر إلى اقتطاعات مقابل الخدمات تحدد بمقرر تنظيمي من المجلس ويشار إليها في النظام الداخلي لحساب الودائع. وعندما تكون أبواب المداخيل محددة ويمكن التنبؤ بنسب استخلاصها فإنه من غير المعقول أن يتم تدبير المالية بدون مخطط ميزانية. قد تكون هنالك مداخيل استثنائية نتيجة انخراطات جديدة ولكنها تبقى استثنائية لأنها غير متوقعة. جانب آخر يكثر فيه الحديث بين المحامين ويتعلق بجدوى بعض النفقات وبالدرجة الأولى نفقات السفريات ويطرح السؤال عن مردودية هذه السفريات التي لا يقدم عنها أي تبرير بحيث تكتفي التقارير المالية والأدبية بالإخبار فقط دون بيان حصيلة مردودية النشاط ومدى استفادة المحامين من تلك المشاركات. بعض الهيئات تتوفر على مشاريع ضخمة ذات الصبغة الاستثمارية لكن التقارير المالية لا تتضمن تفصيلا عن توقعاتها المستقبلية من حيث التحملات والمداخيل طبقا لقواعد الموازنة نظرا لعدم تخصصها في المجال. وعندما لا يرضى المحامون على تدبير شؤونهم المالية والأدبية أليس من حقهم عقد دورة استثنائية لهيئتهم الناخبة لسحب الثقة وانتخاب نقيب ومجلس جديد للحرص على ضمان الشفافية والتدبير المعقلن لأموالهم؟ إذا كان القانون المنظم للمهنة لا يسمح بذلك فإن على المشرع التدخل لإعادة النظر فيه بكيفية تسمح للمحامين بممارسة حقهم في الرقابة والمساءلة طبقا لمبدأ ربط المسئولية بالمحاسبة الذي أقره الدستور الجديد. كما تبدو ضرورة إصدار نص تشريعي خاص بنظام مالية الهيئات يحدد طرق مراقبتها وأوجه صرفها ويرتب الأولوية لتمويل تقاعد المحامين وتخصيص نسبة من المداخيل ترصد لزوما لهذا الغرض. ونسبة أخرى خاصة بالتكوين والتكوين المستمر. ** الثانية حول التنسيق بين الهيئات وضرورة إحداث المجلس الوطني للهيئات مجالس الهيئات تحاول (مجرد محاولة لم تعد ذات بال) التنسيق فيما بينها في إطار جمعية تسمى جمعية هيئات المحامين بالمغرب وهي جمعية مؤسسة سنة 1962 في إطار قانون الجمعيات تخضع لمسطرة التصريح بالتأسيس والتجديد كغيرها من الجمعيات المدنية. تعقد هذه الجمعية مؤتمرا مرة كل ثلاث سنوات يشارك فيه عدد محدود من المحامين (كوطا لكل هيئة) تصدر عنه توصيات وليست له صبغة تقريرية رغم أن القانون الأساسي يذكر المؤتمر ضمن الهياكل التقريرية للجمعية، ولا يتداول المؤتمر لا في التقرير الأدبي ولا في التقرير المالي للجمعية ولا توجد في القانون آلية تسمح لعموم المحامين بمحاسبة الأجهزة المسيرة لهذه الجمعية لا ماليا ولا أدبيا. كما أن الموتمر ليست له صلاحية تجديد أجهزة الجمعية. تتكون أجهزة الجمعية من المجلس المكتب المؤتمر ندوة الرؤساء وندوة النقباء. يتكون مجلس الجمعية من جميع أعضاء مجالس الهيئات أما المكتب فيتكون من أعضاء منتخبين ومن النقباء الممارسين للهيئات ومن الرئيس السابق للجمعية. ومن بين مهام مكتب الجمعية السهر على التنسيق بين الهيئات الأعضاء في كل مجالات عمل الجمعية وطنيا ودوليا. ومنها صياغة موحدة للأنظمة الداخلية للهيئات الأعضاء. وهي مهمة لم ينجح فيها مكتب الجمعية ووصلت الخلافات ذروتها بمناسبة دخول المادة 57 من القانون المنظم لمهنة المحاماة حيز التطبيق. جمعية هيئات المحامين لا يشارك المحامون في انتخاب أجهزتها المسيرة ولا حق لهم في الترشح لها كما لا يملكون الحق في محاسبتها. هذه الجمعية لا يمكنها أن تفرض على المحامين مقترحاتها وهذا هو السر في عدم نجاح أجهزتها في القيام بمهام التنسيق بين الهيئات الأعضاء فيها. وهذا هو السر أيضا في وجود هيئات المحامين في موقف ضعف في الحوارات التي تجري مع أجهزة الدولة لأنها غير معترف بها كهيئة مؤسسة بمقتضى القانون (وزارة المالية بخصوص الضرائب والرسوم