Photo: Amraoui Lahcen و م ع – علي الحسني العلوي : انخرط إقليمالرشيدية٬ الذي ما فتئ يشهد تحولات على كافة المستويات خلال العشرية الأخيرة٬ في استراتيجية فلاحية متكاملة تعتمد تدابير واجراءات عملية تروم تعزيز مكانته كقطب فلاحي مهم لإنتاج التمور على مستوى جهة مكناس تافيلالت وجعل هذا القطاع رافعة أساسية للتنمية المحلية بالإقليم. ويأتي في مقدمة هذه التدابير والإجراءات المتخذة٬ إطلاق العديد من البرامج التنموية الرامية إلى الحفاظ على ثقافة زراعة النخيل المثمر٬ من قبيل وضع مخطط وطني لإعادة هيكلة وتنمية النخيل منذ سنة 1986 وإدراج واحات الجنوب المغربي سنة 2000 ضمن الشبكة العالمية لمحميات المحيط الحيوي لليونسكو٬ وإصدار قانون 01 – 06 المتعلق بالتنمية المستدامة للنخيل وحماية نخيل التمور (سنة 2007) ٬ وكذا إدماج النخيل ضمن مشروع زراعة الأشجار المثمرة لبرنامج حساب تحدي الألفية 2008 – 2013. ووعيا بمكانة سلسلة إنتاج التمور ضمن النشاط الفلاحي بمنطقة تافيلالت خصوصا والنسيج الاقتصادي والمنظومة البيئية الوطنية عموما٬ يأتي “المخطط الأخضر ” الجهوي المتعلق بمنطقة تدخل المكتب الجهوي للاستثمار الفلاحي بالرشيدية ٬ لينضاف إلى سلسلة الإجراءات والبرامج والمشاريع التي تم تنفيذها أو هي في طور الإنجاز ٬ والتي تروم بالأساس تقوية البنية التحتية لإنتاج التمور. وفي هذا الإطار٬ أعطى صاحب الجلالة الملك محمد السادس٬ خلال شهر نونبر 2009 بالجماعة القروية السيفة (إقليمالرشيدية)٬ انطلاقة إنجاز مشروع غرس مليون نخلة في أفق سنة 2015 بهذه المنطقة٬ والذي رصد له غلاف مالي يبلغ مليار و250 مليون درهم. ويتوخى هذا المشروع٬ الذي يندرج بدوره في إطار مخطط المغرب الأخضر٬ ويستفيد منه ستة آلاف فلاح٬ توفير 450 ألف يوم عمل٬ وضمان تلفيف وتخزين حوالي خمسة آلاف طن من التمور محليا٬ والرفع من الإنتاج من 26 ألف طن خلال سنة 2010٬ ليصل إلى 95 ألف طن سنة 2030. ويشمل هذا المشروع٬ الذي يندرج في إطار برنامج عام لتنمية قطاع النخيل بمنطقة تافيلالت ويسعى إلى غرس مليونين و250 ألف نخلة بحلول سنة 2020٬ توسيع مساحة الواحات بإضافة 4 آلاف هكتار من خلال غرس 750 ألف فسيلة٬ وإنشاء وحدة لإنتاج الفسائل وخمس وحدات لتلفيف وتخزين التمور. وبالموازاة مع الإجراءات العملية المتخذة في إطار مخطط المغرب الأخضر٬ تم إطلاق مبادرات أخرى مواكبة تصب كلها في اتجاه خلق نقلة نوعية في مجال إعادة الاعتبار للواحات٬ والاهتمام بالجانب البيئي لهذا الموروث النباتي الوطني٬ فضلا عن تطوير وتثمين إنتاج التمور. وفي هذا السياق٬ وتحقيقا لنفس الغاية٬ تم إحداث الوكالة الوطنية لتنمية الواحات وشجر الأركان في نونبر 2009٬ التي عهد إليها بالخصوص العمل على صون وحماية وتنمية الواحات٬ ولاسيما من خلال وضع مشاريع اقتصادية واجتماعية٬ وحماية وتنمية أشجار النخيل لتحسين الإنتاج وتشجيع الاستثمار الفلاحي وهيكلة سلسلة إنتاج وتسويق وتثمين منتوجات أشجار النخيل٬ خاصة في إطار الشراكة مع مختلف المتدخلين٬ وكذا تشجيع عقلنة تدبير الموارد