تتشرف بوابة الفقيه بن صالح اونلاين أن تنفرد بالثقة التي وضعها فيها الاديب الروائي ابن مدينة الفقيه بن صالح البار عبدالله عدالي الزياني والذي أبى إلا أن يشارك قراء البوابة في قراءة روايته المتميزة حرائق المائة عام وسننشرها على حلقات نتمنى لكم قراءة ممتعة ولا تحرموننا من تعليقاتكم البناءة طبعا فشكرا سي عبدالله عدالي شكرا للمبدع الحسن ناجين الذي ساهم بشكل كبير في إخراج الفكرة للوجود الحلقة الاولى الفصل الأول حدث الذي حدث لي منذ زمنٍ لا أريد أن أتذكّره. ذلك التاريخ الذي ترفض ذاكرتي أن تنساه و الذي ما زال محفورا في أغوار روحي كثنايا خامدة، موشوما على جسدي كتجاعيد السنين. ملعونة هي ذاكرتي! كلما حاولت قتل جزء منها، ينبث لها آلاف الأجزاء و كأنها قطعة فطر. حدث ذلك أيام كان طائر بلارج وليًا من أولياء الله دون ضريح يُغطّى بقماش أخضر داخل قبة عالية و شموع موقدة ليل نهار و شجرة سدرة تُعلّق عليها تمائم المرضى و المصابين بالجنّ و البرص و الفقر و اليأس..قطع أثواب و خصلات شعر و أحزمة، تخلصنا من ضربات العفاريت و العين و سوء الحظ. ضريح بلارج في ذلك الزمن، أعشاش يُشيّدها على نوادر التبن و أبراج الدور و القلاع المهجورة. و ليٌّ من أولياء الله أصيب بالمسخ في تاريخٍ يعود إلى أزمنة بعيدة، قد تكون زمن أنبياء الله، لوط أو سيدنا نوح أو داوود، عليهم السلام و علينا بركتهم. لم تكن فاطنة أحمد البائرة منذ أربعين عامًا تريد أن تعرف تاريخ الأولياء و لا الأنبياء و هي تُزيل عَكّافة رأسها و تُمرّغها في تراب و حصى ساحة الدوار، حانقة، غاضبة، نتفوشة الشعر، محمرّة الوجه، مشيرةً إلى عش بلارج( آهيا ذاك الولي. هو فين ولد الحلال، و حتى ولد الحرام، إيفوكني من الجيلالي خويا المسخوط ). تعلو ضحكات كل الأطفال في ساحة الدوار و ينطلق بلارج من عشه ناشرا جناحيه العريضين. تطلعت إليه بعينين يائستين ذابلتين منذ أربعين عامًا و همست ( واش أنت غادي تجيبو و لا لا ؟ آه يا وعدي الحار!!) و انفطرت الدموع ساخنة ملتهبة من عينيّ فاطنة أحمد التي بكت كما لم تبك منذ أربعين عامًا. غاب بلارج في الأفق و لم يبعث لأحد شيئًا. حدث الذي حدث لي أيام كانت طايرة ابڭرالبيضاء الريش كشقة أمي الرشيقة القوام كطيف نيكول النصرانية، و لية من أولياء الله، مثل لالا ميرة و عائشة البحرية، فأصيبت بالمسخ من امرأة رائعة الجمال إلى طائر أبيض في زمن غير معروف. كانت آنذاك تقفز بين خطوط المحاريث ملتقطة الحبوب المزروعة، غير مبالية بيد الحراث التي ترتفع، محاولا طردها دون أذى. تقول عنها أمي، أنها خانت الأمانة فمُسخت. لم أكن أدري عنها شيئًا سوى تلك الغرابة التي تتصف بها و هي تختفي مع المساء و تعود في الصبح دون أن ندري من أين و لا إلى أين. الويل لمن يمسّ بلارج أو طايرة ابڭربأذى، فيومه لن يمر بسلام. هنيّة زوجة المعلم الشرقاوي تمردت على قوانين الأولياء، فدمرت عش بلارج الرابض على سطح بيتها، فلم يمرّ نهارها بسلام. في المساء اشتعلت النار في نوالة الكانون فدمرتها عن آخرها رغم عدم وجود أي نار في الدار. من يومها التصقت بها تسمية مسخوطة بلارج. ذلك المساء، أمسكتني أمي من أذني و صرخت: -شفت البرهان!!