ولّدَ الحِراك الرّيفي إنقساماً شارخاً في صفوف المغاربة، فمنهم من يؤيد الحراك و منهم من يعارضه… الطبقة التي تُعارض الحراك و أغلبها من الميسورين "القاضيين حاجة" براتب شهري محترم قارٍّ و دائم، ناهيك عن الإمتيازات، و التعويضات، و تغطية صحية "ديال بصّح ماشي الرّميد". و إما من أصحاب الأملاك و الإكراميات و المأذونيات بجميع أنواعها. هاته الطبقة تخاف و تُصاب بالأرق كلما زادت حِدّة الحراك خوفاً من فقدان النعيم الذي يرغدون فيه دون أدنى مجهودٍ يُذكر. و الطبقة في غنىً تام عن مطالب الحراك من مستشفياتٍ و تعليمٍ… لأن كل ما يحتاجونه يتحصّلون عليه بضغطةِ زرٍّ من هاتفهم الخلوي. و الطبقة الثانية التي تؤيد الحراك، نجِدُ ضمنها من هو "عندو الزين عندو ديبلوم حاطّو في دارو" و بمعنى أصح "طبقة كادحة" التي لا تُؤَمِّنُ ثمن "الگاميلة" إلّا بشق الأنفس و إنِ استطاعت إليه سبيلا، و محظوظ هو من وجد "بريكول" كدّ فيه من مشرق الشمس إلى مغربها دون أدنى شروط السلامة أو تغطيةٍ صحية و بدون تعويضات أو امتيازات "تمارة" مقابل بضع دراهم معدودة لا تُغنيهِ و لا تُسمنهُ من جوع، فقط تكفيهِ لِرشفِ فنجانِ قهوةٍ سوداء و تدخين لُفافة حشيش ملفوفةٍ بسيجارة رديئة لِتَذهب بالعقل لِحُلم الفردوس التي طالما حلم بها. هاته الطبقة ليس لديها ما تخسره أصلا هي "ميتة ميتة" و جرّبت كل الطرق لغدٍ أفضل دون تقدم يُذكر. و ارتأت أن آخر الحلول هو الحراك من أجل تغييرٍ يُمكن أن يلعب دوراً كَدورِ اليانصيب "يا إما تجي فيه شي خدمة بصالير مزيان يا إما تجي فيه شي قرطاسة و تكون نهايتو" و هو متأكدٌ في قرارة نفسه أنه ميت نفسياً. مُتخِداً لِنفسه شعار: "يا إمّا نعيشو كاملين يا إمّا حَرِّيمُو". ماذا لو قلبنا الكفّتين؟ بمعنى تبادل الأدوار، أي نُعطي للطبقة الكادحة عملاً قارّاً شريفاً براتبٍ مُغري مع امتيازات و تعويضات و سكنٍ لائق عِوَضَ عُلبة الثِّقابِ التي يقطنها "و إن حَظِيَ بها سيُسدّد أقساطها لِنحوِ العشرين عامَا". و نسلُبَ الطبقة الميسورة امتيازاتها و وظائفها و كل ماهو مادي و إرجاعها لنُقطة الصفر. سترى حِراكاً من جديد، القايد و المدير العام و صاحب الأملاك ووو، بعد سلبهم لوظائفهم و ممتلكاتهم سينزلون للشارع للاحتجاج على الأوضاع المزرية. و لا أحد من الطبقة الكادحة التي قُلِبتْ إلى ميسورة سيُحرّكُ ساكنا خوفا من ضياعِ الثروة من بين أيديه و العودة به إلى الماضي المؤلم.!!! الأمر شبيهٌ بِلُعبةِ "ضامة" بِتبديل المواقع بحثاً عن "الهمزة" ليس إلّا. و هناك نوع ثالث ليس مع أو ضد الحِراک أي أنه محايد، هذا النوع قد استسلم و آمن بالواقعِ المفروضِ عليه، و كل ما اقتنع به يتلخّصُ في أنه لن يطال من الثروة شيئاً في حالة نجاحِ الحِراك لأن "اصحاب الثروة الجُدد معروفين" و إذا لم ينجح الحِراك فَهو قد أضاعَ وقته و جفّت حنجرته في اللاشيء "على ماربي يرجع اللّور ويشوف فين غاتسالي مؤمناً بِ: "لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا" و كيقول دائماً لي جات من عند الله مرحبا بها". #ماكرهناش_المغرب_يرجع_بحال_السويد لكن علاش كتجبدو سوريا علاش.