3/ النضال من أجل التعليم الحر بالقصر الكبير جهود الوطنيين والعمل على تنظيم خلايا حزبية وإعطاء دروس في مركز حزب الإصلاح الوطني ذكرنا أن أعضاء اللجنة الفرعية لحزب الإصلاح الوطني بالقصر الكبير قاموا بجهود كبيرة لإنشاء التعليم الحر، وأنشأوا مدرسة ضمت عددا من التلميذات والتلاميذ، إلى جانب ذلك فكروا تفكيرا حسنا وهو أن يحاربوا الأمية على أوسع نطاق، وذلك عن طريق تنظيم حملة منظمة، ولهذه الغاية قاموا بعمل جليل وهو تكوين خلايا حزبية، وفتح أماكن متعددة لتشجيع التعليم، ولهذا جمعوا عددا كبيرا من المواطنين وبدؤوا في تنظيم دروس في مركز حزب الإصلاح الوطني، وكان الأستاذ أحمد الجباري هو رائد هذه الفكرة، وحامل لوائها، وهو أول من دعا إليها، وهذه حقيقة يعرفها كل الوطنيين الذين كانوا في حزب الإصلاح الوطني، وذلك ما يسجل بمداد الفخر والاعتزاز للسيد أحمد الجباري، ولا ننسى أن السيد أحمد الجباري كان عالما جليلا ووطنيا مثاليا، وكان صاحب أخلاق فاضلة، تخرج في جامعة القرويين وأجيز من طرف علماء أجلاء معروفين كلهم شهدوا له بالنباهة والنجابة في عدد من الدروس منها، العروض والنحو والبلاغة، فالإجازة الأولى كانت على يد العلامة الجليل السيد عبد الحميد أقصبي في ربيع الثاني عام 1341ه الموافق لسنة 1931، ويشهد له فيها بالتفوق في مجموعة من المواد، والإجازة الثانية كانت على يد العلامة محمد بن محمد بن إبراهيم، ويشهد له فيها بحسن سمت وديانة ومروءة وصيانة وصلاح طوية، وقد أجازه في جميع ما قرأه، وأوصاه بملازمة العلم، والإجازة الثالثة أجازه بها العلامة العباس العيساوي المزطاري المكناسي، ووصفه فيها بالشاب النزيه الحيي النبيه والمجد في تعاطيه العلم، وتحصيله، وأنه من النجباء المشار إليهم في دروس العلم بأحسن إشارة. وحينما عاد السيد أحمد الجباري إلى مسقط رأسه القصر الكبير اندمج في العمل الوطني، وسهر على تأطير الشباب، وشغف بالعمل والبحث فيما ينفع البلاد في مجال التعليم والوطنية والنضال ومحاربة الأمية، وعمل في ميدان الأوقاف فعين ناظرا للأحباس بالقصر الكبير، ولم يحل هذا بينه وبين العمل الوطني البناء، فزاد نشاطه واتسعت رقعة عمله فضم إليه مجموعة من الوطنيين وانخرطوا جميعا في حزب الإصلاح الوطني وجعلوه كاتبا عاما للفرع، والتزم بالنضال على ثلاث جبهات: الجبهة الأولى خدمة القطاع الديني لاعتباره ناظرا للأوقاف، والجبهة الثانية النضال الوطني لاعتباره كاتبا للفرع، والجبهة الثالثة التعليم الحر وخاصة حينما أصبح مديرا للمدرسة الأهلية الحسنية، وقد عرف مدى حياته بالنزاهة والاستقامة سواء في ميدان عمله أو في ميدان نضاله، وقد كان الجميع يثني عليه ويشهد له بحسن الأخلاق وصفاء الطوية ونقاء الضمير، وكان يحظى بالمحبة والاحترام من طرف جميع رجال الحركة الوطنية، وحينما زار الملك محمد الخامس رحمه الله مدينة القصر الكبير سنة 1956 سهر السيد أحمد الجباري على تنظيم حفل الاستقبال، وحينما وضل الموكب الملكي إلى وسط المدينة ووقف جلالته داخل سيارته المكشوفة تقدم المرحوم السيد أحمد الجباري وقبل يد جلالته الكريمة، وحظي بحديث طويل جرى بينه وبين الملك محمد الخامس، وفي عهد الاستقلال نالالسيد أحمد الجباري ترقية ممتازة جزاء على وطنيته وإخلاصه، فبعد أن كان يشرف على نظارة مدينة القصر الكبير ونواحيها توصل بظهير شريف ورد في متضمنه: "يعلم من كتابنا هذا أعلى الله قدره وأعز أمره أننا كلفنا ماسكه الطالب أحمد بن محمد بن الطاهر الجباري بنظارة أحباس العرائش وما أضيف إليها من أحباس القصر الكبير وأصيلة والقبائل المضافة إليها بالمنطقة الشمالية من إيالتنا الشريفة على أن يكون تصرفه فيها على ما تقتضيه