حريق يأتي على سيارة إسعاف وسيدة حامل تنجو بأعجوبة    إعادة انتخاب الميلودي موخاريق أمينا عاما للاتحاد المغربي للشغل لولاية رابعة    تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس : الجمعية المغربية للصحافة الرياضية تنظم المؤتمر 87 للإتحاد الدولي للصحافة الرياضية    الملك محمد السادس يهنئ إمبراطور اليابان بمناسبة عيد ميلاده    أمن تمارة يوقف 3 أشخاص متورطين في نشر محتويات عنيفة على الإنترنت    تفكيك شبكة للإتجار بالبشر في إسبانيا استغلت أكثر من ألف امرأة    إسبانيا.. تفكيك شبكة متخصصة في الاتجار بالبشر استغلت أزيد من ألف امرأة    الاعتماد المفرط على الذكاء الاصطناعي يُهدد القدرات المعرفية للمستخدمين    بوتين يستخدم الدين لتبرير الحرب في أوكرانيا: مهمتنا الدفاع عن روسيا بأمر من الله    المغرب في الصدارة مغاربيا و ضمن 50 دولة الأكثر تأثيرا في العالم    المغرب ضمن الدول الأكثر تصديرا إلى أوكرانيا عبر "جمارك أوديسا"    نقابة تدعو للتحقيق في اختلالات معهد الحسن الثاني للزراعة والبيطرة    رسالة مفتوحة إلى عبد السلام أحيزون    طنجة تتصدر مقاييس التساقطات المطرية المسلجة خلال يوم واحد.. وهذه توقعات الإثنين    حادثة سير مروعة في نفق بني مكادة بطنجة تسفر عن مصرع فتاتين وإصابة شخصين بجروح خطيرة    مقاييس الأمطار المسجلة بالمغرب خلال ال 24 ساعة الماضية    تقرير.. أزيد من ثلث المغاربة لايستطيعون تناول السمك بشكل يومي    جمال بنصديق يحرز لقب "غلوري 98"    خامنئي: المقاومة تستمر ضد إسرائيل    انطلاق انتخابات تشريعية في ألمانيا تحت ضغط اليمين المتطرف وترامب    الكلاسيكو المغربي: الرجاء والجيش في مواجهة نارية بالقنيطرة    نهضة بركان يجني ثمار 10 سنوات من الكفاح و العمل الجاد …    عودة السمك المغربي تُنهي أزمة سبتة وتُنعش الأسواق    حماس تتهم إسرائيل بالتذرع بمراسم تسليم الأسرى "المهينة" لتعطيل الاتفاق    هل الحداثة ملك لأحد؟    