مهما إختلفت المركز الاجتماعية للافراد في وطني سواء أكان الفرد طبيبا، أستاذا، طالبا، معطلا، تاجرا….إلا و ينتابه نفس الاحساس بعدم الرضا على مستوى العيش الذي وصلت اليه البلاد وعدم الثقة بأن الغد سيكون أفضل، و كل من يدافع على الوضع القائم فإما له مصلحة في ذلك أو أنه يستهلك الخطابات الرسمية دون أن يرى ما هو قائم و يحلل ما يقال و يستنج بأن ذلك لا يعدو ألا ان يكون مجرد دعاية لوطن فوق خشب يطفو على فوهة بركان. الحديث عن الهجرة، حديث له من الالم اكثر ماله من الامل، أسر كثيرة تتكبد معاناة إرسال أبنائها الى الضفة الاخرى و إن كانت الظروف المعيشية هناك قد تغيرت كذلك، الا أن الكرامة وحق الانسان في الحياة مازالتا قائمتين. أولئك الشباب الذين يركبون قوارب الموت من أجل النجاة من وطن الموت، ألا يستحقون الاوسمة؟ أليس هم أبطال من طينة طارق بن زياد، هل من يغامر بحياته من أجل حياة كريمة وهو لا يدري إن كان سيصل أم لا، ألا يستحق التعويض عن المجازفة بحياته؟ وإن قدر و توفي ألا يمكن اعتباره شهيدا؟ . صور كثيرة تناقلتها صفحات التواصل الاجتماعي مؤخرا، رجل يسجد حمدا لله بعد وصوله الى السواحل الاوروبية، سيدة اوروبية تعانق سيدة عربية بعد وصولها على خير و زوجة أبت إلا أن ترافق زوجها في رحلة الموت وبعد أن تم إنقاذهم من طرف خفر السواحل كانت إبتسامتها أمل في الحياة. لكن ما شاهدناه اليوم كان له طعم أعمق مرارة وفضاعة، فتاة في مقتبل العمر يطلق عليها عيار ناري لتسقط قتيلة على ايدي عسكري مغربي، إنها صورة لفتاة ليست في الضفة الغربية ولا العسكري إسرائيلي، مغاربة قاتل و مقتول، بأي ذنب تزهق روح في أوج عطائها، تتكبد عائلتها الخسارة مرتين، مرة بوداع إبنتهم في رحلة ليست مضمونة العواقب و مرة في وداعها لمثواها الاخير. هل تساءل العسكري مع نفسه، لماذا إمتطت الشابة زورق النجاة من الموت البطيء في بلد تنكر لها، هل تساءل عن أحلام تلك الفتاة و كيف للحظة قص شريط أحلامها التي بالتأكيد لم تكن تتوقع طلق ناري، كل الاحتمالات كانت متوقعة من الغرق إلى الاعتقال، لكن إشتهت بندقية العسكري ما لم تشتهيه أحلام الفتاة. فرق كبير بين الشرطي الذي رفض السلام على حاكم المدينةالمحتلة مليلية و العسكري الذي سبب نزيف لدماء كل المغاربة الاحرار، فعلته لا تنم عن مغربيته في شيء، مهما تم تبريرها بالخطابات الرسمية. لكي تعمل في سلك الشرطة أو العسكر فإنك تحمل على عاتقك أمانة حماية المواطنين أولا قبل الوطن. فما فائدة وطن مواطنيه بلاكرامة، يموتون من اجل رغيف ثمنه يكلف حياتهم، ليحملون في النهاية على الأكتاف في جنازة مهيبة إنها جنازة رغيف.