مصالحها ناهجا في ذلك نهج الضوابط الحبسية المؤسسة بأمرنا الشريف في شؤون الأحباس وأعمالها متمشيا في كل ما هو متعلق بها على طريق الوزارة الوقفية وإرشاداتها ويقوم بها بغاية الجد والحزم أتم قيام ويهتم بمساجدها ووظائفها الدينية أي اهتمام، ونأمره أن يتسلم جميع أشغال الأحباس المنوطة به من يد من كان مكلفا بها من قبل من كنانيش وحوالات حبسية ورسوم وغير ذلك مما هو راجع إليها مع ما بيدهم من دراهمها، كما نأمر الواقف عليه من ولاة أمرنا عاملا وقاضيا بشد عضده فيما يرجع لشؤون الأحباس المذكورة والسلام، صدر به أمرنا المعتز بالله في فاتح جمادى الأولى سنة 1376ه سجل هذا الكتاب الشريف بوزارة عموم الأوقاف بعدد 86 تاريخ 7 من عامه الموافق 10 دجنبر 1956م". وكما كان الأستاذ أحمد الجباري عالما تخرج من جامعة القرويين كان كذلك أديبا وخطيبا معروفا، ترك عدة خطب كان يلقيها في كل المناسبات الوطنية، وكانت خطبه على مستوى حسن من حيث الأسلوب والمعاني والكلمات الواضحة، وكان من خلالها يستحوذ على أسماع الحاضرين، ويؤثر فيهم نظرا لصدق عاطفته وإخلاص وطنيته ووضوح أسلوبه، وكانت خطبه تلقى في المناسبات الوطنية والحفلات والتجمعات والمهرجانات التي كان ينظمها حزب الإصلاح الوطني، ومن ذلك الحفلة التي نظمها حزب الإصلاح الوطني بمناسبة ختم الكتاب الأول التي نظمت بمقر الفرع، وهذه الحفلة حضرها جمهور غفير وخلال ذلك ألقى الأستاذ أحمد الجباري كلمة مؤثرة توجيهية صادقة، ومما ورد في هذه الكلمة: "إن اللجنة الفرعية لحزب الإصلاح الوطني قررت في إحدى جلساتها أن تقوم بالتعليم الذي هو المركز الأساسي للحزب طبقا لقانونه الذي يقضي بتحطيم الجهل ونشر العلم، وجعلت هذا التعليم على قسمين: تعليم القراءة والكتابة للأميين، وتعليم اللغة العربية، وما كاد يمر على تقريرها نحو أسبوع حتى أخذت في تنفيذ ما قررته وطفقت تعمل عملها، ولكن للأسف لم نجد من يشجع التعليم بالمال ونحن أحوج الناس إلى العلم، فأين العلم؟ وأين من يشجعه؟ ورغما على قلة المادة شرعنا في العمل وفتحنا دروسا للغة العربية بمركز حزب الإصلاح الوطني، فأقبل التلاميذ على الدروس وأظهروا نشاطا في اخذ دروسهم وأفكارا سامية في عقولهم وثباتا على التحفظ في أوقات دروسهم، فكانوا خير مثال للتعليم، فهذا هو الأمر الذي يجعلنا نتفاءل خيرا بمستقبلنا ونستبشر بنجاح أبناء وطننا، لذلك يجب أن ننظر نظرة واسعة في شعبنا ونعده شعبا قويا بأبنائه كما يجب أن نسهر على نشر العلوم وبثها في قلوب الأبناء كي يشيدوا صرحا عظيما في وسطنا الاجتماعي، فهذا الحفل الذي نحن الآن مجتمعون فيه أقامه تلاميذ مركز الحزب بمناسبة ختم الكتاب الأول من الدروس النحوية إظهارا لشعورهم بلدة العلم وتقديرا لمكانته وتشجيعا لنشره، فهؤلاء التلاميذ نشكرهم شكرا جزيلا لما قدموه من إخلاص نحو التعليم فإنهم ولله الحمد في ظرف ثلاثة أشهر أدركوا معلومات نحوية ويجيبون عن كل ما يسألون عليه في ما احتوى عليه الكتاب الأول من كتب دروسهم، فهنيئا لكم يا تلاميذ فأنتم الآن في حيز العمل الجدي وأنتم الآن في ميدان الواجب، فاجتهدوا في أخذ العلم وضحوا ببعض أوقاتكم في سبيله واستعدوا لمستقبلكم ولا تتركوا الفرص تضيع، فعليكم بالصبر والثبات، فالشعب لا ينتظر منكم شيئا سوى العلم، فالعلم به تدرك الأمة كل أمانيها وآمالها، والعلم روح شريفة تبث الإيمان القوي في قلوب من يتخذها، فيصير بذلك لا يرضى بذل ولا إهانة، فنسألك اللهم أن تلهمنا لطريق العلم، وتسلك بنا سبل الهداية والإرشاد، وترزقنا إيمانا قويا به نستطيع أن نحقق لمستقبلنا كل خير ونجاح، وبه نسهر على خدمتنا حتى نجعل المجد والسمو للمغرب". 