وسط ذعر إسرائيلي وغضب أمريكي ، نشر موقع “ويكيليكس” مساء الأحد الموافق 28 نوفمبر وثائق دبلوماسية أمريكية سرية تكشف النقاب عن معلومات حساسة تتعلق بما يسمى “الإرهاب ” وحظر الانتشار النووي وغيرها من القضايا الرئيسية في العالم . وكشفت صحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية أن وثائق وزارة الخارجية الأمريكية التي نشرها ويكيليكس تكشف أن مانحين سعوديين ما زالوا أكبر ممولين لمن وصفتها بالجماعات المتشددة مثل تنظيم القاعدة وأن عملاء للحكومة الصينية شنوا حملة تخريب منظمة لأجهزة كمبيوتر استهدفت الولاياتالمتحدة وحلفاءها. كما تظهر الوثائق أن وزير الدفاع الأمريكي روبرت جيتس يعتقد أن أي ضربة عسكرية ضد إيران لن تؤخر سعيها للحصول على قنبلة نووية إلا لما بين عام وثلاثة أعوام . وبجانب ما سبق ، أشارت الوثائق إلى أن دولا عربية حثت الولاياتالمتحدة على وقف البرنامج النووي الايراني بأي وسيلة بما في ذلك القوة العسكرية ، مشيرة إلى شكوك السعوديين والأردنيين وغيرهم في نوايا إيران النووية. وفي أول رد فعل على نشر الوثائق السابقة ، استنكرت وزارة الدفاع الأمريكية “البنتاجون” ما سمته نشر ويكيليكس الطائش لعدد هائل من الوثائق السرية لوزارة الخارجية الأمريكية وقالت إنها تتخذ خطوات لدعم أمن الشبكات العسكرية الأمريكية السرية. وأكد المتحدث باسم البنتاجون بريان وايتمان أن الوزارة قامت بسلسلة من التصرفات للحيلولة دون وقوع مثل هذه الأحداث في المستقبل ، مشيرا إلى خطوات للحيلولة دون تحميل معلومات كمبيوتر سرية على وسائط تخزين نقالة. وفي السياق ذاته ، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية بي جي كراولي :” إن الادارة الامريكية مستمرة في عملية تحذير الحكومات في جميع أنحاء العالم حول ما يمكن أن يكون في الوثائق” ، محذرا من أنها سوف تعرض الأرواح والمصالح للخطر . وكان موقع ويكيليكس أكد في وقت سابق الأحد الموافق 28 نوفمبر عبر برنامج التواصل الاجتماعي “تويتر” أنه يتعرض لهجوم كثيف لتعطيله ، لكنه شدد على أن ذلك لن يوقفه عن نشر الوثائق الأمريكية السرية. ويأتي هذا الهجوم بعد ساعات من المؤتمر الصحفي الذي عقده مؤسس الموقع جوليان أسانج عبر الفيديو مع الصحفيين في العاصمة الأردنية عمان والذي أكد فيه ردا على سؤال إن كانت التسريبات الجديدة ستركز كذلك على الحرب الأمريكية في العراق وأفغانستان أن المواد المزمع نشرها تغطي أساسا كل قضية رئيسية في كل دولة في العالم وأنها ستضم كذلك “تقارير استثنائية من كافة الدول العربية”. وأوضح أسانج أنه أمضى الكثير من طاقته وأنشطته خلال الشهر الماضي للتحضير للإصدار المقبل من “التاريخ الدبلوماسي للولايات المتحدة”. وكشف أنه سيتم نشر “أكثر من 250 ألف رسالة سرية” أرسلها دبلوماسيون أمريكيون من سفارات الولاياتالمتحدة حول العالم إلى وزارة الخارجية في واشنطن ، مشيرا إلى أن الولاياتالمتحدة قامت خلال الايام الماضية بتحركات في محاولة لإحباط التأثير الذي يمكن أن تسببه” تلك الوثائق. ومن جانبها ، ذكرت قناة “الجزيرة” أن وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون كانت أجرت خلال الأيام الماضية اتصالات مع قادة كل من الصين وألمانيا والسعودية والإمارات وبريطانيا وفرنسا وأفغانسان كما جرى كذلك تنبيه كندا والدانمارك والنرويج وبولندا وإسرائيل. ويرى الأمريكيون أن نشر تلك الوثائق التي قد تتضمن تقييمات صريحة لقادة وحكومات دول أجنبية يمكن أن يؤدي إلى تآكل الثقة في الولاياتالمتحدة كشريك دبلوماسي. وكان موقع ويكيليكس أعلن في وقت سابق أنه سينشر وثائق يزيد حجمها سبعة أضعاف حجم الوثائق التي نشرها في أكتوبر/تشرين الأول الماضي عن حرب العراق والتي وصلت إلى 400 ألف صفحة والتي اعتبرت حينها أكبر عملية تسريب في التاريخ الأمريكي . ذعر إسرائيلي وكشف مسئولون أمريكيون يوم الجمعة الموافق 26 نوفمبر أن أسانج بعث برسالة إلى الخارجية الأمريكية حاول فيها تبديد المخاوف الأمريكية حيال التداعيات المحتملة لنشر وثائق سرية جديدة بما فيها تعريض حياة بعض الأشخاص المذكورين في تلك الوثائق للخطر. يأتي هذا فيما كشفت صحيفة “جيروزاليم بوست” الاسرائيلية يوم الاحد الموافق 28 نوفمبر أن تل أبيب بدأت حالة تأهب قصوى بعد أن تم اطلاعها من جانب دبلوماسيين أمريكيين عن إصدار دفعة جديدة من الوثائق السرية الأمريكية من خلال موقع ويكيليكس