بعد منعهم من حضور مؤتمر الاتحاد المغربي للشغل.. نقابيون يعلنون تضامنهم مع عبد الحميد أمين ورفاقه    رونالدو: تشرفت بلقاء محمد بن سلمان    مسؤول أمني بلجيكي: المغرب طور خبرة فريدة ومتميزة في مكافحة الإرهاب    "غضب" نقابي بسبب "انفراد" رئيس جماعة الفقيه بن صالح بإجراء تنقيلات واسعة في صفوف الموظفين    أنشيلوتي: "مواجهة أتلتيكو في دوري الأبطال ستكون صعبة"    متهم بالتهريب وغسيل الأموال.. توقيف فرنسي من أصول جزائرية بالدار البيضاء    لقاء تواصلي بين النقابة الوطنية للصحافة المغربية ووفد صحفي مصري    نجاح كبير لمهرجان ألوان الشرق في نسخته الاولى بتاوريرت    سامية ورضان: حيث يلتقي الجمال بالفكر في عالم الألوان    نزار يعود بأغنية حب جديدة: «نتيا»    إسرائيل تهاجم موقعًا عسكريًا بلبنان    خبراء وباحثون يؤكدون على أهمية قانون المالية لسنة 2025 في النهوض بالاستثمارات العمومية وتمويل المشاريع المهيكلة    فقدان الشهية.. اضطراب خطير وتأثيره على الإدراك العاطفي    أخنوش يدشن الجناح المغربي بالمعرض الدولي للفلاحة بباريس    القوات المسلحة الملكية تساهم في تقييم قدرات الدفاع والأمن بجمهورية إفريقيا الوسطى    الصين تطلق قمرا صناعيا جديدا    رضا بلحيان يظهر لأول مرة مع لاتسيو في الدوري الإيطالي    القصة الكاملة لخيانة كيليان مبابي لإبراهيم دياز … !    الشاذر سعد سرحان يكتب "دفتر الأسماء" لمشاهير الشعراء بمداد الإباء    إصابة عنصر من القوات المساعدة بحروق خطيرة في حريق سوق بني مكادة بطنجة    المغرب يعود إلى الساعة القانونية    فيروس غامض شبيه ب"كورونا" ينتشر في المغرب ويثير مخاوف المواطنين    في أول ظهور لها بعد سنة من الغياب.. دنيا بطمة تعانق نجلتيها    السينما المغربية تتألق في مهرجان دبلن السينمائي الدولي 2025    التخلص من الذباب بالكافيين يجذب اهتمام باحثين يابانيين    رمضان 2025.. كم ساعة سيصوم المغاربة هذا العام؟    المؤتمر الوطني للعربية ينتقد "الجائحة اللغوية" ويتشبث ب"اللسانَين الأم"    الحصبة.. مراقبة أكثر من 9 ملايين دفتر صحي وتخوفات من ارتفاع الحالات    على بعد أيام قليلة عن انتهاء الشوط الثاني من الحملة الاستدراكية للتلقيح تراجع نسبي للحصبة وتسجيل 3365 حالة إصابة و 6 وفيات خلال الأسبوع الفارط    اللجنة الملكية للحج تتخذ هذا القرار بخصوص الموسم الجديد    أزيد من 6 ملاين سنتيم.. وزارة الأوقاف تكشف التكلفة الرسمية للحج    الأمير رحيم الحسيني يتولى الإمامة الإسماعيلية الخمسين بعد وفاة والده: ماذا تعرف عن "طائفة الحشاشين" وجذورها؟    