4/ النضال من أجل التعليم الحر بالقصر الكبير المدرسة الأهلية الحسنية في عهد أحمد الجباري وتوالي محمد علي البوركي "الرحماني" وعبد السلام القيسي إن أهم عمل قام به الوطنيون في حظيرة حزب الإصلاح الوطني بمدينة القصر الكبير هو إحداث المدرسة الأهلية الحسنية للذكور والإناث، وكان افتتاحها أولا بفندق بنيس بحي سيدي قاسم بن الزبير المصباحي، ويرجع تاريخ افتتاحها إلى سنة 1939، وقد دل تأسيس هذه المدرسة على العزم الكبير الذي اتصف به الوطنيون في حزب الإصلاح الوطني بالقصر الكبير ونيتهم الصادقة في خدمة البلاد في مجال التعليم الحر وفتح المجال لأبناء وبنات مدينة القصر الكبير من أجل التعلم وفتح آفاق المعرفة أمامهم وقد فرح الآباء بتولي الوطني الغيور السيد أحمد الجباري مديرا عليها، لأنهم يعلمون إخلاصه، وحبه لأبناء المدينة وعطفه عليهم وسعيه لمصلحتهم في عدة ميادين وعلى رأسها ميدان التعليم، وزاد هذا الفرح اتساعا حينما رأوا تلك النخبة الطيبة من رجال الوطنية وحملة مشعل الفكر والمخلصين في عملهم وعلموا أنهم سيعملون أساتذة بها، وهم الأساتذة: أحمد قدامة، والمهدي الطود، وإدريس الطود، وأحمد السفياني، ومصطفى الشاوش، وأحمد السوسي المرتجي، ومحمد الخمار، ومحمد الكشوري، ومحمد الشقيفي، وإدريس الحراق، والفقيه عبد الوهاب نخشى فقيه القرآن الكريم، والفقيه أحمد البوطي، والفقيه محمد القيسي، والفقيه أحمد المتني، وكان أول فرج التحق بهذه المدرسة يتكون من التلاميذ: الطيب الريسوني وكان قد صحب معه أخاه المهدي، وعبد السلام القيسي، والعلمي الورياغلي، وعبد الواحد بنيس، وعبد الرحمن بوعجاج، وعبد القادر بوعجاج، وإدريس المراكشي، والمهدي زريوح، وأولاد الحاج احميدو، والأمين بوعجاج وغيرهم. أما التلميذات الإناث: فقد كن كثيرات منهن التلميذات: أمينة المراكشي، زبيدة الشريف الطريبق، لطيفة عبد الرزاق المرنيسي الفاسي، أنسية الغالي الطود، جميلة عبد الرزاق المرنيسي الفاسي، أمينة محمد المراكشي، مليكة محمد سريفي، كنزة المرابط، فاطمة العلمي، زبيدة المراكشي، سعيدة الزرهوني، خديجة الرميقي، وغيرهن. وكان للمهدي الطود كأحد الأساتذة بها نشاط كبير يقوم به داخل المدرسة ويستفيد منه التلاميذ في بناء أنفسهم من الناحية الأدبية والفكرية واللغوية وحتى من الناحية الفنية في ميدان المسرح، فقد كان ينظم للتلاميذ لقاء أسبوعيا أطلق عليه اسم "حديث الأربعاء" وفي هذا اللقاء كان الأستاذ المهدي الطود يكلف أحد التلاميذ بالسنة الثالثة بتناول الحديث حول ما جرى خلال الأسبوع من أحداث وطنية واجتماعية باللغة العربية الفصحى، وفي هذا اللقاء كان يلقنهم عددا من الأناشيد الوطنية ويحفظهم إياها بالإيقاع والوزن لأن الأستاذ المهدي الطود كان بارعا في هذا الميدان، وهو شاعر كبير، وكان الأستاذ المهدي الطود يأتي بنصوص شعرية من مختارات الكتب الأدب والدراسات الأدبية ويشرحها للتلاميذ، ثم يفتح لهم جو المناقشة، ويطلب منهم التعليق على بعض المواضيع، كما يطلب منهم حفظ القصائد الشعرية، وكل هذا يقوم به الأستاذ المهدي الطود رغم أنه كان أستاذ مادة التاريخ، وكان يقوم بذلك لتمكين التلاميذ من ملكة اللغة العربية، وتدريبهم على الإنشاء، وفهم النصوص والتعليق عليها، ولم تكن اللغة الأجنبية غائبة على المقرر، بل كانت تدرس، وكان هناك أساتذة إسبانيون ومغاربة يدرسون اللغة الإسبانية، وأول فوج تخرج من هذه المدرسة هو فوج سنة 1944، وكان يضم عددا من التلاميذ منهم: 1/ عبد السلام القيسي، 2/ إدريس المراكشي، 3/ محمد العلمي الورياغلي، 4/ عبد السلام بنمسعود، وغيرهم من التلاميذ. وكان مدير المدرسة الأستاذ أحمد الجباري حريصا على السير الحسن للمدرسة، ولذلك كان يواظب