ها هي الانتخابات التشريعية ل 07 أكتوبر 2016 قد وضعت أوزارها ، الحبلى بنتائج تثلج صدر البعض ،وتغضب البعض في الدوائر الانتخابية 92 على امتداد ربوع المملكة بنسبة مشاركة تظل ضعيفة بالمقارنة مع الدعم و التمويل العمومي للدولة لفائدة الاحزاب، الا انه الكل يتساءل : لماذا فازت العدالة و التنمية مرة اخرى ؟ !! (سؤال بكثير من الاستغراب، و الصدمة ) ، ولماذا المصباح حافظ على الريادة ؟ !!. ربما شاءت الاقدار في الممارسة السياسية و الدستورية بالمغرب أن يكون حزب العدالة و التنمية النموذج للممارسة الديمقراطية في ظل دستور 2011 ببلادنا حين استقبل جلالة الملك يومه الاثنين 10 أكتوبر 2016 بالقصر الملكي بالدار البيضاء الامين العام للحزب المتصدر للانتخابات أعضاء مجلس النواب تفعيلا للفصل 47 من الدستور ، وكعرف دستوري بتكليف هذا الاخير بإجراء المشاورات مع باقي الاحزاب لتشكيل حكومة جلالته ،و بذلك يستحق "بنكران" الولاية الثانية كرئيس حكومة بزعامة العدالة و التنمية في تدبير السياسات العمومية ،و اضطلاع الحكومة بمسؤوليتها القطاعية (الاجتماعية و الاقتصادية …)،رغم ما يمكن قوله عن تدبيرها للولاية الاولى الحكومية انطلاقا من فشلها في بعض الملفات ،واتخادها لقرارات لا شعبية ،ودحرها للطبقة المتوسطة ،وشد الحبل مع المركزيات النقابية، سيل المداد كثيرا و قيل ما قيل ورغم ذلك فالعدالة كحزب جاء في المرتبة الاولى ! فالجواب : لا يكمن في التفاصيل ،او في فلسفة المنظومة الانتخابية و تشكيلاتها ،و بالانخراط في لعبة سياسية مخطط لها سلفا كما يقال (لنكن موضوعيين شيئا ما ) ،ببساطة أن حزب العدالة و التنمية حزب منظم " له تنظيماته المهيكلة بشكل يصعب اختراقه ، لأنه يتوفر على كثلة ناخبة منخرطة بشكل مسؤول وملتزم في اطار الانتماء الروحي و السياسي للحزب أكثر من الايمان بالزعامة او الاشخاص (اكتساحها لمقاعد برلمانية بالمدن الكبرى للمملكة ) من جهة حزب العدالة و التنمية أعطى درسا ل "34حزبا " المتبقية ،بضرورة أن تعاود تجديد هيكلة بنياتها الداخلية ،وأن تظل في ارتباط بقواعدها ،كما انه ان الاوان لهذه الاحزاب أن تتبنى الخيار الديمقراطي الداخلي في تدبير الشأن الحزبي ،ومنح التزكيات بالاعتماد على رغبة القواعد دون تجاوزها و استعمال الانزال بالباراشوت و الاعتماد فقط على الاعيان و الاسر النافدة سياسيا وضرب للكفاءات الحزبية . من جهة اخرى ورغم تميع الخطاب السياسي طيلة مدة الخمس سنوات من عمر الحكومة المنتهية ولايتها ،وبين الاحزاب السياسية و الغوص في شعبوية زائدة ،الا أن السيد "عبد الاله بنكران" نجح في ارتداء لباس المظلومية ،وتبسيط الخطاب و حسن التواصل مع المواطنين بعفوية مصطنعة بكثير من الدقة في انتقاء المفردات و العبارات" كتماسيح و العفاريت ،ومحاربة الفساد ،و التحكم …" تدخل في عمق المواطن البسيط و المتلقي لهذا الخطاب السياسي كمنتوج واقعي صادق قريب من القلب بدغدغة العواطف و استمالات الناس محافظا على كثلته الناخبة و المتعاطفين مع خطابه ، عكس زعماء باقي الاحزاب الاخرين الذين يتعاملون أحيانا بلغة الخشب ،وفي الغالب ينزلقون في شعبوية تفضح حقيقتهم المزيفة (الياس العماري الامين العام لحزب الاصالة و المعاصرة في احدى الفيديوهات قال :ان الشاب المغربي في الحي معندوش باش يشري … نظرات الرايبن مي كتشفو البنت فالحي مكتصاحبش معاه ،وكتقوليه بعد مني ،انت ماكتسوى والو…)(1) أما ان رجعنا الى المسيرة الاخيرة المجهولة للدارالبيضاء السوريالية و المضحكة تحت شعار " أخونة الدولة" ،فكانت نتائجها عكس ما توقعه "المتداكيين الاغبياء " ،جعلت من من كانوا ضد حزب العدالة و التنمية من المتثقفين و المناهضين للمرجعية الاسلامية للحزب و المواطن البسيط يتفطنون الا انه هناك يد خفية تريد الاجهاز على هذا الحزب فعوض أن يتأسس تصويت عقابي ضدا على حكومة بنكران ، كان التصويت ضد الجهة المقابلة الدافعة للمسيرة، فكسب المصباح انارة جديدة و تعاطفا شعبيا زاد من قوته، و تماسك كثلته الناخبة بالدفاع عن مشروعه "موصلة الاصلاح" (وان يكن شعارا يرفع) ،ووصوله مرة ثانية الى الحكومة . فهل تستوعب الاحزاب الباقية في المغرب الدرس ،وفهمت بعمق الرسالة؟ !!! الهوامش: (1):