التصوف المغربي.. دلالة الرمز والفعل    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الشعب الجزائري على خطى إسترداد سيادته الكاملة
نشر في لكم يوم 03 - 04 - 2019

بعد ‬نحو ‬شهر ‬و ‬نيف ‬من ‬الإحتجاجات ‬الشعبية ‬في ‬الجزائر، ‬نجح ‬الشعب ‬في ‬فرض ‬إرادته ‬و ‬إسقاط ‬العهدة ‬الخامسة، ‬بل ‬و ‬دفع ‬الرئيس ‬الجزائري "‬عبد ‬العزيز ‬بوتفليقة" ‬إلى ‬تقديم ‬إسقالته ‬عشية ‬يوم ‬2 ‬أذار/ ‬أبريل ‬2019، ‬و ‬إخطار ‬المجلس ‬الدستوري ‬بإرادته، ‬ليبدأ ‬بذلك ‬مسار ‬المرحلة ‬الإنتقالية، ‬فهنيئا ‬للشعب ‬الجزائري ‬بهذا ‬الإنجاز ‬السياسي، ‬و ‬تحية ‬له ‬على ‬رقيه ‬الحضاري ‬و ‬الفكري ‬، ‬و ‬إحتجاجاته ‬السلمية، ‬و ‬بنفس ‬القدر ‬لا ‬يسعنا ‬إلا ‬أن ‬نحيي ‬قوات ‬الأمن ‬و ‬الجيش ‬الشعبي ‬الجزائري ‬على ‬إحترامه ‬إرادة ‬الشعب ‬و ‬تفادي ‬إستعمال ‬القوة ‬و ‬إراقة ‬دماء ‬أبناء ‬شعبه… ‬وهو ‬الأمر ‬الذي ‬خط ‬لوحة ‬نضالية ‬و ‬تضامنية ‬رائعة ‬تستحق ‬التقدير ‬و ‬الإحترام، ‬و ‬تحية ‬أيضا ‬للرئيس ‬بوتفليقة ‬الذي ‬عبر ‬عن ‬مرونة ‬إيجابية ‬و ‬كان ‬سببا ‬في ‬تجنيب ‬البلاد ‬الإنزلاق ‬لمصير ‬أسود، ‬و ‬هو ‬ما ‬على ‬باقي ‬الحكام ‬العرب ‬السير ‬على ‬خطاه ‬فالتغيير ‬قادم ‬لا ‬محالة، ‬فالرجل ‬سن ‬سنة ‬حسنة ‬في ‬زمن ‬الدمار ‬العربي ‬و ‬التكالب ‬على ‬السلطة ‬و ‬المناصب ‬و ‬المكاسب ‬، ‬بتنحيه ‬دون ‬سفك ‬دماء ‬شعبه…‬
غير ‬أن ‬هذا ‬النصر ‬الجزئي ‬و ‬الفرحة ‬التي ‬عمت ‬الشارع ‬الجزائري ‬ينبغي ‬التعامل ‬معها ‬بحيطة ‬وحذر ‬شديدين، ‬خاصة ‬و ‬أن ‬خطاب ‬رئيس ‬أركان ‬الجيش ‬الجزائري، ‬و ‬أيضا ‬باقي ‬القوى ‬و ‬الهيئات ‬السياسية ‬المحسوبة ‬على ‬النظام، ‬و ‬التي ‬ساهمت ‬دون ‬شك ‬في ‬رسم ‬ملامح ‬العقود ‬الماضية… ‬قد ‬حاولت ‬التودد ‬للشعب ‬و ‬توجيه ‬سهام ‬النقد ‬لما ‬تم ‬تسميته " ‬بالعصابة" ‬، ‬مع ‬العلم ‬أن ‬من ‬أطلق ‬هذا ‬الوصف ‬شكلوا ‬جزءا ‬من ‬هذه " ‬العصابة "‬، ‬و ‬كانوا ‬إلى ‬وقت ‬قريب ‬ضد ‬تنحي ‬الرئيس ‬بل ‬سببا ‬في ‬إستمراره ‬في ‬الحكم ‬رغم ‬مرضه ‬الشديد ‬و ‬الظاهر ‬للعيان..‬
