ليس غريبا أن يخصص أيمن الظواهري، الرجل الثاني في تنظيم القاعدة، جزءا من أشرطته للدعوة إلى ضرب المصالح الأجنبية في المغرب، إلا أن المثير في "إطلالته" الإعلامية الأخيرة هو إعلانه عن انتقال الجماعة المقاتلة الليبية للعمل بأجندة القاعدة، ما يؤشر على سعي هذا التنظيم إلى اكتساب قوة في المنطقة لتنفيذ عمليات نوعية بعد فشل "القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي"، الذي يشير مراقبون إلى أنه يضم في صفوفه فقط عناصر من "الجماعة السلفية للدعوة والقتال الجزائرية"، في التخطيط لتوجيه ضربات موجعة لمصالح الأجنبية في شمال إفريقيا. ويحمل هذا التطور الجديد أكثر من دلالة، إذ يعتبره مراقبون "خطوة أولى" في مسار التوسع بهدف التحول إلى "تنظيم جغرافي"، الذي سيكون خطره أكبر، في حالة ما إذ التحقت بهم "الجماعة الإسلامية المغربية المقاتلة"، التي تحملها المغرب وإسبانيا مسؤولية اعتداءات 16 ماي في 2003 بالدار البيضاء وهجمات 11 مارس بمدريد في 2004. "" وقال محمد ضريف، الخبير المغربي في شؤون الجماعات الإسلامية، إن المعطيات المتوفرة حاليا تفيد بأن التنظيم الليبي كان دائما جزءا من القاعدة، مشيرا إلى أنه تأسس في التسعينيات بأفغانستان، وكان يضم في صفوفه مقاتلين مغاربة، ينشطون حاليا في الجماعة المغربية. وأشار الخبير المغربي، ، إلى أن الجماعة الليبية، التي يوجد زعيمها عبد الله صادق في السجن، كانت محطة لتأطير مجموعة كبيرة من السفليين الجهاديين في المغرب وتونس والجزائر، وزدا قائلا "لا يمكن أن نتحدث عن وجود ارتباط إديلوجي سابق للجماعة بالقاعدة، لكن عمليا كانت جزءا منها". وذكر محمد ضريف أن استراتيجية القاعدة اعتمدت في البداية على خلق تنظيم أفقي، يتكون من جماعات متفرقة في مناطق مختلفة، تؤمن بأفكار أسامة بن لادن، قبل أن يحول خططه إلى البحث عن إنشاء تنظيم إقليمي، كما هو الحال في المغرب العربي، حتى يكون لها تأثير أقوى. وأوضح أن أسامة بن لادن يسعى إلى تجاوز التنظيمات القطرية بهدف اكتساب قوة أكبر لربح الحرب في العراق، وذلك عبر تجنيد المقاتلين المغاربيين الذين يراهن عليهم، إلى جانب أفراد الجالية بأوروبا، لتأسيس "الدولة الإسلامية" في هذا البلد. وذكر أن إعلان الظواهري يحمل أيضا دلالة سياسية تتمثل في تفكيك الجماعة الليبية، وبالتالي إلحاق عناصرها ب "القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي"، ما يعني أن ليبيا لم تعد مستثناة من تنظيم أسامة بن لادن. وقال محمد ضريف إن "الأولية حاليا هي للحرب في العراق"، مبرزا أن "مفتاح تحقيق النصر فيها، في نظر القاعدة، هو المقاتلين في المنطقة المغرب العربي". واعتبر خبير المغربي أن نظرية "القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي"، هي في الأصل الجماعة السلفية الجزائرية، "خاطئة"، مشيرا إلى أن هذه "الجماعة الجزائرية هي النواة الصلبة للقاعدة في المنطقة، لكن لا يقتصر الأمر عليها فحسب، بل هناك نشطاء من الدول المغاربية". وكان أيمن الظواهري أعلن، أمس السبت، عن انضمام حركة إسلامية ليبية إلى شبكة القاعدة الإرهابية، وجدد تأكيده الحرب على الانظمة المغاربية وحلفائها الفرنسيين والأميركيين والإسبان. وحث الظواهري كذلك، في تسجيل صوتي بث على الإنترنت، أنصار حركة التحرير الوطني الفلسطيني (فتح) على الثورة على زعيم الحركة الرئيس الفلسطيني محمود عباس. وقال الظواهري، في تسجيل بثه موقع "السحاب"، الجهاز الإعلامي للقاعدة ضمن شريط وثائقي بعنوان "وحدة الصفوف"، "اليوم بفضل الله ونعمته تشهد الأمة المسلمة خطوة مباركة طيبة. ها هي كوكبة (..) من أفاضل الجماعة الإسلامية المقاتلة في ليبيا يعلنون انضمامهم لجماعة قاعدة الجهاد". وبذلك تصبح الجماعة الليبية ثاني مجموعة إسلامية مغاربية تنضم إلى القاعدة بعد الجماعة السلفية للدعوة والقتال في الجزائر التي أعلنت انضمامها في (يناير) 2007 إلى "تنظيم القاعدة في المغرب الإسلامي". وقال مسؤول المجموعة الليبية أبو الليث الليبي، في تسجيل صوتي، "إننا نعلن عن انضمامنا لتنظيم قاعدة الجهاد لنكون بإذن الله وعونه جنودا أوفياء لبن لادن". وتعذر التأكد من صحة تسجيل الظواهري وكذلك الليبي اللذين واكبتهما لقطات أرشيف مصورة لمقاتلين مسلحين من القاعدة. وأعلن عن هذه الجماعة في 1995، وهي حددت هدفها بقلب نظام الزعيم الليبي معمر القذافي واستبداله بدولة تتبنى الطروحات الإسلامية المتشددة للقاعدة. وتعتقل السلطات الليبية عشرات من عناصر هذه الجماعة. ودعا الظواهري في التسجيل مجددا إلى استهداف المصالح الغربية في شمال إفريقيا، وإلى الانضواء "تحت راية الإسلام والجهاد ضد الولاياتالمتحدة وفرنسا وإسبانيا.