الجاه في أي مجتمع مايعلي المكانة المعنوية للشخص بحسب موازين ومقاييس ذلك المجتمع، عندنا في مجتمعنا مثلا، مقومات الجاه هي: السلطة، النسب، الدين، العلم. وقد عرفه ابن خلدون بقوله:"الجاه هو القدرة الحاملة للبشر على التصرف في من تحت أيديهم من أبناء جنسهم بالإذن والمنع والتسلط بالقهر والغلبة ليحملهم على دفع مضارهم وجلب منافعهم في العدل بأحكام الشرائع والسياسة وعلى أغراضه فيماسوى ذلك"#. وهو ما نصطلح عليه بالنفوذ، الذي يستغله بعض الناس ويستعملونه في غير محله. ويقول الغزالي:"الجاه معناه ملك القلوب بطلب محل فيها ليتوصل به إلى الاستعانة في الأغراض والأعمال، وكل من لايقدرعلى القيام بنفسه في جميع حاجته وافتقر إلى من يخدمه؛ افتقر إلى جاه لامحالة في قلب خادمه، لأنه إن لم يكن له عنده محل وقدر لم يقم بخدمته، وقيام القدر والمحل في القلوب هو الجاه...وإنما يحتاج إلى المحل في القلوب إما لجلب نفع أو لدفع ضر أو لخلاص من ظلم، فأما النفع فيغني عنه المال، فإن من يخدم بأجرة يخدم وإن لم يكن عنده للمستأجر قدر، وإنما يحتاج إلى الجاه في قلب من يخدم بغير أجرة، وأما دفع الضرر فيحتاج لأجله إلى الجاه في بلد لا يكمل فيه العدل"#. بمعنى أن المجتمع الذي يتم فيه الاحتكام إلى القوانين لاحاجة فيه للتعارف على أساس الجاه لقضاء المصالح. في مجتمع التعارف الدنيوي يلعب الجاه دورا كبيرا في تحقيق الثروة وبلوغ المناصب الوظيفية، لذلك قال ابن خلدون:"الجاه مفيد للمال...وذلك أنا نجد صاحب المال والحظوة في جميع أصناف المعاش أكثر يسارا وثروة من فاقد الجاه"، وسبب ذلك كثير منها تقرب الناس إليه بدعوته للولائم وقضاء حاجاته الضرورية والحاجية والكمالية، وتقديم الهدايا والرشاوى له، وخدمته بأنواع الخدمات بقصد التقرب إليه.ف"الجاه يفيد المال لما يحصل لصاحبه من تقرب الناس إليه بأعمالهم وأموالهم في دفع المضار وجلب المنافع"#.