طيلة مقامي بإسبانيا، لم أشاهد وأسمع ولو مرة واحدة في قنواتها التلفزية، والإذاعية، ولم أقرأ في إعلامها المكتوب، خبرا عن توزيع الكراسي المتحركة أو النظارات أو المحافظ المدرسية، أو ما شابه ذلك في مدينة، أو قرية معينة، تشرف عليه جمعية مدنية أو مؤسسة حكومية، لأن الجميع يعرف أن هذا من واجب الدولة أخلاقيا ويدخل ضمن إختصاصاتها وليس منة تمن بها على مواطنيها الفقراء، فلا يحتاج الأمر إذن إلى دعاية أو إلى كاميرا مفتوحة. في إسبانيا حين تذهب إلى مصلحة الشؤون الإجتماعية التابعة للدولة، أو إلى أي جمعية خيرية غير حكومية، أول شيء يعطونه لك لتوقع عليه، قبل دراسة ملفك، هو وثيقة حفظ الخصوصية (المعلومات الشخصية) . وفي المدارس يعطون للأباء وثيقة يوقعون عليها، يطلبون فيها منهم التصريح بقبول أو رفض تصوير الأبناء في أنشطتها الداخلية والخارجية. في المغرب لا إحترام للخصوصية، لابد أن تمر الأعمال الإحسانية في بهرجة، وفي إلتقاط الصور من القييمين عليها، لابد أن يحضر الوزير والعامل، والباشا، والقائد، وكل رجال السلطة، لا يهمهم الإحراج الذي يسببونه للمستفيدين منها ، لأنهم ببساطة يسعون من وراء ذلك إلى الإرتقاء في مدارج السلطة، والهم الإنساني آخر مبتغاهم، لا يشعرون بالحرج في إستغلال حاجة الآخرين وفاقتهم، مادامت طريقهم نحو المجد الشخصي.