يعتبر فن البلدي من الفنون الغنائية الأكثر شهرة في منطقة تافيلالت بعد فن الملحون. و من المرجح أن هذه التسمية التي عرف بها تأتي في مقابل "الرومي" أي كل الألوان الغنائية التي نبتت و ازدهرت خارج البلد. و تعد منطقة "مدغرة" بالضبط مهد هذا الفن الذي حقق انتشارا واسعا في كل تخوم تافيلالت. و يعتمد فن البلدي في بنيته على كلمات بسيطة و عميقة, عمق و بساطة أهل تافيلالت. كا ان النصوص المغناة مكونة مما يصطلح على تسميته محليا ب"القياسات" بالاضافة الى "الحبات", أي الأسطر الشعرية, و الحرية أو لازمة كل قطعة غنائية.
و من الصعب الحديث عن شعراء معروفين في الفن البلدي طاليما أن انتاج النصوص غالبا ما يكون مرتجلا, و متساوقا مع الايقاع الموسيقي. و من ثمة, فإن النصوص التواترة التي لازالت تتردد و تحفظ عن ظهر قلب الى الآن هي نصوص مشتركة ساهم فيها مجموعة من المشتغلين بهذا الفن أما على المستوى الموسيقي, فإن للبلدي جملا موسيقية بسيطة شبيهة الى حد كبير بجمل العيطة. كما أن الآلات المستعملة لا تخرج عادة عن العود و "الدربوكة" و "التعريجة" و "الخرخاش" و "السنيترة" في بعض الاحيان. و من أشهر رجالات فن البلدي الذين داع صيتهم بشكل كبير نذكر على سبيل المثال لا الحصر: المرحوم محمد باعوت الذي عرف معه هذا الفن قفزة نوعية, و المرحوم مولاي علي بلمصباح الشاعر و العازف الكبير الذي كانت له أيادي بيضاء على هذا الفن. إظافة الى مولود الكاوي., و رقو الديب, و عائشة الزكود. و قد حمل مشعل هذا الفن شباب تأثروا بالجيل الأول من الرواد و نسجوا على منوالهم, لكنهم أيضا أظافوا تخريجات جمالية, و لمسات فنية جديدة الى هذ الفن, و كرسوه بنطقة تافيلالت, كما نشروه أيضا عبر مختلف ربوع الوطن. و من هذا الجيل الجديد نذكر الفنان شريف الحمري, و مولود المسكاوي, و مصطفى لعنان د. سعيد كريمي التراث الشفاهي لتافيلالت - الانماط و المكونات - الجزء الثاني - الصفحة 409-410