“أين أنت يامحمود ؟قف أمام الصبانة ولاتتحرك قد يصيبها عطب ونحن لا ندري ” “محمود، لا تتصرف كالأطفال الصغار لقد كبرت ويجب معرفتك بذلك” “أوف محمود ،لا تتدخل فيما لايعنيك عندما يتكلم الكبار جدا اصمت، اصمت فقط” “لا تلعب مع أطفال الحي، سيعلموك الشغب وعدم الاحترام والثرثرة والكلام السوقي ” “محمود لا تقترب من هذا، هو حرام، حرام، أتدرك مانقول ؟ “محمود عندما تكون بصحبة أمك في السوق احمل بيد القفة واقبض جيدا بيدك الأخرى تلابيبها هناك لصوص يتجولون وخاطفو الأطفال يتربصون، احذر، انظر إلى الأرض وأنت تمشي ولا تبالي” “محمود عندما يحين الليل يجب عليك التزام البيت، فالجن يطلق أبناءه الصغار، والعفاريث تخرج من الأودية لتقتات طوال الليل ،وإذا قدر الله وتأخرت لحاجة تقضيها لوالدتك فلا تنظر إلى قط أو كلب، وإذا لمحت ضفضعة فسد فمك سريعا وانفخ وجنتيك جيدا قبل أن تحسب عدد أسنانك فتصاب بالطرش حالا، ألم تسمع يامحمود ماذا جرى لابن رحيمة؟ رمى قطة سوداء بحجر ليلا فتشللت يده اليسرى حالا وثقلت رجله وأصبح لايقوى على الكلام، ويصدر أصواتا غريبة ؟” صار محمود الطفل ذو السبعة سنة على موعد كل صباح ومساء مع هذه الأسطوانة حتى بات كلما خاطبه أبوه جلس القرفصاء وعقف يديه حتى تنتهي الخطبة العصماء. كبر محمود واشتد عوده، لم يخالط أطفال الحي، لم يلعب الكرة مع أقرانه، رأى في ابنة زقاقه القديم ندية طيش العهر، لم يلمس كلبا، لم يعاشر قطا، كان يهمس سرا ويتلو مايشبه الطلاسيم عندما يعيد فتح باب فناء المنزل ويسدها، هاب الليل، كره القمر، تسلل الى قلبه الشك من كل شيء، انعزل، نذرت حركته، قل كلامه، ذبل محياه . شوهد محمود الشاب ذات صباح أمام المنزل يجلس القرفصاء عاقفا يديه وهو يردد بشكل هستيري : حرام حرام ايه ايه. القط الأسود من هنا مر حلال حلال آيوا آيوا الكلب الاشهب من هناك خر الضفدعة تحسب الأسنان، فمي هكذا مشرع ندية جاءت مع حبيب وأنا أنتظر قنديشة قنديشة ياناس ترتدي فستانا أبيضا حلالا وتضع على عينيها كحلا أسودا حراما ، قنديشة تريد عد أسناني ، قنديشة تغيظ أبي في صمت وأنا أصرخ . أبي أبي أين أنت ياأبي؟ أنا هنا ما زلت أستمع إليك ، مازلت صغيرا جدا لم أكبر بعد .