القضائية. والحكومة بخصوص الملف الاجتماعي من تقاعد وتغطية صحية. ووزارة العدل بخصوص المناخ العام لممارسة المهنة داخل المحاكم. ووزارة الداخلية وباقي الإدارات العمومية بخصوص توسيع مجال عمل المحامين وتمثيل المواطنين أمام جميع الإدارات العمومية), ولأن المحامين يعانون من تهميش دورهم في المجتمع وعدم تمكنهم من تمثيل المواطنين أمام مختلف الإدارات العمومية، ولا تبذل الهيئات ولا السلطات أي مجهود في هذا المجال، فإن المحامي يبقى عرضة لأنواع من الاستهزاء بل ويتعرض أحيانا للطرد أمام أنظار العموم. ولذلك لا بد من إعادة النظر في القانون المنظم لمهنة المحاماة بإضافة بند خاص بمجلس وطني للهيئات ينتخب أعضاؤه من طرف الهيئات الناخبة لمختلف الهيئات (ويجب التنصيص على تنافي العضوية بمجلس الهيئة مع العضوية بالمجلس الوطني للهيئات) تكون من مهام المجلس الوطني تمثيل المحامين وهيئاتهم لدى المؤسسات العمومية وتوحيد قواعد ممارسة المهنة والتكوين المهني والمستمر للمحامين، وضبط تسجيل المحامين الأجانب، وتحديد واجبات المساهمة في التكافل الاجتماعي للمحامين طبقا لمبدأ من كل حسب قدرته ولكل حسب حاجته. ** الثالثة حول تفعيل دور المحامي في المجتمع. المحامي لا يقتصر دوره على تمثيل الأطراف أمام المحاكم. مهمة تمثيل الغير أمام الإدارات العمومية موكولة للمحامين بمقتضى القانون (المادة 30 من القانون المنظم لمهنة المحاماة) لم يتم تفعيلها بحيث لا زلنا نلاحظ وجود طوابير من البشر أمام بعض مكاتب الإدارات العمومية المختصة بتسليم بعض الوثائق الإدارية سواء للمغاربة أو للأجانب. الأجانب يستغربون لعدم قدرة المحامين على تمثيلهم لقضاء مآربهم أمام الإدارات العمومية خاصة ما يتعلق بسحب بطاقات الإقامة أو تجديدها أو سحب رخص إنجاز مشاريع استثمارية إلى غير ذلك من الوثائق التي تسلمها الإدارات العمومية. المواطنون المغاربة يستغربون من جهتهم لعدم قدرة المحامين على تمثيلهم في سحب جوازات سفرهم ورخص إقامة مشاريعهم الاقتصادية والتجارية وكل ما يهم حياتهم المدنية وحتى السياسية (لماذا لا يقبل مثلا من المحامين النيابة عن مرشحين للانتخابات الجماعية والتشريعية في إيداعات طلبات ترشح هؤلاء لدى السلطات المعنية؟ لماذا تلزم القوانين الانتخابية المرشح بالحضور شخصيا لدى السلطات المعنية لإيداع طلب ترشحه؟). كما يستغرب الناس لعدم قدرة المحامين على تمثيلهم في عقود الزواج والطلاق المغربي والمختلط. فمن المسئول عن عدم تفعيل المهام المنوطة بالمحامين؟ هل وزارة العدل أم وزارة الداخلية أم الحكومة أم أن الخلل في المحامين أنفسهم؟ بالنسبة للإدارات العمومية فإن الأمر لا يحتاج لأكثر من منشور يصدر عن رئيس الحكومة يعمم على جميع الإدارات العمومية لتنبيه المسئولين الإداريين إلى أن القانون يعطي الصلاحية للمحامين في تمثيل الغير أمام جميع الإدارات العمومية من غير الإدلاء بتوكيل خاص، ويحثهم على تسهيل مهامهم مع التنصيص على ضرورة التقيد بمضمونه تحت طائلة المساءلة التأديبية. وكان أملنا معقودا على النقباء الجدد ومجالس الهيئات المنتخبة للرفع من مستوى مهنة المحاماة وتفعيل الدور المنوط بالمحامين لتسريع وتيرة عمل الإدارات العمومية وعجلة النمو الاقتصادي لبلادنا غير أن شيئا من ذلك لا نلمسه. بل جاء الخبر عبر بيان السيد نقيب هيئة المحامين بتطوان يفيد أن محاميا تم طرده من طرف إدارة لم تسمح له بالقيام بمهامه. الرابعة حول التعاضدية العامة لهيئات المحامين بالمغرب. نظامها الأساسي غير دستوري حيث يقصي فئة من الترشح لانتخاب أجهزتها. بمقتضى قرار مشترك لوزير التشغيل و التكوين المهني ووزير الإقتصاد والمالية رقم 2618.08 بتاريخ 