نشر المجلس الأعلى للحسابات تقريرا موضوعاتيا حول مدى جاهزية المغرب لتنفيذ أهداف التنمية المستدامة 2030-2015، والتي اعتمدتها الجمعية العامة للأمم المتحدة بتاريخ 25 سبتمبر 2015. من خلال إطلاقه لمهمة مراجعة مدى الجاهزية على المستوى الوطني لتحقيق الأهداف السابعة عشر (17) لخطة (2015-2030) للتنمية المستدامة. وشملت هذه المراجعة بالأساس، سبع وزارات ومؤسسات تم اختيارها نظرا لانخراطها في عملية تنسيق وتتبع الأشغال التحضيرية لتنفيذ برنامج 2030 و لمساهمة أنظمتها المعلوماتية الإحصائية في إنتاج مؤشرات تتبع أهداف التنمية المستدامة، إضافة إلى أن هذه المراجعة همّت الفترة الممتدة من 25 شتنبر 2015 إلى 31 ماي 2018، وهي الفترة المعنية بخلاصات هذه المراجعة. وتم اختيار الهدفين الثالث والرابع للتنمية المستدامة، المتعلقين على التوالي بقطاعي الصحة والتعليم، كنماذج لتشخيص درجة جاهزية القطاعات الحكومية لتنفيذ خطة 2030.
وأوضح التقرير في خلاصاته أن مراجعة المجلس الأعلى للحسابات لمدى جاهزية المغرب لتنفيذ أهداف التنمية المستدامة، مكنت من تسجيل التزام المغرب بشكل واضح بتنزيل برنامج 2030 وكذلك توفره على إطار دستوري وتشريعي ملائم لتحقيق هذه الأهداف. كما سجل التقرير، أن درجة استيعاب الأهداف التنموية وتبنيها من طرف المواطنين والجهات المعنية غير كافية، وذلك نتيجة لغياب إطار للتنسيق والتتبع يسمح بتجميع وضمان تكامل الإجراءات المتخذة من طرف مختلف الأطراف المتدخلة، وكذا غياب استراتيجية للتواصل والتحسيس حول أهداف التنمية المستدامة تتلاءم مع كافة المستويات والغايات المستهدفة. وأضاف التقرير، أنه تم تسجيل بطء وتيرة اتخاذ التدابير الرامية لانسجام وملاءمة الاستراتيجية الوطنية للتنمية المستدامة. إضافة إلى كون هذه الاستراتيجية الوطنية تسجل نقائص متعلقة بضعف تبنيها من طرف بعض المتدخلين. أما على مستوى تجميع المعطيات الخاصة بقياس المؤشرات، فقد سجلت مهمة المراجعة فعالية النظام الإحصائي الوطني، وأن هذا النظام مدعو لتجاوز بعض النقائص المتعلقة بغياب تنسيق وملاءمة الإجراءات والعمليات الإحصائية المنجزة من طرف مختلف مكوناته. وهو ما يستدعي تفعيل دور لجنة تنسيق الدراسات الإحصائية في انتظار خلق المجلس الوطني للإحصاء. وبخصوص تغطية المؤشرات والغايات المستهدفة، لاحظت مهمة المراجعة أن الأمر يقتصر على تشخيص أولي تم إنجازه من طرف المندوبية السامية للتخطيط ومن طرف بعض مكونات هذا النظام، والذي خلص لقدرة هذا الأخير على إنتاج 48 بالمائة من المؤشرات المعتمدة في برنامج 2030، في حين لم يتم بعد إعداد قائمة القيم المرجعية لهذه المؤشرات. وفي هذا الصدد أظهر التقرير، أن بحثاً وطنياً حول تصور الأسر المغربية لبعض مرامي الأهداف الرئيسية للتنمية المستدامة، قامت به المندوبية السامية للتخطيط سنة 2016، مكّن من قياس درجة ثقة المغاربة في قدرة البلاد على تنفيذ خطة 2030، أظهرت نتائجه أن غالبية السكان واثقون من أن المغرب يمتلك القدرات اللازمة لتحقيق الأهداف بنسب ثقة تتراوح بين 70 و91 بالمائة. وأن 84 بالمائة من الذين تم استجوابهم ليسوا على علم بالتزام المجتمع الدولي والمملكة المغربية من أجل تحقيق أهداف التنمية المستدامة في أفق عام 2030. ولاحظ المجلس الأعلى للحسابات في تقريره كذلك أن الحكومة لم تحدد مقاربة رسمية لأجل تنفيذ خطة 2030 لأهداف التنمية المستدامة. ولم