خبير في الجماعات الاسلامية يرى ان القاعدة تتغذى على الخلاف بين الجزائر والمغرب حول الصحراء الغربية. أكد أستاذ العلوم السياسية والكاتب المغربي المتخصص بشؤون الجماعات الإسلامية الدكتور محمد ضريف، أن "خطر القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي قضية قائمة لا شك فيها، وأن استمرار الخلاف المغربي-الجزائري يزيد من تعقيد هذا الملف"، لكنه أشار إلى وجود تضخيم لها من عدد من الدول الإقليمية لأهداف سياسية محضة. وأوضح ضريف أن تنظيم القاعدة يتغذى عمليا من ضعف وهشاشة مؤسسات الدول التي ينشأ فيها كما يستغل بؤر التوتر لتدعيم صفوفه. وقال "تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي واقع موجود وإن كنا لا نستطيع الحديث عنه بالشكل الذي يتحدث عنه الأميركيون والغربيون بأنه خطر داهم، هذا تهويل تحكمه حسابات سياسية واضحة". واضاف قائلا "نعرف أن هناك بعض الأنظمة في منطقة الساحل جنوب الصحراء تضخم هذا الخطر للحصول على الدعم الغربي أو لإيجاد مبررات للتغطية على انتهاكاتها لحقوق الإنسان، حيث باسم الحرب على الإرهاب يتم تبرير كل التجاوزات المتعلقة بملف حقوق الإنسان". وتابع الكاتب المتخصص بشؤون الجماعات الإسلامية "إذا رجعنا إلى الواقع وحاولنا التعامل مع ما هو موجود على الأرض، نجد أن النواة الصلبة لتنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي موجودة داخل الجزائر لا خارجها، والعدد الكبير من عناصر القاعدة موجود في ضواحي الجزائر وفي منطقة القبائل وجبال بومرداس، أما القاعدة في بلاد الساحل، أي في موريتانيا ومالي والنيجر ممثلة في جماعتي عبد الحميد أبو زيد ومختار بن المختار فهي موجودة أيضا، لكن علينا أن نحدد طبيعة العمل الذي تقوم به هذه المجموعات، إذا استثنينا بعض عملياتها في موريتانيا واختطاف بعض السياح الغربيين وتحديدا الفرنسيين والاسبان، فإنها ليست قوية". وأشار ضريف إلى أن التركيز في الآونة الأخيرة أصبح منصبا ليس على القاعدة وإنما على شبكات المهربين والاتجار بالبشر والمخدرات التي تحصل على دعم من القاعدة. وقال في هذا الصدد "ما أعتقده أن القاعدة تنظيم موجود ولا داعي للدخول في جدل حول هذه الحقيقة، حيث أن بعض الأنظمة الغربية حاول اتهام الجزائر بأنها هي من يصنع القاعدة، فهناك أسباب ذاتية وموضوعية تقف وراءه، لكن علينا أن نقر بأن خطر تنظيم القاعدة لم يبلغ درجة بامكانه أن يغير الأنظمة ويصل إلى السلطة، في المنطقة وإنما هو مظهر من مظاهر التشويش والضغط على الحكومات". وحسب ضريف، فإن تنظيم القاعدة يستفيد من استمرار عدم حل أزمة "الصحراء الغربية" لجهة استغلاله الخلاف المغربي-الجزائري لصالح دعم نشاطاته، وقال "علينا أن ننطلق من منطلق أساسي، وهو أن تنظيم القاعدة في أي مكان من العالم على غرار أي تنظيم إرهابي يتوسع وينتشر عندما يجد أنظمة ضعيفة، الكل يعرف طبيعة الدولة في مالي والنيجر والأكيد أن موريتانيا تحتاج إلى جهود لتقوية مؤسسات الدولة فيها، وتنظيم القاعدة تنظيم تقوى في الجزائر في لحظة كان الجميع يتحدث فيها عن ضعف مؤسسات الدولة وعندما تقوت المؤسسات عادت الأمور إلى نصابها، تنظيم القاعدة دائما يبحث عن أماكن تكون سلطة الدولة فيها هشة وضعيفة ويبحث عن تجمعات سكنية مضطربة لدعم صفوفه". وأضاف "مشكل الصحراء الغربية عقد إلى حد ما طبيعة العلاقات المغربية الجزائرية، لأنه لو كانت هناك علاقات جيدة كان سيحصل هناك تنسيق أكثر دقة في الحرب على الإرهاب، وجود هذا المشكل أدخل البلدين في صراع، وهذا الصراع أوجد بعض الارتباك في الحرب على الإرهاب، لاحظ أن الجزائر في كثير من الأحيان أبعدت المغرب عن اجتماعات أمنية لمواجهة القاعدة، ولذلك طالما أن مشكل الصحراء لم يتم حله ولم نصل إلى تطبيع العلاقات المغربية الجزائرية فلا شك أن تنظيم القاعدة سيستفيد من هذا المعطى، فاستمرار وجود لاجئين في مخيمات تندوف ونواذيبو تضم انفصاليين صحراويين سيظل يغذي خطر القاعدة". ولفت ضريف الانتباه إلى تناقض الرؤيتين المغربية والجزائرية في النظر إلى علاقة مشكلة الصحراء الغربية بالقاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، وتحدث تحديدا عن رؤية رئيس الحكومة الجزائري الأسبق، رضا مالك. وقال "علينا الانتباه إلى أن رضا مالك يرى أنه لمواجهة تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي على المجتمع الدولي أن يضغط لحل من أجل إيجاد دولة هناك، وإقامة دولة مستقلة في الصحراء الغربية في نظره سيحجم خطر القاعدة، المغرب على العكس من ذلك يقول إن قيام دولة هشة وضعيفة سيقوي خطر الإرهاب، ويطرح خيار الحكم الذاتي في ظل السيادة المغربية حلا لذلك ويرى بأنه الأكثر قدرة على ضمان أمن واستقرار المنطقة".