23 من ذي القعدة 1428 (4 ديسمبر 2007 تمت المصادقة على النظم الأساسية لجمعية التعاون المتبادل المسماة "التعاضدية العامة لهيئات المحامين بالمغرب". من بين أهدافها الأساسية تغطية المصاريف الطبية والجراحية والصيدلية ومصاريف اقتناء أدوات التقويم التي يتم دفعها من طرف المستفيدين من خدمات التعاضدية. وإحداث نظام تقاعد أساسي أو تكميلي لفائدة الأعضاء المساهمين… ويستفيد من خدمات التعاضدية الأعضاء المساهمون (المحامون المسجلون بإحدى هيئات المحامين بالمغرب شرفيون ورسميون ومتمرنون) وأفراد عائلاتهم. المندوبون للجمع العام للتعاضدية ينتخبون من طرف الأعضاء المنخرطين وهذا الجمع العام ينتخب أعضاء المجلس الإداري للتعاضدية الذي ينتخب بدوره رئيسا ومكتبا مسيرا الكل طبقا لمقتضيات الظهير الشريف رقم 1.57.187 بسن نظام أساسي للتعاون المتبادل. غير أن النظام الأساسي للتعاضدية غير دستوري ومخالف لمقتضيات هذا الظهير الذي يقر حق جميع الأعضاء في الترشح والتصويت لاختيار المندوبين. لأن النظام الأساسي للتعاضدية يعتبر الفائزين في الانتخابات المهنية للمحامين مكتسبين في نفس الوقت لصفة مندوبين للجمع العام للتعاضدية. وبما أن الانتخابات المهنية للمحامين تخضع للضوابط المنصوص عليها في القانون 08.28 المنظم لمهنة المحاماة التي تستثني صراحة فئة المتمرنين من حق التصويت والترشح كما تستثني فئة الرسميين ذوي أقدمية أقل من عشر سنوات من حق الترشح لعضوية المجلس. فإن عدم مشاركة هاتين الفئتين في انتخاب المندوبين للجمع العام للتعاضية العامة لهيئات المحامين بالمغرب، لا بالتصويت ولا بالترشح، يعتبر مخالفا للدستور بالرغم من أنهم أعضاء كاملي العضوية في التعاضدية طبقا للمادة 3 من ظهير شريف رقم 1.57.187 بسن نظام أساسي للتعاون المتبادل، والمادة 7 من النظم الأساسية للتعاضدية. وبما أن الجمع العام للتعاضدية ينبغي أن يتكون من مندوبين منتخبين من طرف الأعضاء المساهمين و الأعضاء الشرفيين أي من جميع المحامين متمرنين ورسميين؛ فإن المجلس الإداري للتعاضدية العامة لهيئات المحامين بالمغرب يعتبر غير قانوني وغير دستوري لكونه منتخب من طرف أعضاء مجالس الهيئات الذين تم انتخابهم للعضوية بمجالسهم طبقا لقانون مهنة المحاماة وليسوا منتخبين من طرف جميع أعضاء التعاضدية طبقا للنظام الأساسي للتعاون المتبادل. وعليه فإن أي عضو منخرط في التعاضدية العامة لهيئات المحامين بالمغرب له الحق في الترشح كمندوب للجمع العام لهذه التعاضدية وفي الترشح للعضوية بمجلسها الإداري وبمكتبها المسير وفي الترشح لمنصب رئيسها بدون قيد أو شرط، ويستوي في هذا الحق كل المحامين متمرنين ورسميين ونقباء وكل تمييز أو إقصاء لأية اعتبارات كيفما كانت يعتبر مساسا بالحقوق المكفولة دستوريا. لذلك يتعين إعادة النظر في النظم الأساسية للتعاضية بما يكفل إجراء انتخابات طبقا للنظام الأساسي للتعاون المتبادل وليس طبقا للقانون المنظم لمهنة المحاماة. أو تعديل قانون المحاماة بما يضمن حق جميع المحامين رسميين ومتمرنين في الترشح والتصويت في جميع الانتخابات المهنية بدون تمييز. ** الخامسة حول التقاعد ونظام التكافل الاجتماعي بين المحامين. هذا الموضوع شغل الكثيرين وتعاملت معه كل هيئة بطريقة مختلفة منها من قرر لهذا الغرض تخصيص جزء من أتعاب المحامين في نوع من القضايا، ومنها من قرر توزيع نوع من القضايا على المحامين. غير أن كل هذه الاجتهادات اصطدمت بمعوقات إما قانونية وإما واقعية. فبالنسبة لتخصيص جزء من أتعاب القضايا قرر القضاء عدم قانونيته لأنه يتنافى مع الطابع الحر للمهنة، ونفس الشيء بالنسبة لتوزيع نوع من القضايا اعتبره القضاء مساسا بمبدأ المنافسة وبحرية المتقاضي في اختيار محاميه. وبما أن نظام التكافل بين المحامين يهدف إلى تحقيق التكافل الاجتماعي لهم بما يساعد في تأمين الرعاية الاجتماعية اللازمة لهم ولأسرهم من بعدهم في حالة العجز الكلي أو الوفاة. فإنه وإن كان القضاء يلغي نماذجه حتى الآن لجهة الشكل فإنه لا يمكن رفضه من حيث أهدافه. فقد ورد في قرار رقم 3584 صادر عن المجلس الأعلى بتاريخ 08/12/2004 في الملف المدني عدد 2785/7/2001 ما يلي: توزيع قضايا حوادث السير أو اقتطاع جزء من أتعاب المحامي لتمويل صندوق التقاعد للمحامين يتنافي والطبيعة الحرة للمهنة. صحيح أن النماذج التي تم اعتمادها من طرف بعض المجالس لم يظهر فيها هدف التكافل واضحا بقدر ما كانت الغاية هي الحد من بعض مظاهر الاحتكار لنوع من القضايا. يعلم الجميع أن بعض المحامين يعيشون على الكفاف ولا نجد في رصيدهم حتى ما يكفي لدفنهم عند وفاتهم فبالأحرى رعايتهم هم وأبناؤهم في حالة عجزهم عن العمل. الدولة لا تساهم بأي قسط في هذا الباب بالرغم من الدور الذي يقوم به المحامون في مجال تحقيق العدالة التي هي مسئولية من مسئوليات الدولة. وهي مناسبة لتوجيه نداء إلى الحكومة من أجل فتح حوار حول هذا الموضوع من أجل المساهمة في تنزيل توصيات المجلس الاقتصادي والاجتماعي الداعية إلى تعزيز النظام التكافلي في المجتمع. ولهذا الغرض ينبغي تأسيس صندوق خاص يديره مجلس يتكون من سبعة أعضاء منتخبين من طرف الهيئة الناخبة على مستوى كل هيئة (شريطة ألا يكونوا أعضاء بمجلس الهيئة) يختارون من بينهم رئيسا ويقدم تقريره خلال الجمعية العمومية الملتئمة خلال شهر دجنبر من كل سنة وفق نظام داخلي مصادق عليه من طرف الجمعية العمومية للمحامين. دون أن نغفل عن ضرورة شمل المحامين بالتغطية الصحية الإجبارية وضمان تقاعدهم على غرار باقي الفئات الاجتماعية الأخرى، وهذه من المطالب الملحة التي على الدولة الاستجابة لها. السادسة تتعلق بالتكوين والتكوين المستمر لتجاوز الإعاقة المهنية Sclérose إضافة إلى دمقرطة الخدمات. لا يمكن أن تبقى ندوة التمرين بدون برنامج. ينص القانون المنظم لمهنة المحاماة علي وجوب خضوع المحامي للتمرين لمدة ثلاث سنوات يمكن تمديدها لمدة سنة بقرار من مجلس الهيئة (حسب علمي فإن مجالس الهيئات لا تسطر برنامجا لندوات التمرين رغم أن مدتها ثلاث سنوات ولا تمارس أي رقابة على كيفية إدارة هذه الندوات). كما ينص القانون على أن شهادة مزاولة مهنة المحاماة تمنح من طرف مؤسسة للتكوين تحدث وتسير وفق الشروط التي ستحدد بنص تنظيمي. (ولم يصدر لحد الآن أي نص تنظيمي). وكانت بعض النظم الداخلية لبعض الهيئات تنص على إحداث لجنة للتكوين في إطار قانون 1993 غير أننا لم نجد أي أثر لعملها. مدة التمرين تستغرق ثلاث سنوات يعين النقيب من يراه من المحامين مؤهلا للإشراف على ندوة التمرين ولا يشترط القانون أن يكون عضوا بمجلس الهيئة. غير أن جميع مدراء ندوة التمرين كانوا يختارون دوما من بين أعضاء مجلس الهيئة. مدة التمرين ثلاث سنوات ومن غير المعقول أن تبقى بدون منهجية وبدون برنامج وتخضع لاجتهاد المدير المشرف عليها ولا يقدم تقرير لا إلى النقيب ولا إلى مجلس الهيئة، ولا يعقل أن يبقى المجلس بدون علم بسير التمرين ولا دور له في تحديد البرنامج التكويني للمتمرنين. وتمهيدا لإنشاء المعاهد الجهوية للتكوين المنصوص عليها في القانون المنظم لمهنة المحاماة لسنة 1993، عقدت دورة تكوينية لفائدة المحامين المتمرنين في مختلف المراكز الجهوية في الفترة من 16 ماي إلى 30 منه سنة 2003، شارك فيها المحامون المتمرنون، وعدد كبير من المؤطرين قضاة ومحامين، ركزت على مواضيع مختلفة تشمل الثقافة