على الحضور، ويداوم على الاطلاع على كل ما يدور فيها، ويراقب الأساتذة، وفي أواخر الأربعينات تراكمت عليه أعمال وأشغال نظارة الأوقاف، فأخذ يفكر في شخص يضمه إلى أطر الإدارة بالمدرسة للسهر على التسيير والتنظيم، وصادفت الظروف أن عاد السيد محمد علي البوركي "الرحماني" من القاهرة فالتقى به السيد أحمد الجباري في فرصة يذكرها الأستاذ محمد علي البوركي "الرحماني" في كتابه "ودارت الأعوام" ص: 152 حينما قدم إلى القصر الكبير فيقول: "اتصلت بأحد الأصدقاء من الوطنيين الغيورين، مهنته حلاق، وهو السيد الحاج محمد حلول، فوجدته يحلق لناظر الأحباس، الأستاذ أحمد الجباري، فما إن عرف فراغي من أي عمل، حتى اقترح علي تولية مهام "المدرسة الأهلية الحسنية" عوضا عنه، وكان من قبل مديرا عليها، وفي الظروف التي التحق فيها السيد محمد علي البوركي "الرحماني" بالمدرسة، التقى فيها بالأستاذ عبد القادر الساحلي، وكانا زميلين لأنهما درسا معا بالقاهرة منذ أن كانا ضمن الفوج الذي ذهب سنة 1938، وكانا على وئام مع بعضهما، وصادف التحاق السيد محمد علي البوركي بهذه المدرسة وقوع نزاع واختلاف بين هيئة التدريس، وكان هذا النزاع قائما ما بين السيد محمد علي البوركي وبجانبه الأستاذ عبد القادر الساحلي، وبين بعض الأساتذة من ضمنهم الأستاذ المهدي الطود والأستاذ إدريس الطود، وكان ذلك يضايق الأستاذ أحمد الجباري الذي غضب وكاد أن يستقل من المدرسة لولا تدخل أعضاء من حزب الإصلاح الوطني وتغلبهم على كل المشاكل، ولم يذكر السيد محمد علي البوركي ما وقع من مشاكل في عهده داخل المدرسة، وما هي الملاحظات التي أخذت عليه، وبالغ في شأن عمله بهذه المدرسة حينما تحدث في كتابه المذكور، حيث نسب إلى نفسه الفضل كله في الارتقاء بالمدرسة، وقلل من قيمة المدرسة قبل فترة عمله بها، ووصفها بأنها وصلت إلى درجة سيئة من الضعف المادي والتعليمي، وأصبحت أقرب إلى مجرد كتاب قرآني، إلى أن يقول في كتابه "ودارت الأعوام"، ص: 153، "ومنذ السنة التي تم فيها تسلمي المدرسة استطعت بفضل الله أن أحقق كل متطلباتها اللازمة، من تحسين لمداخيلها المادية، وتجهيزها، وتوفير أساتذتها لتدريس مختلف المواد، مما جعل منها مدرسة حديثة بكل ما في الكلمة من معنى" وهذا تعبير مبالغ فيه ولا يحتوي على الحقيقة كلها، لأسباب منها أن هناك أطرا عملت بهذه المدرسة أخبرتني أن الأستاذ محمد علي البوركي، لم يعين مديرا، وإنما عين إطارا من الأطر الإدارية، وأنه منذ توليه بدأت المدرسة تعرف غليانا من المشاكل، وخلق انقسام بين الأساتذة، ثم إن المدرسة الأهلية الحسنية كانت وبقيت إلى آخر عهدها مدرسة في مستواها الدراسي الحسن، وفي وضعيتها الحسنة كمدرسة وطنية فريدة من نوعها، لأن الإشراف المباشر كان دائما تحت إدارة السيد أحمد الجباري وأعضاء حزب الإصلاح الوطني، ولا يمكن القول بأنها أصبحت في يوم من الأيام مجرد كتاب قرآني، بل كانت وظلت دائما مدرسة نموذجية بفضل جهود الوطنيين وإخلاص الرجال العاملين بها وهم كلهم وطنيون ومنخرطون في حزب الإصلاح الوطني. ويا ليت أن الأستاذ محمد علي البوركي "الرحماني" حدثنا عن المشاكل التي حدثت بينه وبين بعض الأساتذة داخل المدرسة ثم تفرعت هذه المشاكل وخرجت من دائرة المدرسة لتنعكس على فرع جمعية الطالب المغربية بالقصر الكبير وتعطي أبعادا كثيرة، ويا ليته حدثنا عن الدوافع التي أدت بتلاميذ المدرسة لأول مرة في عهد وجوده بها إلى إعلان إضراب، ويعد أول إضراب أعلنه تلاميذ المدرسة في منطقة الشمال، هذه أشياء كان على المرحوم محمد علي البوركي "الرحماني" أن يحدثنا عنها في كتابه إفادة التاريخ، وتاريخ هذه المدرسة العتيدة بالذات، وعلى كل حال