قال الطيب الفاسي الفهري، وزير الخارجية، إن المغرب مازال متفائلا بخوض الجولة المقبلة من المفاوضات على أساس مبادرة الحكم الذاتي، باعتبارها أحد خيارات تقرير المصير، مشيرا إلى أن المغرب يمد يده إلى الجزائر من أجل بناء المغرب العربي خدمة لشعوب المنطقة، وليس ارتكازا على تجزيء أراضي الدول المغاربية، كما تريد القيادة الجزائرية. وأوضح الفاسي الفهري، الذي كان يتحدث أمس في لجنة الخارجية بمجلس النواب، أن الرئيس الجزائري، عبد العزيز بوتفليقة، وجه رسائل إلى محمد عبد العزيز، زعيم جبهة البوليساريو، مؤكدا أن تقرير المصير يعني استقلال ما أسماه «الشعب الصحراوي»، «رغم أن المغرب ليس بلدا محتلا، والوثائق التاريخية ثابتة حينما صفى الاستعمار مع الجارة الشمالية إسبانيا، وخرجت من المناطق الصحراوية المغربية المحتلة»، مضيفا أن حكم محكمة لاهاي كان واضحا في هذا الشأن. وذكر الفاسي الفهري بتاريخ النزاع المفتعل حول الصحراء، حيث أنشئت جبهة البوليساريو في إطار الحرب الباردة، ودعمت من قبل ليبيا بشكل قوي، ماديا وعسكريا، قبل أن تستحوذ الجزائر عليها، لتجعلها ورقة تستخدمها في سياستها الخارجية. وقال الفاسي: «كيف نفسر التناقض الحاصل في موقف الجزائر، حينما تعلن أنها مع بناء المغرب العربي، وفي نفس الوقت تبقي على الحدود بينها وبين المغرب مغلقة، وكيف تدعم تنمية شعوب المغرب العربي، وفي نفس الوقت تدافع عن انفصال الأراضي المغربية عن التراب المغربي».» وأضاف الفاسي الفهري أن جبهة البولساريو مدعومة من قبل الجزائر، تستعمل الدعاية لترويج أطروحات وهمية، من قبيل مراسلة الأمين العام بأن قرابة 82 دولة تعترف بجمهورية الصحراء الوهمية، رغم أن هذا العدد غير صحيح، وهي المعلنة من جانب واحد، وتدعي أن منطقة تفاريتي محررة، ورغم أن الأممالمتحدة تعتبرها منطقة عازلة، وسبق للأمين العام الأممي أن راسل العاهل المغربي الراحل الحسن الثاني يشكره على احترام المغرب لوقف إطلاق النار، وإنشاء منطقة تماس، كي تتحرك القوات الأممية المشرفة على احترام وقف إطلاق النار. وكشف الفاسي الفهري عن التناقضات الصارخة التي تحكم المنطق السياسي لجبهة البوليساريو والجزائر الداعمة لها، رغم أن هذه الأخيرة تحاول التنصل من كونها صاحبة المشاريع السياسية وتروجيها خارجيا، إذ إن «المنحدرين من الصحراء، المرتبطين بعلاقات مع قاطني الصحراء بالمغرب، يوجدون فوق التراب الجزائري، والحكم الجزائري دعم نزوح قيادة جبهة البوليساريو إلى منطقة تفاريتي العازلة، رغم مرور أزيد من 30 عاما على انطلاق النزاع»، معتبرا هذا الأمر محاولة للتشويش على مقترح الحكم الذاتي، في ظل السيادة المغربية على كافة أراضيه. وأكد الفاسي الفهري أن المغرب حذر جبهة البوليساريو أكثر من مرة من مغبة تغيير الأمر الواقع، بدعم من الجزائر، مشيرا إلى أن الرد سيكون في مستوى التغيير الذي يود الانفصاليون إحداثه، متسائلا عما تعني جملة: «إن الجزائر غير معنية بقضية الصحراء»، وماذا: «تعني يجب دعم استقلال الشعب الصحراوي؟» ولماذا رفضت الجزائر الاعتراف بدولة كسوفو، وأعلنت دعمها لاستقلال ما تسميه «الشعب الصحراوي» قصد بناء المغرب العربي. واعتبر الفاسي الفهري أن الإجابة عن هذه الأسئلة المحيرة توجد في ملعب الجزائر، التي يكن لها المغرب الاحترام، وليست له أية نية في تعكير العلاقات، بل دعا إلى فتح الحدود، من أجل خدمة مصالح الشعبين، في منأى عن موضوع الصحراء، لكن الجواب كان دائما «نرفض هذه اليد الممدودة» بحجة ما وتبرير غير مقنع البتة. وواصل الفاسي الفهري شرح موقف المغرب الثابت، رغم مناورات البوليساريو المدعومة جزائريا، مبرزا أن وفد البوليساريو في منهاست رفض السلام على الوفد المغربي وخاصة المتحدرين من الصحراء، وأطلق نعوتا شتى في حق الوفد المغربي وصلت إلى نعته «بهتلر» وسفاكي الدماء، وغيرها من المصطلحات التي تعود إلى فترة الحرب الباردة إبان الصراع بين الكتلة الغربية والشرقية، مضيفا أن الثقة موجودة من قبل الوفد المغربي، لكنها غائبة لدى جبهة البوليساريو، «في إشارة واضحة تظهر رفضها القاطع التحدث إلى مغاربة متحدرين من الصحراء، بينهم من كان مؤسسا لجبهة البوليساريو، حتى لا يتم الاستماع إلى حقائق يريد الطرف الآخر غض الطرف عنها، والأمر لا يتعلق فقط بجولة المفاوضات، بل حتى مناقشة الملف إعلاميا، حيث يرفض البوليساريو مواجهة العائدين خاصة القيادة السابقة لهذا التنظيم الانفصالي».. وقال الفاسي إن 70 قرارا صادرا عن مجلس الأمن، و85 قرارا صادرا عن الأمين العام للأمم المتحدة لا تتضمن أي إشارة إلى مصطلح تصفية الاستعمار، بالمقابل كل تصريحات قادة البوليساريو والجزائر تتحدث عن شيء غير موجود أمميا.