في الدول المتقدمة يحرس الآباء على تطوير قدرات أبنائهم الذهنية و الجسدية فيلعبون معهم ألعاب لتنشيط الذاكرة لديهم و يزداد ذكاء الطفل مع نموه، فيشركونهم في النوادي الثقافية و يهيؤن لهم الكتب على حسب أعمارهم حتى يطمئنون على قدرة تفاعلهم مع المجتمع، و لا ننسى الدور الفعال للحكومة في دعمها المادي لتشجيع الأسر على تربية أبنائهم. أما نحن فأول جملة يتقنها الطفل عندنا " حريرة هاذي" مع دروس في الحساب بشكل ممتاز يؤهله لتحمل مسؤولية " القفة " في وقت جد مبكر، فبمجرد أن يتعلم الابن النطق و يفهم ما يجري في الخارج، يأتي فرحا إلى أبيه مرددا ما سمعه من الآخر " بابا هل صحيح سأذهب إلى المدرسة غدا " - يداعبه أبوه و يطمئنه بنعم حتى لا يسمع صراخه، و داخل المداعبة تبدأ حصة الرياضيات، إوا قولي أوليدي: - خصنا فلوس الكرا .... - خصنا فلوس الماء و الضوء ( في نفس الزمن تذكر الأم الأب بضرورة تسديد ثمن الفاتورة حتى لا تنقطع الكهرباء ) - خصنا الدواء لجداتك ( مشكل المغاربة مع التغطية الصحية ) - خصنا فلوس الحولي ( العيد الأضحى على الأبواب ) - باباك أوليدي خسر لفلوس في رمضان فيسأله الطفل بكل براءة " ياك تخلصتي أبابا " كيف سيطرح و يجمع له كل ما يشعر به من سخطٍ و غضبٍ كلما لمست يده تلك الأجرة الضئيلة، كيف سيشرح له أن الزيادة في الأجور قد انعدمت عندنا، كيف سيفهم هذا الطفل الصغير مشكل الغلاء الملعون في كل المواد الغذائية ، كيف سيفهم أن حقه مهضوم في البرامج الحكومية ( فنحن هنا نتحدث فقط عن ما هو ضروري لحياة طفلٍ فيما يتعلق بالمدرسة و الخبز ناهيك عن الحياة الترفيهية فهي بعيدة حتى عن خياله و حلمه) ، هكذا يجد الأب نفسه عاجزا أمام أبنائه في إعطاء تفسيرا لهم لواقع هذه المعيشة، فلا يجد خيرا من جملة مغربية معبرة " و احريرة هاذي " إوا رمضان كريم و عواشر مبروكة.