فإن المدرسة إدارة عرفت بعض العراقيل والمتبطات، وبقيت هكذا إلى أن تولى إدارتها وطني غيور، درس فيها ولقن دروس الوطنية في أركانها، وتعلم الإخلاص على يد أساتذتها، وهو الأستاذ السيد عبد السلام القيسي، تولى السيد عبد السلام القيسي إدارة هذه المدرسة سنة 1956 وبقي مديرا بها إلى أن انضمت للتعليم الرسمي العمومي سنة 1963، وحينما تولى السيد عبد السلام القيسي إدارة هذه المدرسة كان بالنسبة إليها الرجل المناسب في المكان المناسب، وذلك لعدة صفات: الصفة الأولى أنه سبق له أن درس بها وتخرج فيها، والصفة الثانية أنه يعرف كل ما يتعلق بها، والصفة الثالثة أنه من بين المدرسين فيها ويعرف خباياها ومتطلباتها وما يجب أن يفرد لها من جهد وتضحيات، والصفة الرابعة أنه يتمتع بخلق فاضل وسيرة حسنة وفي قلبه حب كبير لها وعطف شديد عليها، وبفضل هذه الصفات الحسنة، فإنه بمجرد توليته مديرا عليها، عرفت انطلاقة واسعة نحو الأمام وأخذت طريقها في السير فدما، ولاسيما حينما تعاون معه أساتذتها الوطنيون المخلصون، منهم الأستاذ أحمد السفياني، والأستاذ أحمد قدامة، والأستاذ الصمدي، والأستاذ أحمد المثني، والهاشمي السريفي، ومصطفى العاقل، ومحمد الجباري الفنان، ومحمد البوطي. ولا ننسى أيضا حارسها المخلص السيد محمد السيوطي، فهؤلاء كلهم بذلوا جهودا كبرى وبفضل هذه الجهود المشتركة أصبحت المدرسة تعرف تطورا مطردا وتعطي نتائج حسنة للغاية، وأصبح بداخلها فرقة للتمثيل المسرحي، وهذه الفرقة مثلت مسرحية "بلال ابن رباح الشعرية"، وتمثيلية "عاقبة الطمع" من تأليف الأستاذ المهدي الطود، وكان تمويل هذه المدرسة من مشاهرات التلاميذ، وإعانة الدولة، وإعانة الأحباس. ومع مرور الأيام التحق بها الأستاذ محمد الجباري الذي كان فنانا وممثلا بمعنى الكلمة، فجمع إليه مجموعة من التلاميذ وكون فرقة أطلق عليها اسم "فرقة المدرسة الأهلية الحسنية" ضمت إليها التلاميذ: أحمد الرهومي المدني، ومحمد بوحيى، وعبد اللطيف المرابط، وبديعة مزبان، وفاطمة الزهرة المراكشي، ومصطفى الطريبق، ومحمد يعلى، ومحمد الخمسي، ومثلت هذه الفرقة مسرحية "أبناء الشوارع" على خشبة مسرح أسطوريا باللغة العربية الفصحى ونالت نجاحا باهرا، ثم مثلت عدة مسرحيات سواء في القصر الكبير وغيره من المدن، وقامت هذه الفرقة بجولة شملت العرائشوتطوان وبلقصيري، ومن المداخيل أمكن تكوين مكتبة زاهرة داخل المدرسة الأهلية الحسنية وانضم عدد من أفراد فرقة المدرسة الأهلية الحسنية إلى فرقة الكواكب ومثلوا في عدة مسرحيات وكان مدير هذه الفرقة الأستاذ محمد الجباري. وفي الأخير التحق السيد محمد الجباري بالرباط للعمل في الميدان المسرحي وفي سنة 1963 انضمت المدرسة الأهلية إلى التعليم الرسمي العمومي، وأصبحت البناية تابعة للأحباس. 5/ النضال من أجل التعليم الحر بالقصر الكبير المدرسة الأهلية الحسنية تحتفل بعودة الطالب محمد بن زيدان من مصر الشقيقة لم تكن المدرسة الأهلية الحسنية بالقصر الكبير بناية لتلقين الدروس التعليمية فقط، وإنما كانت منارة شاهقة ومركزا شاسعا لتلقين الدروس، وإلقاء المحاضرات، والاستماع إلى الكلمات التي يلقيها مختلف الوطنيين في المناسبات المتعددة، كما كانت مقرا يجتمع فيه الوطنيون الموجودون في المدينة، والوافدون عليها من مدينة تطوان، وفي كثير من المناسبات كان يشرفها الزعيم المحبوب عبد الخالق الطريس بالحضور، إلى جانب ذلك كانت تعرف من طرف بعض أساتذتها أنشطة متنوعة تدخل في مستوى الإعداد والتكوين وتتفرع إلى الفن وإلى الموسيقى، ولاسيما على يد الأستاذ الشاعر الكبير السيد المهدي الطود، فقد كان رحمه الله ينوع أعماله بالمدرسة من التدريس، إلى اللقاء الأسبوعي