مناطق من الجنوب الشرقي : عندما تتحالف الطبيعة مع المخزن عبد الحكيم أمهاوش
تعيش بعض مناطق الجنوب الشرقي للمغرب هذه الأيام عزلة تامة ،نتيجة فيضانات الأودية المترتبة عن التساقطات المطرية الأخيرة .فالسكان يظلون محاصرون لعدة أيام في انتظار انخفاض منسوب مياه الوادي لتثبيت جسر خشبي يربط المنطقة المعزولة بالضفة الأخرى للوادي ،كما هو الشأن بالنسبة للضفة الشرقية لوادي دادس (تساويت ،أيت ياسين ،سرغين ، إعطاشن...)والضفة الغربية لوادي مكون من جهة الشمال وضفته الشرقية من جهة الجنوب( أيت بوطيب،أيت ورشديق،علقمت، أيت عيسي ،تيميشا...) ، في ظل غياب مسالك طرقية معبدة وقناطر تخفف من المعاناة اليومية للسكان. فحياة هِؤلاء السكان مرتبطة بالجسر الخشبي الموجود على الوادي إذ منه تمر جميع المواد الأساسية من زيت وسكر وخبز وخضر وكل المستلزمات الضرورية للحياة زد على دلك تمركز جميع الخدمات المتردية أصلا، في الوسط الحضري (قلعة مكونة وبومالن دادس)من صحة وتعليم وإدارة عمومية. فالتلميذ يضطر إلى التنقل عشرات الكيلومترات للالتحاق بالثناويات والإعداديات الموجودة في المركز ، وهذا ما يشكل خطرا على حياته كلما تهطل الأمطار، حيت يكون مرغما عن الانقطاع عن الدراسة بشكل متكرر لعدة أيام مما يشجع عن الانقطاع عنها نهائيا خصوص في صفوف التلميذات، إضافة إلى غياب الرعاية الصحية بحيث أن الضفة الشرقية لوادي دادس لا تتوفر إلا على مستشفى صغير يعمل به ممرض واحد، مع شبه انعدام للخدمات الصحية ،كما هو الحال بالنسبة لمستشفى أيت تازرين الموجود بجماعة أيت سدرات السهل الغربية. مع غياب تام للخدمات الاجتماعية وأدنى شروط العيش الكريم.
من الغريب أن يعيش سكان هذه المناطق في ظل التهميش والإقصاء الممنهجين من طرف الحكومات المتعاقبة على تسيير شأن البلاد ،وهم ينتمون إلى أغنى مناطق البلاد ،حيت يتوفر إقليم تنغير التي تنتمي إليه كل من الضفة الشرقية لوادي دادس والضفة الغربية لوادي مكون على ثروات معدنية مهمة إذ يعتبر منجم إميضر سابع أكبر منجم ينتج الفضة في العالم إضافة إلى توفر هذه المناطق على مؤهلات سياحية مهمة تساهم بنسب كبيرة في الاقتصاد المحلي والوطني.لكن مع ذلك لا تزال هذه المناطق تحت ويلات التهميش والإقصاء وسياسات "المغرب الغير النافع"المعتمدة من طرف المخزن.
إن إحداث طرق معبدة وبناء جسور وفك العزلة عن أهلينا في مناطق الجنوب الشرقي عموما والاستجابة الفعلية لمطالبهم العادلة و المشروعة وإعادة الاعتبار لهم ،أصبح ضرورة موجبة و حاجة ملحة ،إذ لا يمكن الحديت عن أي تنمية وإصلاح في ظل استمرار أشكال التهميش والإقصاء ،فعلى المسؤولين محليا ووطنيا تنفيذ التزاماتهم لتنمية المنطقة اقتصاديا و اجتماعيا ،والوعي بخطورة الأوضاع التي ستنجم عن الحالة المزرية التي تعيش فيها ساكنة الضفة الشرقية لوادي دادس والضفة الغربية لوادي مكون إن استمرت على هذا النحو .