مطالب الاتحاد المغربي للشغل    من احتلال الأرصفة إلى غزو الشوارع.. فوضى الملك العمومي تتوسع بطنجة    "الإيقاع المتسارع للتاريخ" يشغل أكاديمية المملكة المغربية في الدورة الخمسين    ندوة علمية حول موضوع العرائش والدفاع عن السيادة المغربية عبر التاريخ: نماذج ومحطات    الغربة بين الواقع والوهم: تأملات فلسفية في رحلة الهجرة    صحيفة ماركا : فينيسيوس قد يتعرض لعقوبة قاسية (إيقاف لمدة عامين    كأس أمم إفريقيا لكرة القدم داخل القاعة للسيدات.. المنتخب المغربي يحقق فوزا عريضا على نظيره الناميبي (8-1)    "‪الأحرار" يفوز بالانتخابات الجزئية بتزنيت    انطلاق جولة الحوار الاجتماعي    جلالة الملك يواسي أسرة المرحوم محسن جمال    الفلاحة المغربية تحظى بإشادة دولية.. ورغبة فرنسية في "تعاون مكثف"    صحيفة دانماركية تروي القصة الكاملة لسفن "ميرسك" المُحملة بالأسلحة لإسرائيل.. كيف مُنعت في إسبانيا واستُقبلت في طنجة    دونالد ترامب يزور الشرق الأوسط ما بين 13 و16 ماي المقبل    بنيس: الرواية أبرزت هوية الفلسطيني.. بلقزيز: المشروع الصهيوني همجي    الحسيمة تتربع على عرش قائمة المدن الأكثر غلاء في المعيشة وارتفاع الأسعار    لبؤات الفوتسال يحققن فوزا عريضا على ناميبيا في افتتاح المشوار بكأس أمم إفريقيا    تحلية مياه البحر في المغرب: رهان استراتيجي لمواجهة ندرة المياه وتأمين المستقبل المائي    توقيف تونسي مبحوث عنه دوليًا في قضايا سرقة وقتل وهروب من حكم ب30 سنة سجنا    بتعليمات ملكية سامية.. الفريق أول محمد بريظ يقوم بزيارة عمل لدولة قطر    الفاتيكان يكشف تفاصيل جنازة البابا فرنسيس    جمعية سمايل تعزز التماسك الأسري عبر دورة تكوينية نوعية بفضاء جسر الأسرة بالناظور    جامعة عبد المالك السعدي تشارك في الملتقى الإقليمي للتوجيه بالحسيمة    السعدي يعلن إعداد قانون إطار للاقتصاد الاجتماعي والتضامني خلال الولاية الحالية    المغرب تطلق صفقة لتشييد محطة للغاز الطبيعي المسال بالناظور    انهيار صخري جديد يعرقل حركة السير بالطريق الساحلية بين تطوان والحسيمة    الانخفاض ينهي تداولات بورصة الدار البيضاء    أخبار الساحة    من تداعيات شد الحبل بينها وبين الوزارة الوصية .. جامعة كرة السلة توقف البطولة الوطنية بكل فئاتها بسبب العوز المالي    الجولة 27 من الدوري الاحترافي الأول .. الوداد ينتظر هدية من السوالم وأندية الأسفل تمر إلى السرعة القصوى    تكريم الدراسات الأمازيغية في شخص عبد الله بونفور    تأييد الحكم الابتدائي وتغليظ التهم رغم التنازلات في حق الرابور «طوطو»    الدولار يتراجع لأدنى مستوى في سنوات مقابل اليورو والفرنك السويسري    اعمارة يحث على "الإبقاء على حق الأفراد والمجتمع المدني في التبليغ عن الجرائم الماسة بالمال العام"    الكرملين: بوتين لا يخطط لحضور جنازة البابا فرنسيس    بسبب تكريم باسم والدته.. نجل نعيمة سميح يهدد باللجوء إلى القضاء    من السماء إلى العالم .. المغرب يحلق بأحلامه نحو 2030 بمطار ثوري في قلب الدار البيضاء    فوزي برهوم الناطق باسم حركة حماس ضيفا في المؤتمر 9 لحزب العدالة والتنمية    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الأربعاء    "أفريكوم" تؤكد مشاركة الجيش الإسرائيلي في مناورات