الحلقة الثانية عشر سمع العفريت صوت الباب يقرع .. فجرى وفتحه بسرعة خاطفة. - آ العزيزة .. هادي يما فاطمة د كاساباراطا ( حي في طنجة ) تقدمت الزائرة نحو بيت الجلوس حيث كانت جدته جالسة بصدد صنع الرغايف على الطاولة ( الطيفور ) .. فجلس العفريت على حافة السداري وانكمش منصتا بكل جوارحه لحديثهما. فقد كانت حوارات جدته وكلامها مع رفيقاتها من أجمل ما كان العفريت يتمتع به .. وكم كان يصنع من مشاهد وصور لعوالم غريبة عنه. - آ السلام وعليكم - وعليكم السلام آ الحبيبة .. شعاندك آختي فاطنة علاش كتبكي .. زيد كلس - شماش نقولك آ ختي رقية .. قول الله هو الحق .. ديك الزغبي دبني عملها بيا .. ورماني للزنقة .. اليومة جاو عندي شي مخازنية ومعاهم المقدم وعطاوني هاذ الورقة .. كيقول فيها بلي باع ديك الدويرية إلي كتسترني . - آ آ ويلي .. باع دار يماه فوق راسا - آييه آختي رقية .. باع الدار ورماني في الزنقة .. لوراق د دار كانو عندو والتوكيل وقضى حاجتو .. فهم العفريت أن الولد الوحيد الذي تملكه يما فاطمة قد سافر إلى بلجيكا منذ عشر سنوات ولم لم يقم بزيارة واحدة أمه العجوز و الوحيدة.. وأنه وبعد أن خسر كل ما يملكه في الشرب والقمار .. قام ببيع شقة والدته في حي كاساباراطا. ترددت على مسمع العفريت يومها كثيرا عبارة " مرضي الوالدين و مسخوط الوالدين " سمع جدته تثني على سلوك أبيه كإبن بار وهي تقول : ( في الصورة جدة الكاتب العزيزة رقية ووالده ) - سير آ محمد آ ولدي كيما ساترني الله يسترك .. سير آ ولدي الله يمتع بالرضا ويفرشلك الرضا ويبعد العديان من قدامك .. أنا راضية عيك آ ولدي آ محمد دنيا وآخرة. الله لا يخيب لك رجا فهم العفريت وبعد مشقة كبيرة أن أكبر ما يمكن أن يرتكبه الإنسان من جرم هو عقوق الوالدين .. فبات ليلته وهو يفكر في الوسيلة التي ستجعله مرضي الوالدين.. وأصبح هذا اللقب ضروري لراحته النفسية.. فعفريتا إذا اراد شيئا يجب أن يحققه في نفس اللحظة أي ( مقلق على رزقو) كما نقول في المغرب. - آ العزيزة .. أنا بغيت نكون مرضي الوالدين . شني نعمل ؟ - ما تعمل والو .. متعملشي الصلابا والتشيطين والفضايح - وا فهامت ولكن كيفاش هي مرضي الوالدين - تكون فحال باباك .. مهلي فيماه .. أنا .. وموكلني وكاسيني وما كايرفعشي صوتو عليا ... هادي هي رضات الوالدين - ولكن أنا .. ما عنديشي يما باش ترضي عليا فاين هي - شكون قالك .. ما عندكشي يماك .. آ ولي وحدي ستغفرت الله .. يمك حية وواقفة على رجلة فدار العزيزاك فطومة وينشاء الله دام يدوز الغيار وتفتش عليكم وتجي عندكوم وتشوفوها .. الله يلعن الطلاق وسبابو .. وكان هذا مانقول أولدي .. نعس أوليدي غدا عندك المدرسة بكري .. وخصك تخرج بكري الطرامبيات كيجيو معاطلين ملي كاتكون الشتا. أسئلة كثيرة ظلت معلقة في ذهن العفريت .. لم يفهم يومها كيف يطلب منه أن يكون بارا بوالديه وهو إبن التسع سنين .. وهو يرى أن والده ووالدتك مطلقان .. أليس من الظلم أن يعيش غيره من الأبناء حياة طبيعية بينما يصاب هو بالهم والألم والرغبة في البكاء كلما جاء ذكر والدته. إستيقظ العفريت باكرا على غير عادته ودخل مطبخ المنزل فأخرج القفة ( سلة ) وبدأ يضع فيها ما يوجد داخل المطبخ من أكل وسكر وملح وخضروات ولم يترك شيئا يؤكل في البيت إلا أخذه .. تسلل من الباب الخلفي للبيت وحمل محفظته على ظهره بينما وضع القفة على رأسه وتوجه مشيا نحو حي كريستوف كولون ( حي كولونيا ) حيث يوجد بيت جدته ( أم امه) وحيث تعيش والدته بعد طلاقها من والده. كان يعلم أن جدته فطومة قد عادت من مدينة سبتة وأن الأسرة كلها مجتمعة , طرق الباب ففتحت له أمه وكأنها كانت تنتظره وراء الباب .. - آيمي لحبيبة .. كيف قلبي هاد الصباح كامل وهو مخطوف عليك آ الحبيب , شيني هذا أوليدي علاش هاز هاذ القفة .. صيفطوك تتسخر ..؟ ولا شيني؟ - أماما الحبيبة .. أنا جبتلك الماكلة باش ترضي عليا .. حيت أنا الرضا دلعزيزة ما مقبولشي باش نكون مرضي الوالدين. - الله يرضي عليك آ المرضي بلحاق الرضا دلعزيزك حتى هو مقبول عند الله.. والرضا دباك حتى هو ضروري باش تكون مرضي .. ولكن آ ولدي .. القفة كيجيبوها الناس ليماهم ملي كيكبرو ويخدمو ويتزوجو .. إن شاء الله ارا ما تجيبلي .. دابا غير قرا وتعلم وكبر. - إيوا ويلا ماتو الناس صغار.. يموتو بلا ما يكونو مرضيين الوالدين - الرضا .. ديما كاين على الصغار كاملين .. حتى يكبرو وديك ساعة إما ماش يبقاو مرضيين أو يوليو مساخط - دبا أنا مرضي .. ؟!! ( تسارعت دقات قلبه وهو ينتظر الجواب ) - إيه .. مرضي وغزال .. الحبيب .. هاك ..شبار من عندي هاذ 500 فرنك شري بها لي عجبك - 500 كاملة .. هيييييييييي قبل والدته واحتضنها بحرارة وهو يقفز فرحا .. بوسامه الجديد .. من درجة مرضي الوالدين. لكنه فجأة تذكر كلام أمه بأن هذا الوسام لا يجوز التباهي به إلا إذا كان الرضا من الوالد والوالدة . نغصت عليه هذه الفكرة نشوته. تذكر فعلته وما سيكون لها من نتائج .. تذكر أنه ترك والده وجدته وإخوته بدون أكل. فبدأ الوسواس والخوف يستوطنان ذهنه. فجأة جاءته فكرة رائعة .. فكرة لربما تشفع له عند والده وتجنبه العقاب .. وبفضلها سيتمكن من الفوز برضى الواد ليكون بحق مرضي الوالدين. فماذا سيفعل ذلك ما سأحكيه لكم في الحلقة القادمة شكرا على متابعتكم وإلى اللقاء للتواصل مع الكاتب عبر الفايس بوك الموقع الإلكتروني