عمل المجمع العلمي العربي الاسلامي في بيروت خمسة عشر عاما على مخطوطة للقرآن الكريم تعود الى نهاية العصر العباسي عمل المجمع العلمي العربي الإسلامي في بيروت خمسة عشر عاما على مخطوطة للقرآن الكريم تعود إلى نهاية العصر العباسي (القرن الثامن ميلادي) ليصدرها في نسخ فخمة كتبت حروفها بماء الذهب على صفحات ازدانت بزخرفات ملونة.ويبلغ "معدل كلفة النسخة الواحدة نحو مئة ألف دولار" كما يقول رئيس المجمع محمد الداية الذي يحتفظ في منزله بنماذج متعددة الأحجام من المصحف الشريف توزعت في صناديق على شكل تحف فنية من الخشب والكريستال أو في صناديق غلفت بجلد الثعبان أو جلد الحية وهي مزينة بالنحاس المطلي بالذهب. وكان مشروع إعداد طبعات كبيرة وفخمة من القرآن باكورة مشاريع المجمع العلمي الذي تأسس في بيروت منتصف السبعينات. وشمل المشروع 500 نسخة لا يقل وزن الواحدة منها عن 15 كيلوغراما، واستغرق إعدادها خمسة عشر عاما وأنجزت أواخر التسعينات.ويقول الداية "ما زالت لدينا نسخ للراغبين باقتنائها"، رافضا تحديد عددها.ويروي بان ملك المغرب محمد السادس اخذ لمناسبة طهور نجله "نسخة بلغت قيمتها 240 ألف دولار مع صندوقها". ويذكر الداية بأن "القران يوهب ولا يباع وفق الشريعة الإسلامية"، لذا فهو لا يحدد ثمنا إنما يوضح الكلفة. ويروي كيفية ولادة المشروع بالقول أنه جال على متاحف العالم بحثا عن مخطوطة نادرة.ويقول "وجدت أفضلها محفوظة في متحف لندن وهي نسخة يعود تاريخها إلى سبعمائة سنة ونيف أي إلى أواخر العصر العباسي، وهي مخطوطة بخط الثلث النسخي نفذها الخطاط التركي الشهير في ذلك العصر احمد القرة حصارى".تقع المخطوطة في 707 صفحات بقطع 30-40 سنتمترا وفيها فقط ست صفحات مزخرفة اثنتان في أولها واثنتان في وسطها واثنتان في نهايتها.ويضيف "حصلنا على إذن بتصوير المخطوطة من إدارة المتحف واستمرت عملية تصويرها على سلايدات مدة ثلاث سنوات ثم قامت مجموعة من امهر الخطاطين اللبنانيين والعرب بترميمها. أرسلت النسخ إلى السعودية والأزهر (مصر) لتوافقا على صحتها" باعتبارهما أعلى المرجعيات الإسلامية. ويقول "قررنا أن تشمل الزخرفة بالنمط نفسه والألوان نفسها، كل الصفحات".واستقدم المجمع ورقا خاصا من نوع "زندر" الألماني "بطبخة خصوصية لهذه الطبعة لا تستخدم لسواها على الإطلاق وتتميز بالمناعة الأكيدة ضد التآكل وضد كل أسباب التلف المعروفة"، بحسب ما يقول الداية. كما تم استقدام 15 لونا من الحبر من ألمانيا.وجرى تجليد النسخ إما بجلد الثعبان أو جلد الحية أو جلد النعامة أو جلد الغزال وتمت زخرفة الغلاف بخطوط كتبت بماء الذهب من عيار 24 قيراطا.ويؤكد الداية أن عملية تحضير الورق والألوان والذهب "استغرقت ست سنوات" وان طباعة النسخ الخمسمائة "تطلبت أربع سنوات" وتجليدها "سنتين". ومن نسخ القران الكريم التي تم تقديمها في شهر مارس نسخة أهداها الداية إلى البطريرك الماروني نصر الله صفير ليضعها في متحف بكركي (شمال شرق بيروت) مقر بطريركية الموارنة، اكبر طوائف لبنان المسيحية. وطبع هذه النسخ "الفريدة" من المصحف الشريف هو المشروع الوحيد الذي نفذه المجمع. أما مطبعته المزودة بمعدات متطورة فتستمر بطباعة "لوحات فنية لصفحة واحدة من صفحات القران" أو تطبع "سندات مالية أو شهادات استثمار لدول غربية". ويوضح الداية أن بيع هذه المنتجات كان وراء "تمويل" مشروع نسخ القران الكريم. وأقام المجمع أول معرض له في قطر عام 1988 تلاه معرض في إمارة أبوظبي في العام نفسه وفي العام التالي أقيم معرض في معهد العالم العربي في باريس. ويقول الداية "وقع خيارنا أولا على قطر بسبب اهتمام أميرها بالأعمال الفنية الإسلامية"، موضحا أن عدد النسخ المعروضة كان قليلا في كل مرة. ففي معرض أبوظبي اقتصر العدد مثلا على "سبع نسخ". ويشير إلى أن العمل جار على تحضير معرض جديد في قطر وآخر في البحرين.