الأسد الإفريقي    طلبة الطب وطب الأسنان والصيدلة يطالبون وزير الصحة بالوفاء بالتزاماته ويستغربون تأخر تنفيذ الاتفاق    إسرائيل تمنع تطعيمات شلل الأطفال عن غزة.. 600 ألف طفل في خطر    تفاصيل انعقاد المجلس الإقليمي لحزب الاستقلال بالقنيطرة    "البيجيدي": نخشى أن يتحول مشروع الغاز بالناظور لفرصة "استفادة شخصية" لأخنوش    عبد الكريم جويطي يكتب: أحمد اليبوري.. آخر العظماء الذين أنجزوا ما كان عليهم أن ينجزوه بحس أخلاقي رفيع    باحثون: الحليب بدون دسم أفضل لمرضى الصداع النصفي    الصفريوي: لا مفاوضات ولا نية للاستثمار في شيفيلد وينزداي الإنجليزي    فان دايك: جماهير ليفربول ستتذكر أرنولد في حال قرر الرحيل    الصين وأندونيسيا يعقدان حوارهما المشترك الأول حول الدفاع والخارجية    معهد الدراسات الإستراتيجية يغوص في العلاقات المتينة بين المغرب والإمارات    مندوبية الصحة بتنغير تطمئن المواطنين بخصوص انتشار داء السل    المغرب يخلد الأسبوع العالمي للتلقيح    نحو سدس الأراضي الزراعية في العالم ملوثة بمعادن سامة (دراسة)    دراسة: تقنيات الاسترخاء تسمح بخفض ضغط الدم المرتفع    مغرب الحضارة: حتى لا نكون من المفلسين    لماذا يصوم الفقير وهو جائع طوال العام؟    وداعًا الأستاذ محمد الأشرافي إلى الأبد    قصة الخطاب القرآني    المجلس العلمي للناظور يواصل دورات تأطير حجاج الإقليم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الأستاذ عبد القادر الغزاوي يكتب : شاعر وقصيدة – أبو الطيب المتنبي


الشاعر أبو الطيب المتنبي
( 303 354 ه / 915 965م )
الشاعر الذي نظر الأعمى إلى أدبه وأسمعت كلماته من به صمم.
هو أحمد بن الحسين بن الحسن بن عبد الصمد الجعفي أبو الطيب الكندي الكوفي، ولد في قبيلة كندة بالكوفة سنة 303 ه / 915 م ، وتوفي سنة 354 ه / 965 م . وهو من شعراء العصر العباسي ، ومن أعظم شعراء العرب كان متمكّناً من اللغة العربية، ومتقنا علوم العرب ، وحفظ من علوم اللغة والأدب والشعر الكثير . وقالوا عنه أنه نادر زمانه ، وأنه من أشعر وأشهر شعراء اللغة العربية . وقد تناول في شعره أغلب أغراض الشعر ، كالمدح والهجاء والرثاء والعتاب والوصف والحكمة والشكوى . وفي شعره أمثال وحكم . وأغلب قصائده في مدح الملوك والأمراء والخلفاء ووجهاء القبائل ، وكان كثير الترحال والتجوال بين مصر والشام وفارس مادحا أمرائها ، وباحثا عن المال والمجد والشهرة . وفي حلب وفد على سيف الدولة الحمداني سنة 737 ه فقربه منه وجعله نديما له فنظم المتنبي قصائد يمدحه فيها ، حيث ظلت هذه القصائد من أشهر القصائد وأجملها . ولما ساءت العلاقة بينهما ، رحل المتنبي عنه متجها إلى مصر ، ولما حل بها استدعاه كافور الإخشيدي فمدحه وطلب منه أن يوليه ولاية فوعده بذلك ، إلا أن ذلك لم يتحقق ، فغضب المتنبي وانصرف يهجوه . لقد كان المتنبي يطلب الإمارة والسيادة والمكانة الرفيعة بين الجميع ، فيمدح بأجمل الأشعار من لبى طلباته ، ويهجو بأقسى الكلمات والعبارات من رفض رغباته ، وذلك في قصائد طويلة ورائعة ، سواء في المدح أو الهجاء .
وتعرض المتنبي خلال حياته إلى مضايقات ومكائد من أشخاص كانوا يحسدونه على المكانة التي وصل إليها والشهرة التي يتمتع بها ، فحسدوه وراحوا يكيدون له وينعتوه بكل نقيصة .