المائية وتثمينها ومحاربة التصحر وزحف الرمال. ومن أجل تأهيل التنظيم المهني المرتبط بإنتاج التمور٬ أقدم مهنيو القطاع بالإقليم خلال سنة 2010 ٬ ضمن هذه الاستراتيجية الطموحة٬ على إحداث الفيدرالية الوطنية لمنتجي التمور (المكتبان الجهويان للاستثمار الفلاحي لورزازات وتافيلالت)٬ التي تروم التنسيق مع وكالة تنمية مناطق الواحات وشجرة أركان٬ كما تتوخى هيكلة قطاع التمور وتحسين الإنتاجية ورفع الإنتاج بالمناطق التي تنتشر فيها الواحات. وللدفع بهذا القطاع نحو آفاق واعدة٬ أضحت إعادة هيكلة قنوات تسويق منتوج التمور تشكل أحد أهم الأوراش الرامية لتثمين هذه الزراعة٬ ويتعلق الأمر بمساعدة المنتجين للرفع من نشاطهم من خلال فتح قنوات تسويق التمور والمنتوجات التمرية٬ وكذا مختلف المنتوجات المستخرجة من النخيل. ولعل أحد أهم الإجراءات التسويقية لهذا المنتوج٬ والتي تندرج ضمن المخطط الاخضر الجهوي٬ إحداث 15 وحدة للتخزين والتعبئة في أفق 2020 بهدف الرفع من مستوى تنافسية تمور المنطقة. ويشكل في هذا الاطار الموسم التقليدي للتمور٬ الذي ينظمه المكتب الجهوي للاستثمار الفلاحي بتافيلالت بشراكة مع السلطات الإقليمية والبلدية لأرفود٬ مناسبة لتثمين زراعة النخيل بالمغرب وأهميتها السوسيو- اقتصادية والبيئية. وحسب أرقام للمكتب الجهوي للاستثمار الفلاحي بتافيلالت٬ فإن قطاع النخيل يوفر 5ر1 مليون يوم عمل سنويا ويساهم في استقرار الساكنة القروية بالواحات٬ مشكلا بذلك 65 في المائة من مدخول الاستغلاليات بها. وتقدر قيمته الإنتاجية المتوسطة بíœ 300 مليون درهم. وتعتبر أشجار النخيل٬ فضلا عن دورها الاجتماعي والاقتصادي٬ مصدر فخر بالنسبة لساكنة تافيلالت٬ ومن بين أقدم الأشجار المثمرة بالمنطقة٬ حيث تشكل أشجار النخيل٬ التي يبلغ عددها حوالي مليون و399 ألف ويبلغ متوسط إنتاجها 26 ألف طن٬ ركيزة القطاع الفلاحي بواحات تافيلالت. وإذا كان انتاج التمور من النوع الذي يطلق عليه ” المجهول”٬ المعروف بقيمته الغذائية٬ لا يشكل إلا واحدا في المائة من الانتاج الاجمالي بالجهة٬ فإن أنواع أخرى تنتج بكميات كبيرة مثل ” الخلت” (49 في المائة) و”بوفوكوس” (25 في المائة) و”بوسليخن” (25 في المائة). ويرى مهنيو القطاع أنه رغم كل المجهودات المبذولة لتأهيل هذا القطاع الإنتاجي٬ وجعله يضطلع بدوره كاملا٬ سواء على المستوى الاقتصادي أو الاجتماعي أو البيئي فإن مرض “البيوض” وعامل الجفاف يظلان من أهم الإكراهات التي تواجه قطاع زراعة النخيل المثمر بإقليمالرشيدية . إلا أنه بالرغم من ذلك فإن قطاع التمور يتوفر على العديد من المميزات٬ خاصة على صعيد مكونات سلسلة الإنتاج٬ وذلك من قبيل غنى التنوع الوطني لأصناف التمور٬ بتواجد أنواع ذات صيت عالمي٬ وتوفر دراية محلية وخبرة وطنية متخصصة. وحسب معطيات وزارة الفلاحة والصيد البحري٬ فإن منطقتي ورزازاتوالرشيدية تساهمان لوحدهما بحوالي 90 في المائة من الإنتاج الوطني من التمور بمختلف أنواعه٬ وذلك على مساحة إجمالية تصل إلى 471 ألف كلم مربع تمثل قرابة ثلثي التراب الوطني.