لم يحدث في السنوات التي مضت أن كنتُ قريباً مما يجري بالمدينة في تلك الليلة الاستثنائية التي ينتهي بها العام كما هي هذه الليلة التي سبقت. اَجواء هذه السنة حتمت ظروف مَا أن أعيشَ فصولها بالقرب من مفوضية الأمن بالمدينة، حيث وقفت على الاستعداد الجيد والمميز لهذا الجهاز الموكول له الحفاظ على أمن وسلامة المواطنين، وذلك حتى يتسنى لنا جميعاً أن نعيش تلك الساعات الأولى التي يرفع فيها الستار عن السنة الجديدة في جو من السعادة والأفراح، والتي هي ليلة ككل الليالي السابقات، ويصر البعض على أن يجعلها مختلفة وغير عادية، وكأنها عصر آخر مقبل علينا فيه المؤثر والغريب. فمع الساعات الأولى التي أعقبت عصر الإثنين متم سنة 2018، بدأت الاستعدادات تتم في محيط بناية الأمن بكل عناصرها الشرطية والأمنية، بحيث شكلت هذه السنة حالة خاصة من حيث التخطيط والتأهب المسبق لأي طارئ، ساهم بشكل كبير في استتباب الأمن ومرور ساعات الذروة المعروفة ما بين منتصف الليل وبزوغ الفجر في أمن تام، بحيث تم توزيع المهام ما بين الادارة الرئيسية ومختلف الدوائر الأمنية التي فتحت أبوابها ليلاً تحت اِمرة رؤسائها ينسق بينها رئيس المفوضية ورؤساء المصالح التابعة كالاستعلامات ورجال الشرطة القضائية وأفراد شرطة للمرور. وتم وضع سدود وحواجز على المداخل الرئيسة للمدينة لإيقاف أي محاولة لتزويد المدينة بأي شكل من أشكال الممنوعات، وهو ما جعل النجاح يرافق هذا المنحى بحصول أول صيد باعتقال أشخاص يتحوزون مآت من قنينات الخمر بأشكال متنوعة قبل منتصف الليل، كمية كانت كافية لإغراق المدينة بهذه الآفة المهيجة، وحرص رئيس المفوضية على إشراك فعاليات إعلامية في بعض عملياتها التي اكتسبت طابع المفاجئة والمبادرة قبل وصول هذا المخزون إلى المستهلك. كما لا يفوت أن نشيد بمشاركة باقي تلاوين رجال الزي من قوات المساعدة ورجال الوقاية المدنية ورجال السلطة الذين كانوا جميعهم في ليلة بيضاء يتآزرون فيما بينهم لأداء الواجب تجاه مواطنيهم، وهي شهادة في حقهم تدشن علاقة للمواطنة الجيدة المواكبة للتطور الحاصل بين مكونات الشعب بكل أطيافه.