كان المتنبي شديد الإعجاب بنفسه والاعتداد بها وكثير الغرور ، ومغرما بجنون العظمة والكبرياء، حيث قال :
أيّ َمحلّ أرتقي ؟ أيّ َعظيم أتقي
وكل ما قد خلق الل هُ وما لم يخلُق
مُحتقرٌ في همتي كشعرة في مَفرقي
ويعد أبو الطيب المتنبي من أشهر الشعراء العرب ، فهو ظاهرة شعرية لا مثيل لها ، فقد شغل الناس وملأ الدنيا حيا وميتا ، قال عنه ابن رشيق في كتابه العمدة : ( ثم جاء المتنبي فملأ الدنيا وشغل الناس ) . وقد أُلفت في نشأته وحياته ومماته وفي شعره مجموعة من الكتب والدراسات والأبحاث والتحقيقات الأدبية من طرف العرب والمستشرقين ، فالمجال لا يتسع لّذكرها . فيمكن الرجوع إليها وإلى ديوانه الخالد الذي يضم مجموعة من القصائد الشعرية الرائعة التي تعتبر من أفضل القصائد في الأدب العربي. وذلك من أجل الاطلاع والاستفادة . مع العلم أن المتنبي لا يزال هو وشعره موضع أبحاث ودراسات وتأليف وحفظ وشرح ونقد .
قصيدة على قدر أهل العزم : تعتبر هذه القصيدة من جميل شعر المدح ، وهي طويلة ، وقد نظمها أبو الطيب المتنبي بمناسبة انتصار سيف الدولة على الروم في معركة ضارية من أجل استعادة بلدة الحدث التي تقع على الحدود بين إمارة سيف الدولة والروم ، وكان يرافقه في هذه المعركة المتنبي، فهزم الروم وانتصر عليهم واسترجع المدينة ، فقال المتنبي هذه القصيدة يمدح فيها سيف الدولة ويصف المعركة ، ويفتخر بنفسه ، فضمت القصيدة المدح والوصف والفخر والحكم في قالب من الوسائل البلاغية والمحسنات اللفظية وروعة الإبداع وجمال التصوير .
قصيدة على قدر أهل العزم
عَلى قَدرِ أَهلِ العَزمِ تَأتي العَزائِمُ
وَتَأتي عَلى قَدرِ الكِرامِ المَكارِمُ
وَتَعظُمُ في عَينِ الصَغيرِ صِغارُها
وَتَصغُرُ في عَينِ العَظيمِ العَظائِمُ
يُكَلِّفُ سَيفُ الدَولَةِ الجَيشَ هَمَّهُ
وَقَد عَجَزَت عَنهُ الجُيوشُ الخَضارِمُ
وَيَطلِبُ عِندَ الناسِ ما عِندَ نَفسِهِ
وَذَلِكَ ما لا تَدَّعيهِ الضَراغِمُ
يُفَدّي أَتَمُّ الطَيرِ عُمرًا سِلاحَهُ
نُسورُ المَلا أَحداثُها وَالقَشاعِمُ
وَما ضَرَّها خَلقٌ بِغَيرِ مَخالِبٍ
وَقَد خُلِقَت أَسيافُهُ وَالقَوائِمُ
هَلِ الحَدَثُ الحَمراءُ تَعرِفُ لَونَها
وَتَعلَمُ أَيُّ الساقِيَينِ الغَمائِمُ
سَقَتها الغَمامُ الغُرُّ قَبلَ نُزولِهِ
فَلَمّا دَنا مِنها سَقَتها الجَماجِمُ
بَناها فَأَعلى وَالقَنا تَقرَعُ القَنا
وَمَوجُ المَنايا حَولَها مُتَلاطِمُ
وَكانَ بِها مِثلُ الجُنونِ فَأَصبَحَتْ
وَمِن جُثَثِ القَتلى عَلَيها تَمائِمُ