القانونية والحقوقية والمسطرية وتقنيات الترافع إضافة إلى آداب المهنة والعلاقة بين القضاة والمحامين. وكان الهدف أولا: قياس مستوى التعاون بين وزارة العدل وجمعية هيئات المحامين بالمغرب بخصوص التكوين. وثانيا: وضع تشخيص للإمكانيات المتاحة من حيث التأطير ومناهج التكوين وتحديد الحاجيات، بغاية تأهيل المحامين للقيام بالدور المنتظر منهم لتحقيق العدالة باعتبارها أداة لتنمية شاملة. واستعملت في الدورة التكوينية عدة طرق منها ما هو تقليدي سماه بعض المشاركين في تقييماتهم بالطرق المتجاوزة واستحسنوا الطرق الحديثة التي لا تترك أي فرصة للمتلقي في الشرود "طريقة العصف الذهني BRAIN STORMIN" خاصة بالنسبة لبعض المواضيع، كما لاحظوا غيابا شبه تام للمعينات ووسائل الإيضاح وعدم الاهتمام بتقنية الإعلاميات التي تسهل البحث والمعالجة. ويستفاد من الانطباعات التي دونها المشاركون في استمارات التقييم اليومية أن الاستفادة كانت على العموم جد إيجابية بفضل المستوى الثقافي العالي للشخصيات المؤطرة سواء منهم المحامون والقضاة. غير أن ذلك لم يمنعهم من إبداء ملاحظات تخص غياب فعاليات أخرى مهتمة بالميدان كالخبراء ورؤساء بعض المصالح ككتابة الضبط والتحفيظ العقاري والعمل البنكي والمقاولاتي وكذا مناهج البحث والتدريب على التقنيات الحديثة. ولا علم لي بآلية متابعة لنتائج الدورة، وعلى أي فإن المعاهد الجهوية للتكوين لم تر النور لحد الآن. هناك أنظمة (فرنسا مثلا) تفرض على المحامين أن يخصصوا عشرين ساعة في السنة أو أربعين ساعة في كل سنتين للتكوين المستمر وأن يدلوا بشهادة تثبت ذلك تحت طائلة التغاضي عنهم حتى يتمكنوا من مواكبة المستجدات على جميع الأصعدة محليا وإقليميا ودوليا، لأن العدالة لم تعد تهم حدود الوطن وحده وإنما تهم الوافدين من مختلف الأنحاء الذين يأتون بقوانينهم في مجالات الاستثمار وغيره. ومن بين مواد التكوين التي تفرض نفسها اليوم على أي مكون من مكونات العدالة نجد في المقدمة أن التزاوج الذي حصل بين الأنظمة المعلوماتية والقانون قد أنجب وليدا سمي بالمعلوماتية القانونية. إن هذا العلم الذي يعنى "بمعالجة المعلومات القانونية" يلعب دوراً مهماً في حياة رجل القانون لما يقدمه من خدمات هدفها مساعدته على إيجاد الحلول في شتى الميادين القانونية. فإذا كانت المعلومة هي الجسر الذي عبره نصل إلى المعرفة القانونية فإن المعلوماتية هي الأداة التي بفعلها تتحقق هذه المعرفة. أن المعلوماتية القانونية وجدت من أجل خدمة القانون ورجال القانون لما يتمتع به الكمبيوتر من وظائف متعددة ومنها استيعاب كميات هائلة من المعلومات القانونية وقدرته على تسهيل عملية البحث عن المعلومة القانونية وسرعة الحصول عليها وذلك عبر بنوك المعلوماتية القانونية. ويجب التنويه بهذا الخصوص بالمجهودات المبذولة من طرف وزارة العدل من خلال وضع مواقع إلكترونية وفتحها لبوابة قانونية وقضائية تساعد الباحثين على الوصول إلى النصوص القانونية وتضعها رهن إشارة كل من يرغب في الوصول إلى المعلومة القانونية. كما يجب التنويه بما بذلته هذه الوزارة في فتح موقع إليكتروني يمسح بتتبع القضايا أمام المحاكم دون ضرورة التنقل، على أمل تغطية جميع المحاكم، علما أن دمقرطة الخدمات تتم عبر هذا الوسيط الإليكتروني بدل الوسيط البشري. وإن وضع هذه المعلومات رهن إشارة مختلف مكونات العدالة في موقع إلكتروني متاح الولوج له للعموم مجانا من شأنه أن يرقى بجودة العمل، حيث حينها يتضاءل العذر بالجهل أو عدم الاطلاع، وعندها أيضا يكون للتكوين المستمر معناه ومردوديته. وزارة العدل تبعث القضاة لاستكمال التكوين، ولا ندري لماذا لا يستفيد المحامون من هذه