من طبيعة البشر أن بعضهم يحب التجديد والبعض الآخر لايقبله بتاثا، فالنوع الأول تجده دائما يبحث عن المستجد يحاول أن يطور آلياته المعرفية مجتهد في تحصيلها ولو تطلب منه الأمر مجهودات شاقة وجبارة، فهو يعتبر نفسه دائما طالبا يتقبل الأفكار الجديدة ولو كانت غير صادرة منه بل يتتبعها إلى آخر رمق ومثله في ذلك القولة الشهيرة اطلبوا العلم ولو كان في الصين. أذكر أنه في مدينتي عندما حصلت مع بعض أصدقائي على الإجازة نظمنا أنفسنا في مجوعة من أجل التهييء القبلي للمبارات وكنا نحضر في كل أسبوع موضوع نناقشه ويمكن أن يطرح في مباراة التوظيف، كان معنا أستاذا لا يمكن أن أنسى فضله علينا أتذكر كلماته التي مازالت ترن في أذني فلقد قال لي بأنه يحب الدماء الشابة النشطة فعندما يجلس معنا يحس بقلبه وكأنه في عنفوان شبابه فبفضل مجهودنا الذي نقوم به في البحث والتحصيل ونشاطنا المنقطع النظير كل ذلك يمده بطاقة وشحنة في البحث والتعلم أما إذا جلس مع الكبار فالحديث غالبا يدور حول هموم الدنيا مشاكل الأولاد والمال وهلم جرا.. وهذا حسب ظنه يعطيه إحساس بالعجز وكأن تاريخ حياته توقف وأن قطاره قد فات. فهذا نموذج من الذين ذكرناهم في النوع الأول يحب أن يطور مفاهيمه يريد البحث عن الحقيقة لا يخجل من الآخرين سواء كانوا شبابا أم شيوخا، فمن لا يريد التغيير إما محافظ على الوضعية لا يريد أي هزة من شأنها أن تؤدي بنتيجة عكسية لا تحمد عقباها أو متكبرلا يرضى إلا بنفسه وكأنه أقوى من الآخرين. وإلا أن نطبق المثلين القائلين الأول: اطلبوا العلم من المهد إلى اللحد والثاني: شخصان لا يتعلمان الخجول والمتكبر يبقى للمستور بقية.