و ‬لذلك، ‬كان ‬لزاما ‬على ‬الشعب ‬الجزائري ‬و ‬قادة ‬الحراك ‬الشعبي ‬التعامل ‬بحذر ‬و ‬التنبه ‬إلا ‬أن ‬يتم ‬الركوب ‬على ‬الحراك ‬المبارك، ‬و ‬محاولة ‬عسكرة ‬الجزائر ‬بدلا ‬من ‬الحرص ‬على ‬تحقيق، ‬إنتقال ‬سياسي ‬كامل ‬و ‬إقامة ‬حكم ‬مدني ‬ديموقراطي ‬تعددي ..‬كما ‬أننا ‬ندعو ‬قادة ‬الحراك ‬و ‬عموم ‬الشعب ‬إلى ‬ضرورة ‬الإستفادة ‬من ‬التجربة ‬المصرية ‬التي ‬تم ‬فيها ‬الإنقلاب ‬على ‬إرادة ‬ثورة ‬يناير ‬2011، ‬و ‬عدم ‬الإكتفاء ‬بإستقالة ‬الرئيس " ‬عبد ‬العزيز ‬بوتفليقة" ‬بل ‬ضرورة ‬التأكيد ‬على ‬مرحلة ‬إنتقالية ‬كاملة ‬، ‬و ‬نعني ‬بذلك ‬تشكيل ‬هيئة ‬تأسيسية ‬منتخبة ‬من ‬عموم ‬الشعب ‬و ‬تشارك ‬فيها ‬كل ‬مكونات ‬الشعب ‬الجزائري ‬، ‬و ‬تتولى ‬وضع ‬دستور ‬جديد ‬للبلاد ‬و ‬صياغة ‬خارطة ‬طريق ‬للمرحلة ‬القادمة، ‬مع ‬الحرص ‬على ‬تغليب ‬منطق ‬الحوار ‬و ‬التعايش، ‬و ‬عدم ‬تغليب ‬منطق ‬التعصب ‬و ‬الإنقسام، ‬و ‬بدلا ‬من ‬الحرص ‬على ‬الإنتقام ‬من ‬رموز ‬النظام ‬القديم ‬و ‬حل ‬الحزب ‬الحاكم، ‬ينبغي ‬توفير ‬هذا ‬الجهد ‬لصياغة ‬مصالحة ‬حقيقة ‬دون ‬أن ‬يمنع ‬ذلك ‬من ‬محاسبة ‬المفسدين ‬و ‬دفعهم ‬لإسترداد ‬ما ‬نهبوه، ‬وهنا ‬تحضرني ‬تجربة ‬جنوب ‬إفريقيا، ‬فقد ‬كانت ‬تجربة ‬رائدة ‬للإنتقال ‬السلمي ‬للسلطة ‬و ‬للمصالحة …‬
و ‬بنفس ‬القدر، ‬ينبغي ‬أن ‬يستفيد ‬الحراك ‬الشعبي ‬في ‬الجزائر ‬من ‬الإنتكاسات ‬التي ‬تعرضت ‬لها ‬ثورات ‬الربيع ‬العربي، ‬خاصة ‬في ‬سوريا ‬و ‬ليبيا ‬و ‬اليمن ‬ومصر، ‬و ‬تشكيل ‬جبهة ‬موحدة ‬بين ‬مختلف ‬القوى ‬المدنية ‬والسياسية، ‬الإجتماعية ‬و ‬النقابية ‬في ‬البلاد، ‬و ‬الإتفاق ‬على ‬خارطة ‬طريق ‬للمرحلة ‬الحالية ‬والقادمة..‬
لأجل ‬هذا ‬فإن ‬ترك ‬الشارع ‬و ‬الإحتجاج ‬ينبغي ‬أن ‬يكون ‬مدروسا، ‬و ‬لا ‬يمكن ‬القبول ‬بأي ‬حال ‬بمجرد ‬هذه ‬الإستقالة ‬فهذه ‬الخطوة ‬غير ‬كافية ‬لتحقيق ‬إنتقال ‬حقيقي ‬السلطة، ‬لذلك، ‬ندعو ‬قادة ‬الحراك ‬إلى ‬التحلي ‬بالصبر ‬والتسامح ‬مع ‬بعض ‬تجاوزات ‬الأجهزة ‬الأمنية، ‬وتفادي ‬ردود ‬الفعل ‬الفورية ‬و ‬السريعة ‬و ‬غير ‬المدروسة، ‬كما ‬ينبغي ‬عدم ‬الإضرار ‬بالممتلكات ‬الخاصة ‬والعامة ‬و ‬حمايتها ‬من ‬المندسيين ‬و ‬تعامل ‬قادة ‬الحراك ‬بصرامة ‬مع ‬دعاة ‬الشغب ‬وتقديمهم ‬للشرطة ‬الجزائرية ‬بعد ‬التأكد ‬من ‬هويتهم، ‬لأنهم ‬في ‬الغالب ‬لهم ‬علاقة ‬بأجهزة ‬الأمن ‬بطريقة ‬مباشرة ‬أو ‬غير ‬مباشرة ‬، ‬لأن ‬النظام ‬يحاول ‬جاهدا ‬جر ‬الحراك ‬إلى ‬إستعمال ‬العنف ‬و ‬بالتالي ‬إتهام ‬النشطاء ‬بالإرهاب ‬و ‬هي ‬الوصفة ‬السحرية ‬التي ‬تتقنها ‬الأنظمة ‬العربية ‬المستبدة ‬والفاسدة..‬
فبنظرنا، ‬أن ‬النظام ‬الجزائري ‬في ‬حالة ‬إحتضار ‬و ‬على ‬درجة ‬من ‬التفكك ‬وتضارب ‬المصالح، ‬فالرئيس ‬بوتفليقة ‬منذ ‬نحو ‬6 ‬سنوات ‬شبه ‬غائب ‬عن ‬إدارة ‬شؤون ‬البلاد ‬فهو ‬مجرد ‬واجهة ‬تم ‬إستغلالها ‬للإستمرار ‬في ‬السيطرة ‬على ‬الحكم ‬و ‬إحتكار ‬الثروة ‬و ‬السلطة ..‬و ‬كل ‬ذلك ‬تم ‬بدعم ‬و ‬تدخل ‬المستعمر ‬الفرنسي ‬، ‬الذي ‬لازال ‬يحتكر ‬و ‬يستغل ‬جزء ‬كبير ‬من ‬ثروات ‬الجزائر ‬، ‬خاصة ‬الغاز ‬الطبيعي ‬بحقل ‬"أدرار" ‬حيث ‬أن ‬فرنسا ‬تستحوذ ‬على ‬نحو ‬65٪ ‬من ‬المداخيل ‬و ‬يستمر ‬هذا ‬الإستحواذ ‬إلى ‬حدود ‬2040..‬
كما ‬أن ‬بلدان ‬الخليج ‬التي ‬تتوفر ‬على ‬سيولة ‬نقدية ‬سوف ‬تتدخل ‬لإحباط ‬تطلعات ‬الشعب ‬الجزائري ‬و ‬لن ‬تتورع ‬في ‬تقديم ‬الدعم ‬اللوجيستي ‬و ‬الأمني ‬و ‬المالي ‬لإعادة ‬إنتاج ‬التجربة ‬المصرية ‬والليبية ‬في ‬الجزائر، ‬بغرض ‬وأد ‬الموجة ‬الثانية ‬من ‬ثورات ‬الربيع ‬العربي، ‬و ‬التي ‬إنطلقت ‬شرارتها ‬من ‬الجزائر ‬و ‬السودان‮...‬
‬ويضاف ‬إلى ‬ذلك، ‬أن ‬الجزائر ‬بلد ‬غني ‬بثرواته ‬الطبيعية، ‬خاصة ‬الغاز ‬الطبيعي ‬و ‬البترول، ‬و ‬دورها ‬في ‬تأثير ‬على ‬السوق ‬الدولي ‬مهم ‬، ‬لا ‬سيما ‬مع ‬استمرار ‬القلاقل ‬و ‬حالة ‬عدم ‬الإستقرار ‬في ‬فنزويلا، ‬و ‬أيضا ‬العقوبات ‬المفروضة ‬على ‬إيران، ‬فالقوى ‬الدولية ‬يهمها ‬إستقرار ‬الأوضاع ‬في ‬الجزائر ‬لتأمين ‬تدفق ‬الطاقة ‬إلى ‬السوق ‬الدولية ‬بشكل ‬سلس، ‬و ‬هو ‬ما ‬سيدفع ‬بعض ‬القوى ‬الدولية ‬إلى ‬التعبير ‬عن ‬دعمها ‬لتطلعات ‬الشعب ‬شكليا، ‬لكن ‬في ‬الجوهر ‬فهي ‬ستقدم ‬كامل ‬الدعم ‬لمن ‬يخدم ‬مصالحها ‬و ‬لن ‬تتورع ‬في ‬دعم ‬بعض ‬أركان ‬النظام ‬القديم ‬ماديا ‬و ‬معنويا ‬بغرض ‬ضمان ‬السيطرة ‬على ‬موارد ‬البلاد ‬و ‬قدراتها .. ‬لكن ‬هذا ‬الدعم ‬لن ‬يثمر ‬نتائج ‬ملموسة، ‬إذا ‬ما ‬إستطاع ‬الحراك ‬الشعبي ‬أن ‬يستمر ‬في ‬الزمان ‬و ‬المكان، ‬و ‬أن ‬تتوجه ‬الجهود ‬إلى ‬تنظيم ‬عصيان ‬مدني ‬يستهدف ‬شل ‬او ‬الحد ‬من ‬حركة ‬إنتاج ‬و ‬تصدير ‬الطاقة، ‬بغرض ‬دفع ‬المجتمع ‬الدولي ‬و ‬خاصة ‬القوى ‬الدولية ‬المهيمنة ‬إلى ‬تبني ‬موقف ‬الحياد ‬و ‬ترك ‬الشعب ‬الجزائري ‬يقرر ‬مصيره ‬و ‬يحدد ‬مساره ‬و ‬مستقبله ‬السياسي ‬و ‬الإجتماعي ‬و ‬الإقتصادي ‬بكامل ‬الحرية …‬
وبنظرنا، ‬فإن ‬القيادة ‬الحكيمة ‬والمدروسة ‬للحراك ‬الشعبي ‬في ‬الجزائر، ‬لها ‬أهمية ‬بالغة ‬ليس ‬للشعب ‬الجزائري ‬فقط، ‬بل ‬لباقي ‬شعوب ‬الإقليم ‬المغاربي ‬و ‬العربي، ‬و ‬التي ‬تنتظر ‬نجاح ‬هذه ‬الحركة ‬في ‬إسقاط ‬حكم ‬العسكر، ‬و ‬ما ‬الرئيس ‬"بوتفليقة" ‬إلا ‬واجهة ‬يتم ‬التمسك ‬بها ‬للإستمرار ‬في ‬نهب ‬ثروات ‬البلاد ‬و ‬العباد‮...‬
‬وقد ‬قلنا ‬في ‬مقال ‬سابق " ‬أن ‬ترشح ‬بوتفليقة ‬للعهدة ‬الخامسة ‬لن ‬يستمر ‬إذا ‬إستمر ‬الحراك ‬الشعبي ‬بنفس ‬الوثيرة، ‬وليس ‬من ‬المستبعد ‬أن ‬نسمع ‬خبر ‬وفاة ‬الرجل ‬نتيجة ‬لتدهور ‬حالته ‬الصحية...فكما ‬ضحى ‬الجيش ‬المصري ‬بالرئيس ‬"مبارك" ‬في ‬2011 ‬فمن ‬الوارد ‬أن ‬يتكرر ‬نفس ‬السيناريو ‬في ‬الجزائر، ‬خاصة ‬وان ‬الرئيس ‬بوتفليقة ‬حالته ‬الصحية ‬لا ‬تسمح ‬له ‬بالمناورة، ‬و ‬عائلته ‬لن ‬تستطيع ‬مقاومة ‬الضغوط ‬من ‬جهة ‬باقي ‬أطراف ‬النظام، ‬و ‬أيضا ‬في ‬مواجهة ‬الضغوط ‬الشعبية ‬والدولية.."‬
فالشعب ‬الجزائري ‬في ‬طور ‬تحقيق ‬إستقلاله ‬الحقيقي، ‬فإزاحة ‬نظام ‬فرنسا ‬من ‬السلطة ‬، ‬هو ‬تحرير ‬للبلاد ‬و ‬ثرواتها ‬من ‬الطغمة ‬الحاكمة، ‬ومن ‬الشركات ‬الفرنسية ‬، ‬لذلك ‬فإن ‬التحدي ‬الكبير ‬الذي ‬يواجه ‬الشعب ‬الجزائري، ‬ليس ‬إطاحة ‬الرئيس ‬"بوتفليقة" ‬فالرجل ‬أيامه ‬في ‬الدنيا ‬أصبحت ‬معدودة ‬بحكم ‬تقدمه ‬في ‬العمر ‬وتدهور ‬حالته ‬الصحية ‬، ‬فالأمر ‬أكبر ‬و ‬أعمق ‬من ‬ذلك، ‬فالقضية ‬تحرير ‬ثروات ‬البلاد ‬من ‬الهيمنة ‬الفرنسية، ‬و ‬جعل ‬القرار ‬السياسي ‬و ‬الإقتصادي ‬قرارا ‬وطنيا ‬، ‬يخدم ‬مصالح ‬الوطن ‬والمواطنين، ‬و ‬التأسيس ‬لجمهورية ‬ثانية ‬عنوانها ‬الحرية ‬والكرامة ‬و ‬الإستقلال ‬التام…‬
