غريب أمر بعض المحسوبين على رجال الدين، حين يعلنون عن فتاوى ضمنية بهدر الدم، في حق كل من سول له عقله أن يمارس حقه في القراءة والتأويل، بعد اجتهاد في فهم النوازل بما أوتي من منجية في التفكير. لقد طرح المفكر أحمد عصيد تصوره حول مضمون محدد، يمرر ضمن مفردة معينة في البرنامج التعليمي بالمدرسة المغربية، من منطلق كون الفصل الدراسي، مجالا لتمثل القيم التي يعبر عنها الدستور كأسمى تعبير عن الأمة، بحيث يجب استبعاد كل ما شأنه أن يوحي تلميحا أو تصريحا بمخالفة مضامينه، و التي تتجه في منحاها العام نحو التناسب مع المفاهيم الكونية لمدلول حقوق الإنسان كما هو متعارف عليها عالميا. و باعتبار المنهاج التعليمي يمثل الفلسفة التي تحدد التوجهات التي تتأسس عليها عليها الدولة، فإن مداخلة أحمد عصيد النقدية حول رفض استعادة المعنى من سياق منفصل ، كي يروج له ضمن سياق مغاير، ليست مما يجرم قانونا ولا مما يمكن الزعم بتحريمه دينا. لا أظن أن أحمد عصيد بتصوره ذاك، قد قارب حتى شبهة المس بمقدس، إلا إذا كانت كلمة ((الإرهاب)) وما يتصل بها من اشتقاقات، مما يجب أن يحذف جذرا من المعجم العربي، باعتبارها من المدنسات في الاستعمال على الصفة بالنسبة. و ما أظنه، هو أن التقاط الاستعمال في سياق مخصوص من طرف البعض لتكفير المفكر أحمد عصيد، و ممارسة التحريض الضمني ضده، إنما يعكس اتجاها متخلفا في التعاطي مع الموضوعة الدينية في وجدان المجتمع المغربي، علما بأن الإسلام في عمقه الإنساني وبعده الكوني، منسجم لأقصى حد مع حرية التفكير والتعبير، ولا يستقيم الادعاء باسمه تحت أي عنوان، لممارسة العنف ضد الإنسان بالمطلق.