طَريدَةُ دَهرٍ ساقَها فَرَدَدتَها
عَلى الدينِ بِالخَطِّيِّ وَالدَهرُ راغِمُ
تُفيتُ اللَيالي كُلَّ شَيءٍ أَخَذتَهُ
وَهُنَّ لِما يَأخُذنَ مِنكَ غَوارِمُ
إِذا كانَ ما تَنويهِ فِعلاً مُضارِعًا
مَضى قَبلَ أَن تُلقى عَلَيهِ الجَوازِمُ
وَكَيفَ تُرَجّي الرومُ وَالروسُ هَدمَها
وَذا الطَعنُ أساس لَها وَدَعائِمُ
وَقَد حاكَموها وَالمَنايا حَواكِمٌ
فَما ماتَ مَظلومٌ وَلا عاشَ ظالِمُ
أَتوكَ يَجُرّونَ الحَديدَ كَأَنَّهُمْ
سَرَوا بِجِيادٍ ما لَهُنَّ قَوائِمُ
إِذا بَرَقوا لَم تُعرَفِ البيضُ مِنهُمُ
ثِيابُهُمُ مِن مِثلِها وَالعَمائِمُ
خَميسٌ بِشَرقِ الأَرضِ وَالغَربِ زَحفُهُ
وَفي أُذُنِ الجَوزاءِ مِنهُ زَمازِمُ
َجَمَّعَ فيهِ كُلُّ لِسنٍ وَأُمَّةٍ
فَما تُفهِمُ الحُدّاثَ إِلا التَراجِمُ
فَلِلهِ وَقتٌ ذَوَّبَ الغِشَّ نارُهُ
فَلَم يَبقَ إِلّا صارِمٌ أَو ضُبارِمُ
تَقَطَّعَ ما لا يَقطَعُ الدِرعَ وَالقَنا
وَفَرَّ مِنَ الأَبطالِ مَن لا يُصادِمُ
وَقَفتَ وَما في المَوتِ شَكٌّ لِواقِفٍ
كَأَنَّكَ في جَفنِ الرَدى وَهوَ نائِمُ
تَمُرُّ بِكَ الأَبطالُ كَلمى هَزيمَةً
وَوَجهُكَ وَضّاحٌ وَثَغرُكَ باسِمُ
تَجاوَزتَ مِقدارَ الشَجاعَةِ وَالنُهى
إِلى قَولِ قَومٍ أَنتَ بِالغَيبِ عالِمُ
ضَمَمتَ جَناحَيهِمْ عَلى القَلبِ ضَمَّةً
تَموتُ الخَوافي تَحتَها وَالقَوادِمُ
بِضَربٍ أَتى الهاماتِ وَالنَصرُ غائِبُ
وَصارَ إِلى اللَبّاتِ وَالنَصرُ قادِمُ
حَقَرتَ الرُدَينِيّاتِ حَتّى طَرَحتَها
وَحَتّى كَأَنَّ السَيفَ لِلرُمحِ شاتِمُ
وَمَن طَلَبَ الفَتحَ الجَليلَ فَإِنَّما
مَفاتيحُهُ البيضُ الخِفافُ الصَوارِمُ
نَثَرتَهُمُ فَوقَ الأُحَيدِبِ نَثْرَةً
كَما نُثِرَت فَوقَ العَروسِ الدَراهِمُ
تَدوسُ بِكَ الخَيلُ الوُكورَ عَلى الذُرى
وَقَد كَثُرَتْ حَولَ الوُكورِ المَطاعِمُ
تَظُنُّ فِراخُ الفُتخِ أَنَّكَ زُرتَها
بِأُمّاتِها وَهيَ العِتاقُ الصَلادِمُ
إِذا زَلِقت مَشَّيتَها بِبِطونِها
كَما تَتَمَشّى في الصَعيدِ الأَراقِمُ
أَفي كُلِّ يَومٍ ذا الدُمُستُقُ مُقدِمٌ
قَفاهُ عَلى الإِقدامِ لِلوَجهِ لائِمُ
أَيُنكِرُ ريحَ اللَيثَ حَتّى يَذوقَهُ
وَقَد عَرَفَتْ ريحَ اللُيوثِ البَهائِمُ
وَقَد فَجَعَتهُ بِاِبنِهِ وَاِبنِ صِهرِهِ
وَبِالصِهرِ حَمْلاتُ الأَميرِ الغَواشِمُ
مَضى يَشكُرُ الأَصحابَ في فَوتِهِ الظُبا
بِما شَغَلَتها هامُهُمْ وَالمَعاصِمُ
وَيَفهَمُ صَوتَ المَشرَفِيَّةِ فيهِمُ
عَلى أَنَّ أَصواتَ السُيوفِ أَعاجِمُ
يُسَرُّ بِما أَعطاكَ لا عَن جَهالَةٍ