الدورات التكوينية. ثم لماذا لا ينظم المحامون دورات تكوينية لهم في مختلف المجالات حتى يتمكنوا من مواكبة المستجدات وتجاوز ما نسميه بالإعاقة المهنية Sclérose. كما يجب التنويه بالثورة التي حققتها الأمانة العامة للحكومة بأن مكنت الباحثين من البحث في الجريدة الرسمية عن طريق بوابة لوحة البحث. وننتظر من محكمة النقض أن تضع بدورها مجانا رهن إشارة العموم إصداراتها على موقعها الإليكتروني في صيغة قابلة للمعالجة النصية وأن تضح حدا للاتجار في اجتهاداتها. يبقى على المحامي أن يتسلح بحاسوبه وأن يتعلم كيف يضع أصابعه على لوحة مفاتيحه. وعلينا أن نعتبر مسئولية التكوين والتطوير في هذا الباب مشتركة بيننا جميعا محامين وقضاة ومسئولين حكوميين والقطاع خاص. لماذا لا تسلم لنا نسخ الأحكام على الوورد. ولماذا لا ندرج مقالاتنا ومذكراتنا في حواسيب القضاة مباشرة تسهيلا لمهامنا عند تحرير مذكرات الطعن ولمهام القاضي عند تحرير حكمه ولمهام كتابة الضبط عند طبع الأحكام. سمعنا بكل تفاؤل بأن وزارة العدل والحريات بصدد إعداد دراسة لمشروع ينتهي معه التعامل الورقي في المحاكم في أفق سنة 2020. فهل يستعد المحامون للاندماج في هذا المشروع؟ وهل تتوفر مجالس الهيئات على مشروع نظام تكويني للمحامين لتأهيلهم في هذا الباب؟؟؟؟. ** السابعة حول نظام المساعدة القضائية ومساهمة الدولة في أعبائها. نظمت وقفات احتجاجية ضد مرسوم تحديد أتعاب المساعدة القضائية يوم الخميس 30 ماي 2013 من الساعة العاشرة إلى الحادية عشرة صباحا ببهو مختلف محاكم الاستئناف وبعض المحاكم الابتدائية بالمغرب بدعوة من مجالس هيئات المحامين تنفيذا لتوصية من مكتب جمعية هيئات المحامين بالمغرب ضد مرسوم تحديد أتعاب المساعدة القضائية. ويبدو أن غضب المحامين يرجع إلى أمرين الأول كون المرسوم ينزع عن مؤسساتهم سلطة تحديد وأداء الأتعاب المستحقة للمحامي في إطار المساعدة القضائية. لأن ما جرى به العمل هو تولي النقيب تحديد الأتعاب للمحامي في قضايا المساعدة القضائية التي ينتج عنها نفع مادي للمتقاضي. والأمر الثاني يرجع إلى التخوف من اعتماد معايير هذا المرسوم من طرف قضاة غرف المشورة المكلفة بالبت في الطعون المتعلقة بتحديد أتعاب المحامين خارج إطار المساعدة القضائية ولم يصدر أي بيان عن وزارة العدل يطمئن المحامين على احترام سلطة النقيب في تقدير الأتعاب. ولم يوضح وزير العدل أن تحديد أتعاب عن مهام المساعدة القضائية يدخل في إطار التزامات الدولة بالمساهمة في تعويض المحامين في إطار المساعدة القضائية ولا يمثل الأتعاب المستحقة لهم على الأقل في الظروف الراهنة وأن ميزانية الدولة لا تتحمل أكثر من هذا. في فرنسا يعرف الجميع معايير تحديد الأتعاب، مثلا استقبال الزبناء مقابل 100 يورو عن كل ساعة، وتتراوح أتعاب الإجراءات والمرافعات ما بين 500 يورو و 1500 يورو بالإضافة إلى مبلغ إضافي يحتسب على أساس نسبة 10% من المبلغ المتحصل عليه عند التنفيذ، وهذه هي المعايير التي يعتمدها مرسوم أداءات أتعاب المساعدة القضائية التي تؤديها الدولة الفرنسية عن المتقاضي إما بصفة كاملة 100% وإما بصفة جزئية حسب الوضعية المادية لطالب المساعدة القضائية، وينص المرسوم الفرنسي على مراجعة هذه الأتعاب مرة كل سنة. غير أن ما يدعو إلى الاستغراب، هو عدم الحديث عن حرية المستفيد من المساعدة القضائية في اختيار المحامي الذي يريد. بحيث يظل النقيب هو صاحب القرار في تعيين المحامي وفرضه على المتمتع بالمساعدة القضائية. وإذا كان بعض النقباء يراعون مبدأ حرية الزبون في اختيار المحامي الذي يطمئن إليه حيث يستدعونه للتشاور قبل إصدار مقرر بتعيين محام، فإن جلهم يصدر مقررات