و ‬في ‬الختام، ‬نتمنى ‬لهذا ‬الشعب ‬العظيم ‬أن ‬ينجح ‬في ‬سعيه ‬لإقامة ‬نظام ‬حكم ‬ديموقراطي، ‬مدني ‬و ‬تعددي، ‬يعبر ‬عن ‬إرادة ‬الناس ‬و ‬يحترم ‬التنوع ‬و ‬التعددية ‬التي ‬تطبع ‬المجتمع ‬الجزائري، ‬و ‬لابد ‬لتحقيق ‬ذلك ‬من ‬تفادي ‬العنف ‬فالسلمية ‬أقوى ‬من ‬الرصاص ‬و ‬من ‬قوة ‬الحديد ‬و ‬النار، ‬و ‬على ‬قادة ‬الحراك ‬الشعبي ‬أن ‬ينتبهوا ‬إلى ‬المندسين ‬و ‬الذين ‬يدفعون ‬بإتجاه ‬إستعمال ‬العنف، ‬و ‬الإضرار ‬بالممتلكات ‬الخاصة ‬والعامة، ‬مع ‬الحرص ‬على ‬التعامل ‬بأقصى ‬حالات ‬ضبط ‬النفس ‬مع ‬تدخلات ‬قوى ‬الأمن ‬و ‬عدم ‬الإنزلاق ‬للعنف، ‬و ‬تبني ‬خطاب ‬سياسي ‬يغلب ‬منطق ‬العيش ‬المشترك ‬و ‬التسامح ‬و ‬التنوع ‬السياسي ‬و ‬الفكري، ‬و ‬الإبتعاد ‬عن ‬الدوغمائية ‬و ‬الغوغائية ‬و ‬التحزب ‬ضيق ‬الأفق.. ‬و ‬مجددا ‬تحية ‬للشعب ‬الجزائري ‬الذي ‬أبهرنا ‬بتحضره ‬ووعيه، ‬و ‬الأكثر ‬من ‬ذلك، ‬أن ‬رفع ‬العلم ‬الجزائري ‬صاحبه ‬و ‬جواره ‬رفع ‬علم ‬فلسطين، ‬هو ‬ما ‬يمثل ‬رسالة ‬رمزية ‬واضحة ‬الدلالة ‬للداخل ‬و ‬للخارج، ‬ينبغي ‬أن ‬نتعامل ‬معها ‬بإيجابية ‬وتفاؤل، ‬فالمستقبل ‬إن ‬شاء ‬الله ‬ستصنعه ‬هذه ‬الشعوب ‬العربية، ‬فبالرغم ‬مما ‬مورس ‬عليها ‬من ‬تضليل ‬و ‬ظلم، ‬إلا ‬أن ‬الشعوب ‬و ‬هي ‬تقاوم ‬الإستبداد ‬و ‬الحكم ‬الظالم، ‬لا ‬تنسى ‬قضية ‬فلسطين ‬و ‬القدس ‬و ‬المسجد ‬الأقصى ‬المبارك، ‬و ‬ذلك ‬دليل ‬على ‬أن ‬حياة ‬الأمة ‬وتقدمها ‬و ‬نهضتها ‬لا ‬ينفصل ‬عن ‬الدفاع ‬عن ‬مقدسات ‬الأمة ‬و ‬العودة ‬إلى ‬الأصل، ‬و ‬الأصل، ‬بنظرنا ‬الإسلام ‬و ‬تعاليمه ‬و ‬توجيهاته ‬السامقة، ‬و ‬التمسك ‬بالوحدة ‬العربية/ ‬الإسلامية ‬فهي ‬مصدر ‬القوة ‬في ‬حالة ‬توافرها، ‬و ‬الضعف ‬و ‬الهوان ‬عند ‬غيابها…‬و ‬الله ‬غالب ‬على ‬أمره ‬ولكن ‬أكثر ‬الناس ‬لا ‬يعلمون‮...‬
إعلامي ‬و ‬أكاديمي ‬متخصص ‬في ‬الإقتصاد ‬الصيني ‬و ‬الشرق ‬آسيوي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.