وَلَكِنَّ مَغنومًا نَجا مِنكَ غانِمُ
وَلَستَ مَليكًا هازِمًا لِنَظيرِهِ
وَلَكِنَّكَ التَوحيدُ لِلشِركِ هازِمُ
تَشَرَّفُ عَدنانٌ بِهِ لا رَبيعَةٌ
وَتَفتَخِرُ الدُنيا بِهِ لا العَواصِمُ
لَكَ الحَمدُ في الدُرِّ الَّذي لِيَ لَفظُهُ
فَإِنَّكَ مُعطيهِ وَإِنِّيَ ناظِمُ
وَإِنّي لَتَعدو بي عَطاياكَ في الوَغى
فَلا أَنا مَذمومٌ وَلا أَنتَ نادِمُ
عَلى كُلِّ طَيّارٍ إِلَيها بِرِجلِهِ
إِذا وَقَعَت في مِسمَعَيهِ الغَماغِمُ
أَلا أَيُّها السَيفُ الَّذي لَيسَ مُغمَدًا
وَلا فيهِ مُرتابٌ وَلا مِنهُ عاصِمُ
هَنيئًا لِضَربِ الهامِ وَالمَجدِ وَالعُلا
وَراجيكَ وَالإِسلامِ أَنَّكَ سالِمُ
وَلِم لا يَقي الرَحمَنُ حَدَّيكَ ما وَقى
وَتَفليقُهُ هامَ العِدا بِكَ دائِمُ
نماذج من أشعاره :
قصيدة واحر قلباه
يقول في مطلعها :
واحَرَّ قَلباهُ مِمَّن قَلبُهُ شَبِمُ
وَمَن بِجِسمي وَحالي عِندَهُ سَقَمُ
مالي أُكَتِّمُ حُبًّا قَد بَرى جَسَدي
وَتَدَّعي حُبَّ سَيفِ الدَولَةِ الأُمَمُ
إِن كانَ يَجمَعُنا حُبٌّ لِغُرَّتِهِ
فَلَيتَ أَنّا بِقَدرِ الحُبِّ نَقتَسِمُ
قَد زُرتُهُ وَسُيوفُ الهِندِ مُغمَدَةٌ
وَقَد نَظَرتُ إِلَيهِ وَالسُيوفُ دَمُ
فَكانَ أَحسَنَ خَلقِ اللَهِ كُلِّهِمِ
وَكانَ أَحسَنَ ما في الأَحسَنِ الشِيَمُ
فَوتُ العَدُوِّ الَّذي يَمَّمتَهُ ظَفَرٌ
في طَيِّهِ أَسَفٌ في طَيِّهِ نِعَمُ
قَد نابَ عَنكَ شَديدُ الخَوفِ وَاِصطَنَعَت
لَكَ المَهابَةُ ما لا تَصنَعُ البُهَمُ
أَلزَمتَ نَفسَكَ شَيئًا لَيسَ يَلزَمُها
ألا يُوارِيَهُم أَرضٌ وَلا عَلَمُ
أَكُلَّما رُمتَ جَيشًا فَاِنثَنى هَرَبًا
تَصَرَّفَت بِكَ في آثارِهِ الهِمَمُ
عَلَيكَ هَزمُهُمُ في كُلِّ مُعتَرَكٍ
وَما عَلَيكَ بِهِم عارٌ إِذا اِنهَزَموا
قصيدة لكل امرئ من دهره ما تعودا
يقول في مطلعها :
لكل امرئ من دهره ما تعودا
وعادة سيف الدولة الطعنُ في العدا
وأن يُكذب الإرجافَ عنه بضده
ويُمسي بما تنوي أعاديه أسعدا
وربَّ مُريد ضرَّه ضرَّ نفسَه
وهاد إليه الجيشَ أهدى وما هدى
ومُستكبر لم يعرف اللهَ ساعة
رأى سيفه في كفه فتشهَّدا
هو البحر غص فيه إذا كان راكدا
على الدر واحذره إذا كان مُزبدا
فإني رأيت البحر يعثر بالفتى
وهذا الذي يأتي الفتى مُتعمدا
تظل ملوك الأرض خاشعة له
تفارقه هلكى وتلقاه سُجّدا
وتُحيي له المال الصوارمُ والقنا
ويقتل ما تُحيي التبسمُ والجدا
ذكي تظنيه طليعةُ عينه
يرى قلبه في يومه ما ترى غدا
وصول إلى المستصعبات بخيله
فلو كان قرنُ الشمس ماءً لأوردا
