يعد الاعلام في العالم المتقدم حدث العصر بامتياز، فبين تسمية عصر الصورة و المعلومة والسلطة الرابعة يشغل الاعلام حيزا مهما في صناعة القرار و توجيه الرأي العام ، لكن في العالم الثالث الاعلام ككل الامور الاخرى تستغل لتكريس الظلم و التخلف، فالاعلام في العالم الثالث اما فاقد للبوصلة غير عارف لاتجاه الزمان، و اما اعلام عميل ميتبط في جهته العليا بإجندات خارجية و جهته السفلى بالجهة الوسطى للشعوب. الاعلام في العالم المتخلف لا يخرج عن مسارين: إعلام ميت بفتقد للمصداقية و إعلام مميت يفتقد للوطنية. الاعلام الميت: هو إعلام كان حتى وقت قريبا منارا للتوعية لكن مشلته انه كان و لا يزال مرتبطا بهيئات سياسية تخلت عن في مرحلة ما من مستقبل البلد عن ادوارها في النضال المجتمعي لصالح المشاركة في الحكم و لو على حساب المبادئ و الاسس التي قامت عليها مما جعل هذا الاعلام التابع لها فاقدا للمصداقية كل مهامه التصفيق للبرامج الحكومية، هو اعلام لم يستطع الاستقلال عن النخب السياسية التي فاحت منها رائحة الفساد بكل أشكاله،و بذلك لم بستطع أن يحافظ على مكانته بين قرائه و متتبعيه و بذلك توفته الملائكة ظالما لنفسه. الاعلام المميت: هذا النوع من الاعلام يعاني من مرض التبعية الثقافية و الانهزام الحضاري مما أنتج شللا في وظائفه التوعوية والتثقيفية، و توسعا سرطانيا للتفاهة . فعلى عكس الاعلام السياسي الذي هدفه الدعاية الحزبية فإن هذا الاعلام يعتبر - مجازا - مستقلا إذا فهمناه بمعنى الاستقلال عن الكيانات السياسية الوطنية لكن هذا لا يمنع ارتباطه بأمور أخرى من قبيل المؤسسات المالية او حتى مؤسسات اجنبية "مجهولة الهوية" هدفه الاول و الاخير هو تحقيق أكبر رقم مبيعات و لو على جساب التحولات الاجتماعية و السياسية و القيمية للمجتمع، و بالتالي هي تعتمد على التبسيط المبالغ فيه ، هذا التبسيط يهمل الحديث عن القضايا المهمة في حياة المجتمع- و التي تحتاج شيئا من التفصيل و التدقيق من الاعلامي و شيئا من التركيز من طرف المتلقي- لصالح قضايا تافهة مما ئؤثر سلبا على اختيارات المجتمع في قضايا حساسة، اذ ان نقل الوقائع ليس أمرا محايدا و إنما هو المحدد الاساس لطريقة التعاطي مع هاته الوقائع. هذا بالاضافة إلى ان الاهتمام بجانب الربح يعجل هذا الاعلام يهاجم حتى قيم و تقاليد المجتمع اذا كان ذلك سيدر ربحا أكثر و لا يهمه في ذلك اذا كان يحطم تماسك المجتمع عن طريق تفكيك المنظومة القيمية الحامية لوحدته .هذا الاعلام بهكذا اهداف يدفع بالذوق العام نحو الانحدار الامر الذي يساهم في اتشار عدد من الظواهر السلبية من قبيل الجريمة و التحرش الجنسي و التحلل الاسري. الاعلام سلاح ذو حدين قد يعمل على تماسك المجتمع و تدعيم بنائه و التعبير عن قضاياه و و الدفع بعجلة التنمية و في نفس الوقت يمكن استعمال الاعلام لتخيب هدا المجتمع و تفكيك بنياته و تحطيم معنوياته و تشويه تاريخه و شخصيته الوطنية عن طريق غرس القيم الغريبة و تقديم النماذج الفاسدة للاحتداء بها. و عليه وجب على اعلاميينا ، من اجل اعادة الحياة و دور الاحياء للاعلام التحلي بالمسؤولية و الجدية و الوطنية اتجاه الخبر من جهة و اتجاه المتلقي من جهة ثانية