مع التلاميذ، إلى التدريب على المسرح، إلى تلقين الأوزان الموسيقية إلى غير ذلك، ولذلك نراه رحمه الله يعمل على تكوين فرقة تمثيلية من بين تلاميذ المدرسة، كما نراه يكون جوقا موسيقيا من تلاميذ المدرسة، ويعمل على تشجيع التلاميذ على التمثيل المسرحي، فقام وألف مسرحية تحت عنوان: "العامل" وطبعت هذه المسرحية بمطبعة الريف بتطوان سنة 1261ه الموافق لسنة 1942، ومثلها تلاميذ المدرسة الأهلية الحسنية داخل المدرسة، كما تم عرضها على خشبة مسرح بيريس كالدوس بالقصر الكبير، وقدم في حقها الأستاذ السيد أحمد الجباري تقريظا وتشجيعا جاء كما يلي: "رواية العامل" موهبة حسنة، وخدمة لطيفة قدمها أستاذ المدرسة أخونا السيد المهدي الطود لبنيه وثمرة جهاده، وفي نفس الوقت هي شامة في جبين قصرنا المتواضع، وحلي رقيق حلى به جبين مدرستنا الأهلية، فمن أجل ذلك كان لزاما على مدير المدرسة وخديم العلم والثقافة أن يعبر بلسانها عن ما تنطوي عليه فصولها من فرح لا مزيد عليه بهذه الهدية الثمينة، وأن يؤكد لمنشئها أنه أصاب الهدف المنشود في خياله وتصوره حيث ضمن رؤيته فصولا عملية شيقة يسر المدرسة أن ترى بنيها وزهرة أملها غادية رائحة في تحقيق تلك المثل العليا وإبرازها من عالم التمثيل إلى عالم التحقيق والتنفيذ، نعم "رواية العامل" نموذج لائق وتفسير صادق عن حقيقة الشباب الحي، وتجسيم للداء والدواء، على أنها تخطيط سديد لمن هزته الأريحية الأدبية أن يطأ ميدان القصص والتمثيل، فشكرا لمنشئها ثم شكرا، ومرحبا بكل من يحدو حدوه ويسلك مسلكه، وهنيئا للمدرسة الأهلية الحسنية برجالها الأبرار الخافقة قلوبهم بحب الخير لبنيهم، والمجد والسمو للمغرب، القصر الكبير 28 ربيع الأول 1361. ولم تكن المدرسة الأهلية الحسنية تترك أي مناسبة تمر دون أن تقيم حفلا يشارك فيه تلاميذ المدرسة وأساتذتها، وخاصة إذا كانت هذه المناسبة تتعلق بالثقافة والتعليم أو بحب الوطن أو بالحصول على شهادة مدرسية، أو بتخرج أستاذ أو نجاح طالب، وهكذا نجد أنه حينما عاد الطالب محمد بن زيدان من القاهرة سنة 1946، وكان ضمن الفوج الذي ذهب للدراسة بمصر الشقيقة سنة 1938، وكان أول من عاد إلى القصر الكبير من بين طلبة الفوج المذكور، أقامت له المدرسة الأهلية الحسنية حفلا أدبيا رائعا، وخلال هذا الحفل ألقى الأستاذ أحمد الجباري مدير المدرسة خطابا رائعا (ألقي سنة1946) قال فيه: بسم الله الرحمن الرحيم: "طلع هذا العام الجديد، وقد حمل في طلعته علينا شيئا يعتبر جديدا بالنسبة للشعب المغربي النبيل، حل عام وحل معه ركاب نخبة طيبة من أبناء الشعب المغربي مزودة بعلوم لا يمكن الاستغناء عنها لأي شعب من الشعوب الذي يريد أن ينشل نفسه من هوة الضعف والهوان، نعم أيها السادة، إن في افتتاحية كل جديد، لذكرى لمن كان له ضمير حي يتفقد به سير الحوادث التي مرت مع الأحقاب والأزمان، ويحكم الضمير النقي حكما عادلا بخير الأزمان وشرها ليتخذ مسلكا ليتوصل به إلى الطموح الذي تصبو إليه نفسه، وليس معقولا إبقاء الحالة الوضعية التي لا يجنى منه إلا الشر، ولا يستغل أثمارها الخبيثة إلا ضعاف العقول وأصحاب المطامع الرذيلة، بل لابد أن توجد في الكون فئة قد نور الله قلبها بنور الهداية وفتح بصيرتها لترى المحجة البيضاء فتسلكها في كفاحها لتصل إلى هدفها الأسمى ومقصدها الأوحد، وهذه سنة الله في خلقه، ولن تجد لسنة الله تبديلا، فمنهم من هدى الله ومنهم من حقت عليه الضلالة، فالظلام إذا خيم فلابد أن يعقبه النور، ولا يدرك النور الحقيقي إلا بالصبر والثبات والعزيمة القوية والإخلاص والتضحية، إن النبي صلى الله عليه وسلم استأنف حياة جديدة بعدما هاجر مسقط رأسه، وفارق تلك العصابات التي