يتم تعيين أي جهاز لقيادة الإعداد لتنفيذ البرنامج. وأنه لا توجد أي بنية وطنية للحكامة قائمة على أساس توزيع واضح للأدوار والمسؤوليات بين مختلف المتدخلين. بالإضافة إلى ذلك سجل المجلس أن نطاق مشاركة القطاع الخاص ليس بالمستوى المطلوب بالنظر إلى العدد القليل من الإجراءات المتخذة لضمان تنفيذ أهداف التنمية المستدامة، مضيفا أن الجماعات الترابية تبقى الحلقة الضعيفة في عملية الانخراط والتعبئة لتنفيذ خطة 2030 نظرا لضعف أنشطة التوعية، وأن جهة طنجةتطوانالحسيمة هي الجهة الوحيدة التي نظمت ورشة في موضوع التنمية المستدامة بشراكة مع المندوبية السامية للتخطيط سنة 2017. وأما الاستراتيجية الوطنية للتنمية المستدامة التي أعدتها الحكومة كإطار عام لوضع سياسة شاملة للتنمية المستدامة، فقد كشفت التحريات التي قام بها المجلس الأعلى للحسابات لدى مجموعة من الفاعلين، أن العديد من أوجه القصور المتعلقة بعملية اعتماد الاستراتيجية، مما أدى إلى بطء عملية تكييفها وتقاربها لأجل تحقيق أهداف التنمية المستدامة. كما شدد التقرير في توصياته على إحداث هيئة ونظام يضمن انخراط مختلف المتدخلين المعنيين وتجميعهم، بهدف ضمان تنسيق وتتبع خطة 2030 المتعلقة بأهداف التنمية المستدامة. وتوسيع المشاورات مع جميع الأطراف الفاعلة على المستوى الوطني والجهوي والمحلي، والحرص على وضع استراتيجية وطنية للتحسيس والتواصل تكون ملائمة لجميع الفئات. وأضاف التقرير في توصياته، ضرورة وضع خطط عمل مفصلة لتحقيق أهداف التنمية المستدامة والمصادقة عليها، مع تحديد الوسائل والآجال والمتدخلين وطرق التمويل الضرورية لتنزيلها، مع العمل على تضمينها للمبادرات ذات الصلة المتخذة من طرف بعض القطاعات الوزارية وفاعلين آخرين. كما أكد المجلس على التعجيل بتفعيل مسطرة تحيين وتأهيل وإصلاح الإطار القانوني والتنظيمي والمؤسساتي للنظام الإحصائي الوطني، والعمل على تفعيل وتعزيز دور لجنة تنسيق الدراسات الإحصائية، وحث الأطراف المتدخلة على احترام الصلاحيات الممنوحة لهذه اللجنة. فيما رَد رئيس الحكومة على ملاحظات مجلس جطو، بأن هذا الأخير يعتبر أهداف التنمية المستدامة بمثابة إطار يسمو على الاستراتيجيات والسياسات الوطنية، والتي يجب أن تكون مدمجة ضمنه بغض النظر عن الخصوصيات الوطنية، غير أن أهداف التنمية المستدامة تشكل إطارا مرجعيا يجب على الدول الأعضاء أن تأخذه بعين الاعتبار عند إعداد وتنزيل الاستراتيجيات والسياسات الوطنية. وفيما يخص تنزيل أهداف التنمية المستدامة، أكد رئيس الحكومة على أنه تم تنظيم أول لقاء وطني بالرباط في شهر ماي 2016 مع مختلف الأطراف المعنية من أجل التحسيس بضرورة تفعيل أهداف التنمية المستدامة. كما أضاف رئيس الحكومة في رده على التقرير، “أنه منذ المصادقة على الاستراتيجية الوطنية للتنمية المستدامة في المجلس الوزاري المنعقد في يونيو 2017، تم الشروع في تنزيلها وفي تسريع وتيرته، لاسيما بوضع إطار للحكامة حيث تم إحداث لجنتين، اللجنة الاستراتيجية يترأسها رئيس الحكومة، ولجنة القيادة تترأسها كتابة الدولة المكلفة بالتنمية المستدامة. مؤكدا على أنه تم اقتراح أكثر من عشرين مخطط عمل قطاعي للتنمية المستدامة من أجل تحديد مساهمة كل قطاع في هذه الاستراتيجية، وأنه تم اتخاذ إجراءات تروم تبني بعض أهداف التنمية المستدامة على المستوى الجهوي، عبر إعداد مخططات ترابية لمكافحة الاحتباس الحراري”.