يتوقع أن تسبب حرجا دوليا وتلحق الضرر بعلاقات بعض الدول مع الولاياتالمتحدة. وتوقعت الصحيفة في تقرير أوردته على موقعها على شبكة الإنترنت أن تشمل تلك الوثائق تقييمات خاصة وصريحة من قادة وحكومات أجنبية يمكنها ان تقوض الثقة فى الولاياتالمتحدة كشريك دبلوماسى . ونقلت عن مصدر فى الحكومة الإسرائيلية قوله ان الولاياتالمتحدة ابلغت اسرائيل بالفعل أنها يمكن أن تذكر ضمن الوثائق الدبلوماسية الامريكية التي سينشرها ويكيليكس ، موضحا أن السفارة الأمريكية في تل أبيب استدعت الإسرائيليين الذين وردت أسماؤهم في الوثائق لتحذيرهم مسبقا وأن القائمة تشمل مسئولين فى وزارة الخارجية الاسرائيلية فضلا عن مساعدين لرؤساء الوزراء . كما نقلت الصحيفة عن مسئول اسرائيلي كبير قوله ان تلك الوثائق قد تشمل برقيات ارسلت من السفارة الامريكية لدى اسرائيل إلى واشنطن عن قضايا سرية مما قد يخلق حالة من التوتر في العلاقات بين البلدين ، مشيرا إلى أن الولاياتالمتحدة أبلغت ديوان رئاسة الوزراء ووزارة الخارجية في اسرائيل بنية موقع ويكيليكس الالكتروني المتخصص في نشر الوثائق السرية الكشف في القريب العاجل عن وثائق جديدة من شأنها المساس بالعلاقات الامريكية – الإسرائيلية. وكانت صحيفة “يديعوت أحرونوت” كشفت في وقت سابق أيضا أن إسرائيل تترقب بتوتر شديد مضمون الوثائق الأمريكية السرية التي يعتزم موقع “ويكيليكس” الالكتروني نشرها والتي يتوقع أن تشمل تحليلات أمريكية لشخصيات إسرائيلية بينها رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ووزراء الخارجية أفيجدور ليبرمان والحرب إيهود باراك والرفاه والحياة الاجتماعية يتسحاق هرتسوج ورئيسة حزب كاديما المعارض تسيبي ليفني. وأضافت الصحيفة أن تحذيرا مررته السفارة الأمريكية في تل أبيب إلى مكتبي نتنياهو وليبرمان يتعلق بكشف الوثائق التي يتخوف الأمريكيون والإسرائيليون من نشرها والتي تشمل آراء مسئولين في وزارة الخارجية الأمريكية حول المسئولين الإسرائيليين. وتابعت “يديعوت أحرونوت” أن وثائق ويكيليكس الجديدة تشمل برقيات أرسلها دبلوماسيون أمريكيون من أنحاء العالم إلى وزارة الخارجية في واشنطن ولذلك فإنه فيما يتعلق بإسرائيل يخشى الأمريكيون من كشف وثائق تشمل مراسلات داخلية بين السفارة في تل أبيب والخارجية في واشنطن تتضمن المتابعة المكثفة التي تجريها السفارة حول المستوطنات. كذلك يتوقع أن تتضمن الوثائق تفاصيل لقاءات بين مسئولين أمريكيين مع مسئولين إسرائيليين وصفت أنها لقاءات سرية وبينهم نتنياهو وليفني ورئيس الموساد مائير داغان ورئيس الشاباك يوفال ديسكين والوزير السابق حاييم رامون ورئيسا مجلس الأمن القومي السابقين غيورا آيلاند وداني أرديتي. كذلك يسود الاعتقاد في إسرائيل أن الوثائق تشمل معلومات حول فترة حكومة ايهود أولمرت إذ أن الوثائق تتعلق بالفترة منذ العام 2006 وحتى مارس/ آذار 2010 . إلى جانب، ذلك يتخوف الإسرائيليون من أن يؤدي نشر الوثائق الأمريكية السرية في “ويكيليكس” إلى تسريب معلومات تتعلق بإيران. ونقلت “يديعوت أحرونوت” عن مصدر إسرائيلي قوله: “إن الأمريكيين اعترفوا بأنه سيتم نشر معلومات بالغة السرية حصلت عليها شعبة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية والموساد وتم تسليمها إلى وزارة الخارجية الأمريكية من دون علم الحكومة الإسرائيلية”. وأضاف المصدر الإسرائيلي أن المعلومات بهذا الخصوص تشمل موادا توضح سعي إسرائيل إلى تجريم إيران وتشديد العقوبات الاقتصادية عليها. واستطردت “يديعوت أحرونوت” قائلة إن إسرائيل بذلت جهودا كبيرة في الأيام الأخيرة من الحصول على معلومات بشان الوثائق التي سيتم نشرها كما أنه تم إصدار تعليمات لدبلوماسيين إسرائيليين في عدد من دول العالم باستخدام علاقاتهم مع مسؤلين في تلك الدول ومحاولة الحصول على معلومات تمكن إسرائيل من الاستعداد لمواجهة كشف الوثائق السرية لكن جميع تلك المحاولات باءت بالفشل. وكشفت الصحيفة الاسرائيلية أيضا أن الصحف الكبرى في العالم ومنها “نيويورك تايمز” الأمريكية و”الجارديان” البريطانية و”دير شبيجيل” الألمانية فرضت تعتيما كبيرا على الوثائق الموجودة لديها والتي حصلت عليها من “ويكيليكس”. ونقلت “يديعوت أحرونوت” عن مسئول إسرائيلي قوله في هذا الصدد :”إنه للأسف ليس لدينا أية معلومات حول مضمون الوثائق ونحن في حالة توتر مثل التوتر لدى وسائل الإعلام بالضبط”.