ويّاك بلارج و طايرة ابڭر. يومها حمي الصراع بين فقهاء القبيلة و الأضرحة و كل القبور من سلالة الأنبياء. لكن ما في رأس أمي من المقدسات و المحرمات، لم يكن أحد يستطيع إدراكه. تلك أيام أمي بكل ثقافتها و معارفها، لم يكن يشاركها فيها أحدٌ مهما كان. تنجب المقدسات و تخلق الأساطير من كل شيء و لكل شيء. الرحى و المَرْمْدة و المزبلة و الكانون و المسجد و الفقيه و الزوايا و شرفاؤها و مزاراتها و صور أبي زيد الهلالي و سيدنا علي و البكباشي جمال عبد الناصر و السلطان محمد بن يوسف، الذي رأينا صورته على سطح القمر، بطربوشه الرمادي و ابتسامته الرائعة الشبيهة بابتسامة الأولياء كما تقول أمي. صور أولئك المقدسين عند الله و أمي، هي كل إرثها من جدتي المتوفاة، فعلقتها على جدار الغرفة الطويلة الشبيهة بدروب مراكش القديمة. عندما حطت طايرة ابڭر على جدار المسجد الواطىء، أفرزت ذراقًا مقرفًا بالأبيض و الأسود و هي تبدو رشيقة جميلة بريشها الأبيض الناصع الشبيه بشقّة أمي التي ترتديها في الأعراس. في لحظة حلم، تصورتُ ما تقوله عنها؛ امرأة مكمولة الزين. كنت في ساحة الجامع أقيس ظلي بأقدامي لأعرف توقيت صلاة الظهر. انتفضت على صوت انفجار وراء ظهري؛ "اضرب هذيك المسخوطة تطير من تمة!" أُصبت بالرعب. كان صوت انعام السّي، الفقيه الذي ملك عمري. كيف أضرب من حذّرتني أمي من لعنتها؟ كيف أتجنب لعنة طايرة ابڭر و عذاب سفير الله على أرضه مرة واحدة؟ إمّا اللعنة و إمّا العذاب! اقترب مني، و باقترابه فزعت طايرة ابڭر فطارت، فلم تستطع حمايتي من صفعة انهارت على خدي بيدٍ مروعة هائلة العرض كسكة المحراث. انفجرت من عيني موجة أضواء بألف لون و لون ذهبت ببصري لثوان. انفجر البركان: - ياك يا ولك الكلب!! البغية أمك قالت ليك طايرة ابڭر شريفة، و أنا بوعو كنخلع هيه؟ تبزق على الجوامع!! و القرآن يا ولد الموسخة!! اشحال كتحفظ منو، ربعين حزب، عشرة، الفاتحة؟ الله ينعل أبوك و أمك طايرة ابڭر !! انهرت على الأرض و أنا أعوي كالكلب و أستنجد: -لا انعام السّي! و حق بركيك و بركة القرآن ما ڭالت لي أمي شي. لا أحد يستطيع إنجادي، لا أمي و لا طايرة ابڭر. انتهت موجة غضبه بركلة بين أضلاعي و أنا ما زلت أتلوى على الأرض ثم تركني و دخل لإقامة الصلاة. عندما عدت إلى البيت ليلا، كانت عيناي ما زالتا محمرتين من أثر البكاء و أضلاعي تؤلمني. تجنّبت النظر إلى أمي، لأن مواقفها المهزومة مع الفقيه تصيبني بالأسى. غسلت وجهي بالماء البارد لأخفي أثر الدموع و حكيت لها كيف أنني لم أضرب الطائرة الممسوخة و لكنني جعلتها تفزع ثمّ تطير دون أذى. عانقتني بشدة و هتفت بفرح: -ما عندي راجل غيرك يسمع الكلام الصح. سخط الحلوف و لا سخط الأولياء!! استولت عليّ الدهشة من وصف أمي للفقيه بالحلّوف و هو وصف قد يُكلّفني حياتي إذا سمعنب أتفوه به. غرقت في حيرة كبرت معي حتى الرجولة. ما هو مقياس القداسة؟ أ هو ما تُقرّره أمي أو الفقيه أو ما هو كائن أو ما يوحى أو ما نخترعه لسبب من الأسباب؟ حتى اليوم، ما زال أولياء الله و سفراؤه على الأرض يقتسمون أقدار الخلائق و مصائرهم. المتخصصون في البرص و العقم و الجن و البوار..يعينون الأماكن و الأسماء و الرموز و المزارات، سيدي تُخمة و سيدي بو لقنادل و بوعبيد الشرقي و الفقيه بن صالح..حتى يبدو أن لا سلطة على الأرض إلا لمن يملكون الأرض و كل مزاراتها. أما لالا ميرة الصفراء، التي تلبّست إحدى أخواتي، و عيشة قنديشة، فتلك أسماء عظمى في سلّم مقدسات قبيلتنا حتى دون مقامات تُزار. أهلي يتخيّلون فيُقدّسون. بعد الذي حدث لي، لم يتغير شيء من تلك الأيام. ما تزال سطوة الأولياء و الضرائح أعتى من كل الأقدار و تغيرات الزمن. شيء واحد تغير، هجرة بلارج طايرة ابڭر؛ لقد اختفوا أو ربما لم يعد لهم اعتبار و ربما بسبب استيلاء قوات أخرى على ساحة القداسة. توفي أبواي، سافرت و ارتحلت و تغربت في المدن الصغيرة و الهائلة، قطعت البحار و القارات هاربا من قدري، القدر الذي يسكنني و يجري في دمي كالجرثومة التي لا دواء لها، جرثومة ذلك الطفل الذي يتلبسني؛ و الذي لم أجد مهربا ألتجىء إليه فرارا منه. كان قدرا يسكنني، ذلك الطفل الباكي الذي يشهق في داخلي، بهيئته الوسيمة و رأسه الحليق إلا من الضفيرة المتدلية على أذنه اليمنى، التي سمّتها أمي الڭرن، و العرف الذي يشبه عرف جواد، ذلك الخط الطويل الرفيع من الشعر الذي يمتد من القفا إلى بداية الجبهة، جسمه الصغير النحيف ملفوف في التشامير الأبيض و الجلاّبية الرمادية و بالبلغة الصفراء التي تنزلق من رجله كلما جرى أو حاول الهرب، دموعه المطرية الكبيرة كحبات الندى، تتساقط في حجر جلابته عبر خديه المتوردين فتغسل و جهه بكامله و يرتشف بعضها. ما تزال طرقات ذلك القلب المرعوب تطن في أذني فتصيبني بالصمم و الارتعاش. ساعة الفجر من كل يوم، ساعة قيامته، ساعة سحبه من فراشه الدافىء و توجهه إلى غرفة إعدامه و مواجهة ذلك الجلاد القابع هناك، في بيت الله، ليرتشف دمه باسم الخالق جل جلاله. جسدي الرجولي اليوم، ما يزال يحمل آثار التلذذ بتعذيب طفل السادسة، مرسومة على كتفي و حنجرتي و جبهتي. ما تزال روحي منقوشة بالإذلال و المهانة. كل مرة أحاول فيها الهروب من قدر ذلك الطفل الباكي إلا و أجد نفسي محاصرا بوجهه البريء الدامع أبدًا، الجريح أبدًا. لم يتوقف ذلك الطفل بقلبه الموجوع و المفجوع عن التحديق فيّ من نافذة العمر، يبتسم ثم يجهش باكيا مبللاً صدري بدموعه البركانية الساخنة. يجلس ضامًّا ركبتيه إلى صدره دافنًا رأسه بينهما، يمينًا و شمالا يتمايد في حالة نواح و حداد و ندب في تناغم متواصل ساعات و أحيانا أيامًا. في لحظة مفاجئة كالصدمة، يرفع رأسه إليّ بعينين مستحمتين في دموع كندى الفجر، يركزهما في عيني و يهمس ببراءة، أ تُرى ما زلت أسكنك رغم هروبك منّي عبر القارات و البحار؟ أ ما زلت مستوليا على قلبك و عقلك و قراراتك؟ تُرى، أ نشيخ و لا نتغير؟ رغم عمرك الطويل، ما زلت رابضا بداخلك أرسم حياتك خطوة خطوة، أقرّر قراراتك و أحزن لحزنك و ما زلتَ تبكي بدموعي. أين ستهرب مني؟ أعرف أنك تريد الخلاص مني و لكنك لم تستطع؛ أنت أنا و أنا أنت. لقد انطلقت مني و اليوم تريد التنكر لي. عندما تستيقظ و تنام و تحب و تكره و تحلم و تتصور، فذاك أنا و أنت لست أنت وحدك. كل شيء يأتي مني و لست وحدك. نحن نسافر إلاى بعضنا مهما هربنا من بعضنا، نتعانق شوقا و دمعا، دموعك دموعي و أملك منها بحارا، و لا تستطيع البكاء بلا دموع. سنحيا معًا و نموت معًا، ذاك قدرنا، أنا و أنت، لم أصنعه و لم تنسجه أنت. ذاك قدرٌ صنعه لنا سفراء الله و ورثة أنبيائه على الأرض. تعال نتعانق معا و نبكي معا، و نتحدّث عمّا هو مباح و ما هو محرّم. تعال نبك طويلا حزنًا و مرارةً و احتراقا. أنا مُشعل حرائقك و مثير زوابعك. أنا طفل السادسة المستحم في البراءة، المنقوش جسدي تعذيبا، الطافحة روحي دونية و مهانة. ما زلت أصارع العالم الذي صنعه "انعام السّي". صنع من عجيني كل ما أراد، رُعبي و كوابيسي و دموعي..كان الخالق لكل شيء. لم أكن أرى خالق الكون بل كنت أحسه. خالقي كان رابضًا هناك كالوحش الأسطوري متحفزًا لالتهامي في كل لحظة. يقول لي؛ متْ فأموت. يصنع الموت و الحياة و الجحيم و النار و الملائكة و الشياطين و الأولياء و الأنذال و الأنبياء و الدهماء و الغم و البكاء و الفرح. أي فرحٍ؟ يقول لي؛ كنْ فأكون ما يريد مني أن أكون. أنبح كالكلاب أو أولول كالنساء. أقفز كالبهلوان. و البول؟ هل أستطيع التخلص منه دون أمرٍ منه. هل ما زلت تذكر الذي حدث؟ -انعام السّي! -مال الموسخة أمك؟ -ابغايت انبول، انطير الما، انعام السّي!! ! اقرأ لوحتك يا ولد الكلبة ! -شوف أ ولد الموسخة! ياالله جيتي قاومت طويلا، لكنني فعلتها!! ارتكبت الذي لا يُغتفر! و من يغفر التبول في الجامع؟ ساعات طويلة كقرن من الزمن و أنا أتململ لأُخفي الخطيئة الكبرى التي لا يغفرها الله و لا وليّه، و لا جزاء لها إلا جهنم خالدين فيها أبدًا. أسفلي المبلول يلتهب من الظهيرة حتى عتمة المغرب موعد تحرُّرنا. قرنٌ من الساعات و السنين سافرت فيها روحي عبر كل مقابر الأرض بحثًا عن قبر أهوي فيه. لا أريد طقوسا و لا فاتحة و لا صلاة جنازة..أريد أن أذروَ عليّ التراب و أدفن نفسي بنفسي. اللهم لا أريد منك شيئا سوى أن تقبض روحي و تُخلّصني من وليّك و وريث أنبيائك! "الفقهاءُ ورثة الأنبياء يا ولاد الكلب! أنا وريث النبي!". و يلتهب قضيب الزيتون الرفيع نارا مُشعلةً الحرائق على الرؤوس و الأيادي و الأرجل و حيثما وقع، و بقية الأجساد تتراجع و تتراكم في هروب إلى لا مكان. "صلّى الله عليه و سلم يا أولاد الزانيات" صلّى الله..