لكم كنت ودودة اليوم وبهية، كما سنابل القمح ، وزهر الرمان ، وندى الليل البهيم ، تمنيت لو أكون وحدي قبالة البحر ، أرسم وجهك في هدير الموج وبرودة النسيم ، أزرع شوقي في أنفاسك المبللة برذاذ عطر الماء ، ورغوة الحلم الجميل في كف الريح ، ليتك تسمعين الآن نبض روحي وفرحة القلب المترع بصفاء شمسك ! ليتك تعلمين مقدار اندهاشي لسحر كلماتك ووقعها في خرائط العمر ودهاليز الحياة ! هل أصبح قديسا في بهاء حبك ؟ أتلو تراتيل الفرح على ضوء القمر ووهج الطين ومصابيح الأيام ، وأفتح طريقا لنهر الورد ودربا لشجر السماء ، أحضنك عميقا إلى روحي ، كما لو كنت أخاف عليك من غيم البرتقال ، وسحاب الثلج ، ورقصة المطر في عينيك .أيمكن للحب أن يصنع مني هذا الانفلات وأزهر في براري أحلامك ، كما سفن شاهقة في نهاية الأفق الممتد على صفحة الماء ؟ أيمكن أن أراك الآن تطلين على نافذة عريضة ، تنتظرين- بشوق عارم وحب غريزي – نسيم أصابعي المغروسة في نشوة روحك ، وعطر فؤادي المرشوش بجمال عينيك ، وملاحة نظراتك ..آه عزيزتي صدقت حواسي ، وانتصر القلب والروح والوجدان على ما سواهم . كنت موقنا أن بحر هيامي سيغرقك في نشيدي وموالي ، لأن نشيدي كان أعمق ، وموالي كان أسمى . لكم فرحت لهذا الانصياع منك ، فلقد انصعت قبلك لسلطان الحب ، وتركته يجرفني إليك بقوة زلزال ، وطفقت أكتب إليك عواطفي بمداد الروح ودم القلب . وهاأنت اليوم، تفتحين صفحة جديدة في حياة عمرنا بهذه الرسالة، التي بعثتها على جناح السرعة كما رجوت : اليوم على غير عادتي أحببت أن أقرأ رواية ليوسف ادريس اسمها البيضاء .. وأقول على غير عادتي لأنني قليلة القراءة جدا وأمل كل رواية أقرأها بعد فصل واحد إذ أتركها وأسافر لغيرها .. لا أدري متى أنتهي من هذه العادة الغريبة قليلا المهم .. هذه الرواية وجدت فيها سطراً يعبر عني وعنك يقول " يخيل إلي أننا نحب الإنسان لشيء لا نستطيع تحديده في الإنسان " ... " هو روحه هو مجموع أجزائه الظاهرة وأجزائه التي لاتظهر .. دمه ، شخصيته ، ظله .. " صديقي .. رائع احساسك إن كنت صادقا فيه .. وأحسك صادقاً .. ولكن يجب أن تعدني أن لاتقودك هذه المشاعر إلى مشاعر أكبر وأعمق .. يكفيني منك هذا الاحساس الكبير .. فأنا من عادتي أخاف التيار الجارف .. أخاف ركوب الأمواج لأنني كنت دائماً مجرد متفرجة تركن لزاوية آمنة عن مد البحر. جميل أن نبقى هادئين .. نستقل مركبا سوياً وندع البحر بهدوئه أن يمضي بنا دون أن نلزمه بسرعة كبيرة بأن يصل بنا إلى شاطئ ربما يكون وهماً أو سرابا. أتدري .. أشعر هذا الليل بجماله أكثر .. إذ أنت معي تساهرني .. ليتك تبقى دائما نجمي هل لي أن أنتظر ردك قبل أن أنام ؟ تحياتي مع كثير من الورد والزهر.. شروط التعليقات الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن وجهات نظر أصحابها وليس عن رأي ksar24.com