تدعي الجزائر دائما أنها غير معنية بمشكل الصحراء المغربية، وان طرفي الصراع والنزاع المفتعل هما المغرب والبوليساريو. والواقع طبعا يفند كل هذه الافتراءات،والعالم يدرك تمام الإدراك أن الجزائر هي أم المشكل، فبالإضافة إلى تخصيصها ميزانية ضخمة لتمويل هذا النزاع، ورغبتها الأكيدة في إدامة هذا الصراع لاستنزاف حسب زعمها، الاقتصاد الوطني، الذي أثبت رغم كل ذلك قوته وصلابته، واستمرار مشاريعه وأوراشه الاقتصادية الكبرى، فهي تخصص أيضا جزءا هاما من فضائها الاعلامي لخدمة الأهداف الدنيئة التي وظفت كل طاقاتها البشرية والمالية والديبلوماسية لعرقلة اتحاد المغرب العربي، ومسار التنمية والوحدة بالمغرب. فقد خصصت القناة الجزائرية الثالثة وللمرة الثانية برنامجها في دائرة «التعتيم» لموضوع أحداث العيون استدعت له بعض الأساتذة والصحفيين المأجورين الذين يمارسون التعتيم بأدق تفاصيله. لكن الحلقة الأخيرة - والتي لن تكون الأخيرة استضافت من باريس الدكتور فيصل جلول، الذي كان متحليا في تدخلاته بقدر هام من الحياد والواقعية، ولم يجار صاحب البرنامج في تدخلاته العنيفة ضد المغرب الذي يصفه صحبة الجوقة التي معه في الاستوديو بالمستعمر. ويعزفون نغمة ساسة الجزائر التقليدية، حيث أكد أنه زار مدن الصحراء المغربية، ولم يلمس فيها أي نوع من التوتر، وأن الاستفتاء الذي تسعى إليه الجزائر والبوليساريو أمر مستحيل تطبيقه وأن الحل كما يراه يكمن في الاسراع بإقامة اتحاد مغاربي تنتفي فيها الحدود... هذه الأراء كانت صادمة لمعد البرنامج لأنها لم تساير أهواءه وأهواء الساسة الجزائريين فخفض المخرج الصوت ومارس المقص رقابته وقاطعه المعد ليفتح الخط لبيادقه في الاستوديو للرد كما يحلو لهم، مطلقين العنان للأحقاد التقليدية للنظام الجزائري على المغرب. ولم يخجلوا من القول بأن المغرب منع الصحفيين من تغطية أحداث العيون، دون ورود ذكر لما يتعرض القيادي مصطفى سلمة ولد سيدي مولود الذي رفضت الجزائر استقبال صحفيين لتغطية اعتقاله ومنعت أيضا والد وشقيق مصطفى من زيارة إنسانية كما لم يرد أي ذكر للمغالطات التي نشرها الإعلام الجزائري الإسباني واعتذاراته. إن الجزائر تتولى القيام بكل شيء نيابة عن لقيطتها البوليساريو، حتى في المفاوضات غير الرسمية بين المغرب والبوليساريو تصرالجزائر على تواجدها كطرف معني في جلباب ملاحظ كوسيلة ضغط ومراقبة ووصاية على صنيعتها، ومع ذلك يدعي النظام الجزائري دون استحياء أن لاعلاقة له بالمشكل إلا أنه يتشبث بأسطوانته المحفورة الاستفتاء وتقرير المصير.