بالتعيين دون مراعاة مبدأ الحرية المقدس ويفرضون على المتقاضي محاميا دون إرادته، وكأن استفادة شخص من قرار المساعدة القضائية يقابله حرمانه من حرية اختيار المحامي. وبما أننا نحن المحامون نقدم خدمات في إطار المساعدة القضائية منذ عدة سنوات دون مقابل فإننا نعلن استعدادنا للاستمرار في تقديم هذه الخدمات مقابل ضخ المبلغ الذي ترصده الحكومة لهذا الباب في الحساب الخاص بتقاعد المحامين المفتوح لدى صندوق الإيداع والتدبير على أن نتولى نحن تنظيم وتوزيع نقط الاستفادة من هذا التقاعد. ** الثامنة حول الجمعية العمومية التي يتعذر استمرارها بشكلها الحالي. والمجلس الوطني للهيئات. منهجيا لا يمكن اقتراح العلاج قبل وصف الداء ومكامنه. الكل مقتنع بوجود خلل يتجلى في الإحساس بوجود إرهاق يثقل كاهل جميع المؤسسات نقيبا ومجلسا وجمعية عمومية بسبب تكاثر مشاكل المحامين. تكاثر عدد المحامين (عدد المحامين اليوم بالدار البيضاء مثلا يفوق 4200 محام). انعدام ضابط لمالية الهيئات ما أدى إلى المطالبة بافتحاص مالي. انعدام برنامج لتطوير المهنة وتدبير شؤونها. انعدام فعالية الأجهزة. تأثير الهواجس الانتخابية على مردودية المؤسسات. وجود ميولات سلطوية ومزاجية وتأثيرها على جودة الأداء. انعدام صلاحيات للجمعية العمومية في الهيئات التي لا زالت تلتئم فيها. غياب مبدأ المسئولية والمساءلة. غياب برنامج لندوة التمرين. غياب برنامج تكويني وإلزاميته. غياب آلية تنسيقية بين الهيئات ذات صلاحيات. غياب آلية الديموقراطية التي تقتضي المساءلة والمحاسبة وسحب الثقة عند الاقتضاء. وهذا الموضوع يتعامل معه البعض بحساسية شديدة ترفض المراقبة. هل لا زال ممكنا تدبير شؤوننا المهنية بنفس الآليات التي تعود إلى القرن الماضي؟ هل لا زال ممكنا اعتماد نفس الآليات في انتخاب الأجهزة المنوط بها تدبير شأننا المهني؟ جمعية عمومية ومجلس ونقيب. هل لا زال ممكنا اتباع نفس منهجية القرن الماضي في تنظيم النقاش حول شأننا المهني (مناقشة التقارير الأدبية والمالية والمقترحات). ألم يحن الوقت لابتكار أساليب جديدة ناجعة وفعالة. ألم يحن الوقت لإحداث آليات تسمح لجميع المحامين بالمساهمة في المناقشة والمراقبة والمساءلة وبلورة سياسات وبرامج وتوصيات والمشاركة في اتخاذ القرارات؟ ألم تعد الجمعية العمومية مجرد لقاء لتبادل السباب والاتهامات والتبلحيس؟ ألم يحن الوقت لمنح الجمعية العمومية (بالصيغة التي تضمن لجميع المحامين فرصة التعبير عن رأيهم وبكل حرية) صلاحية اتخاذ القرارات تفعيلا لمبدأ الديمقراطية والشفافية في التدبير؟ هل لا زال ممكنا جمع كل الصلاحيات بيد المجلس والنقيب (المالية، التأديب، تسيير صندوق الأداءات، التكوين، الأنشطة المهنية والثقافية والترفيهية، التقاعد والتكافل والاستشفاء، مراقبة ظروف ممارسة المهنة،…)؟ ألم يحن الوقت لتوزيع هذه المهام من أجل تخفيف العبء ولنجاعة أكثر بإحداث آليات وأجهزة جديدة ذات صلاحيات؟ تلكم تساؤلات أولية حول الوضعية تمهيدا للدخول إلى مقترحات علاجية. يجب إعادة النظر في تشكيل الجمعية العمومية بحيث تتكون من مندوبين وليس من مجموع المحامين تماما كما هو الشأن في الدوائر الانتخابية. وهذه الدوائر أو الأقسام الانتخابية تنقسم إلى فئات أو دوائر جغرافية. وهذا مجال تقني يمكن ضبطه بقانون تنظيمي. وتلتئم الجمعية العمومية المشكلة من مندوبين لا يتجاوز عددهم 120 مندوبا في ثلاث دورات (مايو شتنبر ودجنبر) لتقرر بشأن التوصيات المرفوعة إليها من طرف الأقسام وكذا المواضيع الأخرى التي تقرر جدولتها تلقائيا أو بناء على طلب مجلس الهيئة أو نقيبها. تضع الجمعية العمومية ميزانية الهيئة عند بداية كل سنة، يتقيد