تريد أن تبقى مطبوعة بطابع الضلال والسقوط، متعصبة إلى أفكارها الخرافية الواهية التي لا يقبلها منطق ولا عقل مصرة على عماها وضلالها، غير معتبرة ما يدعو إليه صاحب الوحي العظيم الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه. هاجر عليه السلام مكة، ودخل المدينة حاملا لواء الإسلام، فكان في استقباله صلى الله عليه وسلم بالمدينة استقبالا عظيما يعد أول انتصار للشريعة الإسلامية السمحاء، ولازالت ذكرى هذا الانتصار العظيم فاتحة عالمنا العربي منذ ثلاثة عشر قرنا وثلاثة وستين عاما، طغى العرب وتجبروا على رسول الله صلى الله عليه وسلم لما قام يبشر بالإسلام ويدعو الناس إلى توحيد كلمة الله، وما ذلك إلا من حسن حظ العرب ورفقا بهم من طغيان الكفر والإلحاد، ورحمته بهم من شرور أنفسهم وسوء معاملتهم مع بعضهم والله يقول: "وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين" ولكن أين من يؤمن بما يقول محمد رسول الله عليه السلام، وأين من يتدبر تدبر المنصف العادل، وأين من يقول اللهم إن هذا لهو الحق، إلا النزر اليسير لا يتجاوز أصابع اليد، قاطعوا النبي عليه السلام وأنصاره وضايقوا الخناق عليهم في معاملتهم، وحاربوه بأنواع الدس والمكر والخداع، وأخيرا عزموا على قتله، والنبي صلى الله عليه وسلم لا يزحزحه أي مزحزح عن مبدئه، سائرا إلى عمله يدعو الناس إلى الحق وإلى الصراط المستقيم، إن هذه لوضعية حرجة ينفذ فيها صبر الصابرين المتجلدين، لكن النبي صلى الله عليه وسلم لم يؤثر في شيء من ذلك، ماض في خطته مؤيدا من الله الذي أوحى إليه أن يغادر مسقط رأسه ويهاجر إلى المدينةالمنورة، فكانت هذه الهجرة خير فاتحة عهد جديد في الإسلام فرجع النبي صلى الله عليه وسلم إلى مكة بجيوش جرارة حاملين كلمة الله أكبر رافعين لواء لا إله إلا الله محمد رسول الله، دخل الإسلام إلى مكة فطأطأت له رؤوس المعاندين، ورجعت العرب عن أخطائها الفكرية وتقاليدها الخرافية، فاعتنقت دستورا عظيما ليس من وضع البشر، بل أوحي به على المصلح العظيم عليه السلام، فكان هذا الدستور وهو القرآن الكريم حجرة أساسية لبناء صرح المجد والعظمة لكل معتنقيه، ومن تم والإسلام يعم الأقطار والآفاق وينتشر على وجه البسيطة انتشارا كالبرق اللامع، ففي هذه الهجرة المباركة التي أتت بهذا الخير العظيم أيها السادة، مثال قياسي ضربه النبي صلى الله عليه وسلم للأمة التي ارتمت في أحصان البؤس والشقاء، والتي تريد أن ترفع مستواها لتسير عالية الرأس موفورة الكرامة محترمة الجانب ولكم في رسول الله إسوة حسنة. نعم أيها السادة، عاش أسلافنا الكرام في عز وعظمة وتمتعوا بأنواع الحرية، وخاضوا في المعارج السياسية والحربية وخرجوا منها ظافرين منتصرين، عاشوا أسدا يخشى بأسهم مهابين موقرين، وعشنا نحن خلفهم أذلاء حقراء طعمة سائغة لكل من له استعداد لخوض غمار الحياة، ولت أجنحتنا وطويت صحف تاريخنا المجيد، وعشنا عالة على غيرنا نستغيث ولا نغاث، فاللهم رفقا بهذه الأمة المغربية التي جنت على نفسها بيدها ورمتها في أحضان الجهل المميت يعبث بها ويصرفها حيث يشاء، نبذنا العلم وعشقنا الجهل، فاستولى علينا حب الكسل والجمود، وأخذنا نتخبط في ميادين الخرافات التي ما لبثت تعمل عملها فينا ونحن نصفق ونؤيد، نصفق على هلاكنا ونؤيد تأخرنا، من ذا الذي يصبر على هذه الحياة التي نعيش فيها إلا من رضي بالذل والهوان نعيش في وسط الجهل، فكيف مع هذا أن يندمج هذا الشعب في مصاف الأمم الناهضة، وأن يكون له ذكر في الأقطار العربية؟ وها هي الآن الأمة العربية بالشرق تنوي انعقاد مؤتمرها بالقاهرة، وكل الدول ندبت من يشترك في هذا المؤتمر الذي سيكون ولابد خيرا عظيما للأمة العربية، ما عدا هذا القطر المسكين، القطر المغربي العربي، بقي على الهامش لا تحسب له قيمة حيث لم يبلغ رشده، فقد تسفه والأمر لله بعدما كان رشيدا، هذا كله نراه في مغربنا، فيجب أن نستدرك هذه الأقطار، ونعمل يدا واحدة لإنهاض هذا الشعب الذي ليس لأحد غيرنا أن ينهض به، وفي هذا الوقت نرى والحمد لله بوادر الخير تظهر في أمتنا المغربية حيث صارت تشعر بقيمة العلم، وتعرف أن الشعب في حاجة أكيدة إلى الأفراد الذين تتوقف عليهم الحياة الاجتماعية، وها هي الأمة العربية تظهر ارتياحا عظيما لأبناء المغرب العربي الذين غادروا وطنهم إلى الشرق وهاجروا جميعا ليعودوا إليه حاملين لواء التجديد والإصلاح، عاملين فيه بأنفسهم مغلقين التلمة التي يتسرب منها الضعف والافتقار، حقا إن الوضعية المغربية صار يدب فيها دبيب نور الإصلاح، الأمر الذي يبشرنا بأن المستقبل سيكون حافلا بالفوز والنجاح، إن المغرب قد استفاق من سباته العميق، وصار يشعر شعورا عميقا بالنقص الذي أتاه من التمادي في الجهل والكسل، ولهذا نرى أفراد أمتنا يقدرون حق قدر هذه البعثة المغربية التي تدرس بالخارج ويعلقون عليها آمال عظاما، ويتمنون أن تتخصص في العلوم الفنية التي تنقصنا من طب وهندسة وميكانيكية وزراعية وغير ذلك، ومما يبرهن على هذا إظهار العواطف نحو الفئة التي عادات من دراستها بالشرق حاملة للمغرب علوما فنية كنا أحوج الناس إليها، ومن بين هذه الفئة أخونا العزيز الأستاذ محمد بن زيدان، فابن زيدان هذا ترك أهله وأسرته وذهب ينهل من مناهل القطر الشقيق علوما نافعة ينفع بها مغربنا العزيز، وقد اختار أخونا الالتحاق بكلية الزراعة فأشبع نهمه منها، وتخرج بشهادة عالما زراعيا يعرف كيف يدير شؤون الزراعة بطرق علمية وكيف يصلح الأشجار والفواكه ويدخرها، وللزراعة أهمية عظمى في الحياة البشرية، فهي قوام حياة الأمة، وهي الأسس الأولية للنشاط البشري، فقر بك الله عين المغرب أيها الأخ، وكثر أمثالك، فسر على بركة الله واعمل يعنك الله، وإذا استقبلنا اليوم أيها السادة فردا واحدا من أفراد البعثة في هذه البلدة فسنستقبل أفرادا آخرين سيعودون للمغرب حاملين في طي مذكراتهم الفكرية علوما كلها خير وصلاح، وها نحن نترقب مهاجري مدينة القصر الكبير الأستاذ عبد السلام الديوري الذي تخصص في الهندسة الميكانيكية والتليفونية والتلغراف، والأستاذ عبد السلام الطود الذي تخصص في الأدب والتاريخ، والأستاذ عبد القادر الساحلي الذي تخصص في الأدب واللغة، فلم يبق لهؤلاء الأفراد إلا أيام قلائل بالقطر المصري الشقيق، ولا ننسى أيها السادة ذلكم الأستاذ الأديب أحمد بن عاشر، الذي سينهي دراسته الدينية في هذه السنة بكليتنا العظيمة كلية القرويين، تلكم الكلية التي هي أقدم كلية في العالم على الإطلاق، فلها فضل عظيم على جميع الأمم، فمنها كان يستورد المغربي والشرقي والأوربي العلوم التي كانت أساسا للنهضة القومية، غير أن إهمالنا وتفريطنا قضى علينا وعلى كليتنا، ولا يجمل بنا أن ننسى المجهودات التي يقدمها صاحب الجلالة سلطان المغرب محمد الخامس نصره الله لإصلاح هذه الكلية وإحياء ما اندثر منها من العلوم، فالله يبارك فيه ويمد عمره حتى يرى في رعيته ما تطمح إليه نفسه، وأخيرا نبعث بشكرنا الخالص إلى من سعى في تأليف هذه البعثة المغربية ومدها بالمساعدة المادية حتى أتت بأطيب الثمرات وأحسن النتائج، والفضل في هذا يرجع لصاحب السمو الملكي مولانا الحسن بن المهدي أبقاه الله ذخرا للأمة والبلاد، فالمغرب لا ينسى من أسدى إليه خيرا والتاريخ كفيل بتسجيل الحسنات، شروط التعليقات الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن وجهات نظر أصحابها وليس عن رأي ksar24.com