تعتزم نساء مغربيات مقيمات في لبنان تنظيم وقفة احتجاجية أمام قناة تلفزيون "المستقبل"، في بيروت، على إثر عرضها "قصة" فتاة مغربية، أعطت صورة سيئة عن فتيات ونساء المغرب، بالإحالة على موضوع الدعارة في عدد من بلدان المشرق العربي والخليج. لم تكن حالة هذه الفتاة الأولى من نوعها في هذا المجال، إلا أن البرنامج حولها من استثناء إلى ما يشبه القاعدة العامة، مقدما المغرب كمصدر ومصّدر للعاهرات، ليس فقط إلى الشرق العربي، بل، أيضا، إلى بعض البلدان الأوروبية، مثل إسبانيا، إذ زعم زافين قيومجيان، مقدم البرنامج، الذي استضاف الفتاة المغربية، أن 80 في المائة من المومسات في إسبانيا مغربيات. وكانت قناة "المستقبل" اللبنانية بثت، مساء الاثنين المنصرم، في برنامج "سيرة وانفتحت"، قصة فتاة مغربية، شكلت صدمة للمتفرجين والمتصلين بالهاتف من مختلف مناطق العالم. سردت الفتاة قصتها بجرأة كبيرة، استحيى المشاركون في البرنامج من سماع تفاصيلها، وكانت تحكي وكأنها تعتز بما فعلت. ظهرت كوثر الأعرج، 24 سنة، وهي مطلقة وأم لطفل منذ 2002، على الشاشة من دون إخفاء وجهها، كما يفعل العديد من المشاركين في هذا البرنامج "تفاديا للفضيحة"، أو اعتبارا لعائلاتهم وأقاربهم وبلدهم. أما كوثر، فيبدو ألا شيء يهمها، لا صورتها ولا صورة بلدها، التي شوهتها، ومست بها النساء المغربيات، وأظهرت شهادتها كأن المغرب ينتج فقط هذا النوع من النساء "الساقطات". كان البرنامج شبه محاكمة للنساء المغربيات، وتوجيه التهمة إليهن بممارسة الدعارة على نطاق عالمي، وحتى مقدم البرنامج لم يتوان في التركيز على "سمعة المغربيات"، التي تفنن في تلويثها. ورغم أن ضيوف البرنامج (3 لبنانيين، ودكتورة مغربية متخصصة في علم النفس مقيمة في لبنان) حاولوا طرح المسألة في إطارها الاجتماعي والنفسي، ومناقشة قضية كوثر كحالة، إلا أن إصرار المقدم في الحديث عن "السمعة" ضيع الكثير من التوضيحات، كان من الممكن أن يقدمها البرنامج. كوثر اشتغلت، أول الأمر، في سوريا في مرقص بواسطة صديقة لها، وادعت أنه قيل لها إنها ستشتغل في الخياطة، وهي مهنتها في المغرب، ثم تنقلت في عدد من المراقص، وطردت بعد أن دخلت السجن، بسبب لم توضحه كثيرا، صحبة أربع فتيات مغربيات، ومنعت من دخول سوريا خمس سنوات. وعندما كانت تستعد لمغادرة دمشق سيقت إلى دبي، حيث اشتغلت في مرقص هناك، إلا أنها اكتشفت أنها حامل من شخص سوري، وجرى توقيفها عن العمل. وأثناء ترحيلها إلى المغرب من مطار دبي، تمكنت من الهرب، رفقة صديقة لها، لتتنزها قليلا في الإمارة، حيث أقامت مع صديق هذه الأخيرة، ومن دبي، رحلت إلى مصر، لكنها لم تستطع المكوث كثيرا بسبب الوحم، فرحلت إلى المغرب، بعد أن أرسلت لها الأسرة ثمن بطاقة السفر. بعد عودتها إلى المغرب، تحكي كوثر أنها أنجبت ابنتها رنا من الأب السوري، الذي أقامت معه علاقة خارج إطار الزواج، في مدينة أكادير، وسمتها على اسم أخت صديقها السوري واسم عائلته. وتحكي كيف أن أسرتها تقبلت ابنتها من دون أن تنال عقاب أخيها "الملتزم" أو والدها، أو والدتها، أو أختها الكبرى المتزوجة، التي اقترحت عليها أن تربي رنا. وهذا الأمر أثار حفيظة ضيوف البرنامج. كانت كوثر اتصلت بقناة "المستقبل" لعرض "مشكلتها من أجل إطلاق نداء إلى أب ابنتها، للزواج بها والاعتراف بابنته"، وعندما أرسلت لها القناة دعوة للحضور إلى لبنان لتسجيل الحلقة، قالت إنها لم تتمكن من الحصول على التأشيرة بسفارة لبنان في الرباط، لكن عندما تقدمت إلى السفارة مرة ثانية بصفتها "راقصة"، عن طريق وسيط من لبنان يشغل الفتيات المغربيات في المراقص والحانات، حصلت، فورا، على التأشيرة. ولهذا الوسيط، حسب كوثر، عنوان إلكتروني يستدعي عبره الفتيات المغربيات للاشتغال في الحانات (راقصات وجليسات و...). تلقى البرنامج عددا من المكالمات لأشخاص من داخل لبنان ومن خارجه، منهم من يدافع عن سمعة الفتيات المغربيات لأن كوثر، أو غيرها، يشكلن الاستثناء، وليس القاعدة، ومنهم من أساء إليها لكون "الفتيات المغربيات منتشرات في كل دول العالم، ومشهورات بممارسة الدعارة"، وهذا ما أكدته كوثر في ادعائها، عندما قالت إن "المغرب موجود في البحرين، وفي عمان، وفي سوريا، وفي لبنان، وفي الخليج..." ثم تتساءل "لماذا؟؟؟". وتساءل البعض في البرنامج "لماذا تترك العائلات المغربية بناتها يسافرن من دون معرفة وجهتهن؟ لماذا هذا التدفق الكبير للمغربيات (المومسات) على كل بلدان العالم؟". وشكل البرنامج، فعلا، وصمة عار على جبين المغاربة، وكأن الإساءة كانت مقصودة بطريقة ممنهجة لصورة النساء بالمغرب، خاصة أن حكاية كوثر فيها العديد من الملابسات، وتسلسل غير منطقي، وحتى طريقة سردها فيها مبالغة، فكوثر لم تتأثر بحالتها، وكانت طوال عرض الشريط تضحك وتحكي حتى عما يجري داخل المراقص، بشكل مشين، ويدعو إلى الخجل. فبعد كل المكتسبات التي تمكنت النساء المغربيات من تحقيقها على مستوى القوانين، وبعد التقدم الذي سجلنه على مستوى المراكز، جاءت كوثر، في ظرف ساعتين، لتبرز صورة مغايرة تماما، وتلغي ما حققته النساء على امتداد سنوات من النضال والكفاح والبناء.