مجلس الهيئة بتدبيرها طبقا لنظام مالي يحدد بقانون يرسم قواعد توفر الشفافية، وتساعد على المراقبة والافتحاص والتدبير بواسطة وكيل للحسابات. يتولى مجلس الهيئة تنفيذ مقررات الجمعية العمومية المالية والأدبية ويقدم تقريره أمامها عند كل دورة. تنتخب الجمعية العمومية من بين أعضائها مجلسا خاصا بالتأديب يتكون من 10 أعضاء لمدة ثلاث سنوات وتنعقد جلسات التأديب بخمسة أعضاء ولا يمكن إعادة انتخابهم لفترتين متتاليتين، ويقدم هذا المجلس تقريره أمام الجمعية العمومية. لا يمكن الجمع بين العضوية في مجلس الهيئة والمجلس التأديبي وباقي المجالس الأخرى. تنتخب الجمعية العمومية من بين أعضائها مجلسا لإدارة حساب الودائع والأداءات يتكون من 7 أعضاء لمدة ثلاث سنوات ويعقد جلساته مرة في الشهر ولا يمكن إعادة انتخابهم لفترتين متتاليتين، ويقدم هذا المجلس تقريره أمام الجمعية العمومية. لا يمكن الجمع بين العضوية في أكثر من مجلس تنتخب الجمعية العمومية من بين أعضائها مجلسا خاصا بقضايا التقاعد والاستشفاء والمصالح الاجتماعية للمحامين يتكون من 7 أعضاء لمدة ثلاث سنوات ويعقد جلساته مرة في الشهر. ولا يمكن إعادة انتخابهم لفترتين متتاليتين، ويقدم هذا المجلس تقريره أمام الجمعية العمومية لا يمكن الجمع بين العضوية في أكثر من مجلس تنتخب الجمعية العمومية من بين أعضائها مجلسا خاصا بالإشراف على التكوين والتكوين المستمر يتكون من 7 أعضاء لمدة ثلاث سنوات ويعقد جلساته مرة في كل ثلاثة أشهر ولا يمكن إعادة انتخابهم لفترتين متتاليتين يقدم تقريره أمام الجمعية العمومية ينتخب النقيب من طرف الجمعية العمومية لفترة ثلاث سنوات غير قابلة للتجديد. لا يمكن لنقيب سابق أن يترشح لمنصب النقيب. يترأس النقيب أو من ينتدبه اجتماعات الجمعية العمومية واجتماعات المجلس التأديبيي ومجلس التقاعد ومجلس إدارة حساب الودائع والمجلس المشرف على التكوين والتكوين المستمر. ينتدب مجلس الهيئة من يمثله لدى الهيئة المختصة بالبت في استئناف المقررات التأديبية التي يصدرها المجلس التأديبي التابع للهيئة. تتمثل صلاحيات الجمعية العمومية في مساءلة ومحاسبة مجلس الهيئة والنقيب وأعضاء باقي المجالس المختصة وإقالتهم وتجري انتخابات جديدة داخل أجل شهر من تاريخ الإقالة لملء المناصب الشاغرة. تسقط العضوية في أجهزة الهيئة بالوفاة أو بالإقالة أو بفقدان الصفة في ممارسة المهنة. ** مقررات النقيب ومكتب الهيئة وباقي المجالس الأخرى قابلة للطعن أم المجلس الوطني للهيئات. يتكون المجلس الوطني للهيئات من 51 مندوبا منتخبين من طرف الجمعية العمومية لكل هيئة لمدة ثلاث سنوات على أساس نسبي عن كل هيئة. تتنافي عضوية مجلس الهيئة وباقي مجالسها مع العضوية بالمجلس الوطني للهيئات. يجتمع المجلس الوطني للهيئات في دورتين في السنة لدراسة شؤون المهنة على ضوء التقارير التي ترفع إليه من طرف مجلس الهيئات أو أي موضوع يقرر إدراجه ضمن جدول الأعمال إما تلقائيا أو بناء على مقترح من المكتب الوطني أو رئيسه ويصدر بشأنها مقررات. يختص المجلس الوطني للهيئات بالبت في استئنافات المقررات التأديبية الصادرة عن المجالس التأديبية ويشكل لهذه الغاية غرفا تتكون من خمسة أعضاء. يضع المجلس الوطني ميزانيته المالية عند بداية كل سنة، طبقا لنظام مالي يحدد بقانون يرسم قواعد توفر الشفافية، وتساعد على المراقبة والافتحاص، ويتقيد المكتب الوطني بهذه الميزانية ويقدم هذا الأخير تقريره المادي والأدبي إلى المجلس الوطني. يصادق المجلس الوطني للهيئات على نظام داخلي موحد للهيئات وللمجلس الوطني ولحساب الودائع والأداءات، ويسهر المكتب الوطني على تنفيذه والتقيد به. *محام بهيئة مراكش