مختارات أبيات من شعره في الحكم والأمثال :
أَنَا الذَي نَظَرَ الأَعْمَى إِلَى أَدَبِي
وَأَسْمَعْت كَلِمَاتِي مَنْ بِهِ صَمَمُ
×××
أنام ملء جفوني عن شواردها
ويسهر الخلق جراها ويختصم
×××
إذا رأيت نيوب الليث بارزة
فلا تظن أن الليث يبتسم
×××
الخَيْلُ وَاللَيْلُ والبَيْدَاءُ تَعْرِفُنِي
والسَيْفُ وَالرُمْحُ والقِرْطَاسُ وَالقَلَمُ
×××
وما الدهر إلا من رواة قصائدي
إذا قلت شعرا أصيح الدهر منشدا
×××
فِإِذَا أَتَتْكَ مَذَمَّتِي مِنْ نَاقِصٍ
فَهِيَ الشَهَادَةُ لِيْ بَأَنِّيْ كَامِلُ
×××
عَلَى قَدْرِ أَهْلِ العَزْمِ تَأْتِيْ العَزَائِمُ
وَتَأْتِيْ عَلَى قَدْرِ الكِرَامِ المَكَارِمُ
×××
وَتَعْظُمُ فِيْ عَيْنِ الصَغِيْرُ صِغَارُهَا
وَتَصْغُرُ فِيْ عَيْنِ العَظِيْمُ العَظَائِمُ
×××
أغاية الدين أن تحفوا شواربكم
يا أمة ضحكت من جهلها الأمم
×××
لا تَحْقَرَنَّ صَغِيْرًا فِيْ مُخَاصَمَةٍ
إِنَّ البَعُوْضَةَ تُدْمِيْ مُقْلَةَ الأَسَدِ
×××
ذو العقل يشقى في النعيم بعقله
وأخو الجهالة في الشقاوة ينعم
×××
مَا كُلُّ مَا يَتَمَنَّى المَرْءُ يُدْرِكُهُ
تَجْرِيْ الرِيَاحُ بِمَا لَا تَشْتَهِيْ السُفُنُ
×××
إذا أنت أكرمت الكريم ملكتَهُ
وإن أنت أكرَمت اللئيم تمرّدا
×××
أعزُّ مكان في الدنى سرجٌ سابحٍ
وخير جليسٍ في الزمان كتابُ
×××
المراجع :
1 أبو الطيب المتنبي : الديوان .
2 محمود محمد شاكر ، مجلة المقتطف عدد يناير 1936 م .
3 علي الجرجاني ، كتاب الوساطة بين المتنبي وخصومه . تحقيق أبو الفضل إبراهيم وعلي محمد البخاري . الطبعة 2 . 1951 م .
4 ابن رشيق ، كتاب العمدة . تحقيق محمد محي الدين عبد الحميد . الطبعة 4 . 1972 م .
5 طه حسين ، كتاب مع المتنبي . الطبعة 11 . 1976 م .
6 محمد عبد الرحمان شعيب ، كتاب المتنبي بين ناقديه في القديم والحديث . الطبعة 2 . 1969 م .
7 ابن وكيع ، كتاب المنصف للسارق والمسروق منه في إظهار سرقات أبي الطيب المتنبي . تحقيق محمد يوسف نجم . الطبعة 1 . 1992 م .
8 أنيس المقدسي ، كتاب أمراء الشعر العربي في العصر العباسي . الطبعة 16 . 1987 م .
9 هادي محيي الخفاجي ، كتاب سنوات ضائعة من حياة المتنبي . الطبعة 2 . 2001 م .
10 ابن عبد ربه الحفيد ، كتاب شرح المختار من شعر أبي الطيب المتنبي . النصف الثاني . تحقيق محمد بنشريفة . الطبعة 1 . 2011 م .
11 مجلة المغرب . ذكرى المتنبي في المملكة المغربية . السنة الأولى العددان 9 و 10 ( فبراير ومارس 1936 م ) .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.