هو محمد بن الفقيه أحمد الجباري ، ولد بمدينة القصر الكبير سنة 1933م، من عائلة عريقة ذات نسب وعلم ، ظهر منها مجموعة من الفقهاء والعلماء والأيمة، تلقى تعليمه الأولي بالكتاب القرآني (المسيد)، ثم التحق بالمعهد الديني (المعهد الأصلي)، ثم انتقل إلى مدينة تطوان حيث تابع دراسته بالمعهد الحر، إلا أنه توقف عن متابعة دراسته وعاد إلى مسقط رأسه فاشتغل بإدارة الأوقاف، وفي سنة 1956م اشتغل معلما لفن الموسيقى والمسرح بالمدرسة الأهلية الحرة بنفس المدينة، ثم أصبح كاتبا بها. وخلال إقامته بمدينة القصر الكبير بدأ اهتمامه بالمسرح، فأصبح يمارسه في بعض الفرق المحلية ، وفي سنة 1958م بعد نجاحه في مباراة نظمتها وزارة الشبيبة والرياضة التحق بمدرسة التمثيل بالرباط التي كان مديرها السيد بيير لوكا الذي اقترح على المرحوم الجباري الانضمام إلى فرقة العرائس، ويعتبر من العناصر الأولى التي انضمت إلى أول فرقة مسرح الدمى بالمغرب إلى جانب بعض أصدقائه. ويتميز بإتقانه بمهارة عالية كافة العناصر الضرورية لممارسة مسرح الدمى، ويعتبر أول مختص في الكراكيز بمدينة القصر الكبير، وكان عضوا بارزا في جمعية عصبة الأطلس للموسيقى والتمثيل التابعة للمدرسة الأهلية بنفس المدينة، ثم اصبح رئيسا لها . وفي سنة 1962م سافر إلى إسبانيا في نطاق الاطلاع على حالة مسرح الدمى، وربط علاقات مع بعض المهتمين بهذا الفن وخاصة السيد أرطون كابيس المشرف على برنامج الكراكيز بالتلفزة الإسبانية فحصل على معلومات وتجارب أفادته كثيرا في مسيرته الفنية. وفي سنة 1964م التحق بالإذاعة والتلفزة المغربية بعد ما أوقفت إدارة الشبيبة والرياضة نشاطها المسرحي، فقدم خلال هذه الفترة مجموعة من المسرحيات تربو عن العشرين مسرحية وخاصة التربوية منها، وبقي يزاول نشاطه المسرحي بها إلى أن توقفت هي الأخرى. اشتغل أستاذا بالمعهد الوطني للموسيقى والرقص بالرباط فكان يلقن التلاميذ دروسا تطبيقية ونظرية في مسرح الدمى، وكذلك النحت والنجارة والخياطة والماكياج، وقد لمع إسمه في هذا المجال، فأصبح من الرواد الكبار في مسرح الدمى والكراكيز بالمغرب. وفي سنة 1968م كون فرقة مسرحية مع مجموعة من العناصر النشيطة في هذه المدرسة تحت إدارته، فكان أول عرض لها سنة 1969م، ونظرا لنشاطها الكثير والمتميز، تم توظيف جميع أعضائها كفرقة تابعة لوزارة الشؤون الثقافية سنة 1978م، فواصلت مسيرتها الفنية وتقديم عروض مسرحية واستعراضية وهزلية وألعاب بهلوانية ورياضية وسحرية، وتقوم بتقليد بعض الحيوانات كالقردة، بالإضافة إلى بعض العروض المسرحية التي تهتم بصحة الإنسان، وذلك في مختلف مندوبيات الوزارة بمدن المغرب، وكانت تلقى تجاوبا مع الجمهور . وقد ألف المرحوم الجباري مجموعة من المسرحيات، واقتبس بعض الروايات، ومن مؤلفاته المسرحية : مغامرات قرقوش والمدينة المسحورة وعمر إبراهيم والمعلم كرداد ومزرعة الأمل والتاجر والحصان وسمية والورود. ومن المسرحيات المقتبسة : الحسد ومدينة القرود وشمشون الجبار. وظل المرحوم محمد الجباري يسير تلك الفرقة المسرحية ويقوم بالتأليف والإخراج لها إلى أن لقي ربه سنة 1993م . وبعد رحيله عنا دخل عالم النسيان والإهمال ، رغم ما قدمه خلال حياته من عطاء فني ومسرحي ، خاصة في ميدان مسرح الكراكيز، وما حققه من شهرة وتألق ومكانة في هذا الميدان . المرا جع : كتاب: النبش الأول في مسرح الدمى بالمغرب. رشيد أمحجور. السنة 1997 . الحاج عبد السلام القيسي وثائق خاصة .