تردّدها وراءه صراخًا و عويلاً و تضرعًا و عذابًا و آلامًا تسافر مع القضيب الناري على كل جزء من أجسادنا التي لا تملك مقاومة إلا التضرعات. "عافاك السّي، الله يرحم والديك انعام السّي، أنا متايب لله السّي" اليوم، و قد كبرت و أصبحت من الآثمين، تقول باسمي، "اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون". لم تسألني، أنا القابع في داخلك كالجرثومة، هل غفرت للذين لا يعلمون؟ و من أحق بإعلان طلب الغفران، أأنت الهارب من ماضيك أم أنا المحروق الجلد و الروح؟ و ترددها، اللهم..و قبل أن تتمّها ينظر إليك جلادي بخبث و رعونة و يقاطعك ساخرا، أيها المسطول! لماذا تهرب من الحقيقة؟ أنا أعرف الذي لا تعرفه. أنا الذي حكمت قومك و جعلت منهم السباع و الضباع، فماذا تستطيع أن تفعل؟ أُشيّد لهم الجنة بأنهار العسل و الحور تستحممن في بحيرات من الزهر و ماء الورد، تتنفسن العطور و البخور و النور، تتلاعبن بالأقمار و النجوم..عالمٌ أشواقه مشتعلة أبدًا بحبٍ لا ينفذ أبدًا، أدخل إليها من يدفع الثمن. أعقد جلسة سرية في الأدمغة، أُصبح فيها ملكًا بالتاج و الصولجان. أ تدري أيها المسطول ماذا تعني تسمية الفقيه و انعام السّي؟ تعني بكل بساطة، يا صاحب الجلالة! يا مالك أمرنا و مصائرنا، أ ترى؟ من يهرب من الجنة؟ أ ليست المكان الأكثر ازدحامًا في الكون؟ أعرضُ الثمن الذي أريد و أعلمهم كل اللغات إلا كلمة واحدةً، لا. فهي لا وجود لها. أهبُ لهم كل شيء، الصحة و المرض و الموت و الحياة و الفقر و الغنى..أصنع كوابيس لياليهم و حيرة نهاراتهم. بعضهم أصيبه بالجنون الغامض و بعضهم يصابون بهذيان غريب بلغة لا يعرفها أحدٌ إلا أنا. أخلقهم و أخلق كوابيسهم في المزابل و الأماكن المهجورة و الكهوف و الكوانين..ثم أقضي عليها بما أملك و أخلق من بخور و قراءات و تمائم...أنا الذي أسلط البلاء على أدمغة أهلك و القبيلة و العشيرة. لماذا تعذب نفسك اليوم في البحث عن الفرق بين ما هو قبلي و تبوي و إلهي و قيصري..؟ إنك محاصرٌ بهم جميعًا. كلما هربت من واحد منهم سقطت في زنزانة الثاني! و هل تستطيع أن تحارب العالم كله؟ إنك مهزومٌ قبل أن تخرج للمعركة. أنت مهزوم!! و ما تبحث عنه من انتصار لا يوجد إلا في مخيلتك. إنني أسكنكم جميعا، أنت و أمك و أبوك و فروعك الصغرى و الكبرى، يمينا و شمالا، هبوطا و صعودا. إنني أسكنكم حتى النخاع! آثار سوطي على جلودكم نقوش فرعونية لا تُمحى. يكفي أن أقوّس الرّزّة و أرفع صوت حلقي، فإذا بكم خُشّعًا ركّعًا تحت قدميّ، عُميًا لا تُبصرون! يا مسطول!! من هو ربكم في زمن الهوايش و السالمة و ڭردة و بو حمرون و البرص و الجذري و الكُساح..؟ قبل أن تخلقوا ربكم الكذاب بالبنسلين و المورفين و البنج..؟ أنا الذي كنت و ما أزال. هل تخاف الهوايش من مستشفياتكم و ممرضيكم و أطبائكم الملفوفين في الألبسة البيضاء كالعيالات الرابطات أو طايرة ابڭر؟ من يستطيع إخراج الجن منكم، الذين درسوا دنس النصرانية أم أنا الذي تعلمت في رحاب الله و رسوله؟ يتبع