التنمية عملية متكاملة شمولية تستهدف الإنسان في تكوين أبعاد شخصيته. وهي بمفهومها العام تعتمد أساسا على الثقافة. كما أنها تحتاج إلى الإنسان كعنصر فاعل وفعال بعد تنمية قدراته الفكرية في مختلف المجالات. على أن هناك حاجة ماسة وملحة تدعو إلى تثقيف الإنسان بثقافة أصيلة وإرساء هذا الترسيخ لتحصينه وتكوين هويته الوطنية والقومية من خلال الإسلام لما لدور الثقافة الإسلامية من شأن. خصوصا وأن الثقافة وسيلة لبناء الحضارات، فالتكنولوجية أداة للتدمير إذا لم نعد الإنسان أحسن إعداد. والإسلام كانتماء وهوية، يمثل عنصر التوازن ومجمل عناصر الثقافة الإسلامية يمثلها الفكر الإسلامي الذي أصبح يتعرض لهجمات شرسة ولتحديات كثيرة. والمغرب كنموذج محصن من التطرف المرضي لاعتماده على الإسلام الصحيح، بدءا من دستوره ومن دور العلماء والزوايا عبر التاريخ المغربي المعروف في مواجهة التحديات. ومع أن العالم حاليا يعيش وضعية ما يسمى بالنظام العالمي الجديد. فإن الإسلام له القدرة على الصمود والدفاع عن شخصيتنا، وثقافتنا لوجود صحوة إسلامية منقطعة النظير كشفت النقاب عن حقيقة التعامل الغربي الذي أثبت عنصريته من خلال تكثلاته السياسية والاقتصادية بينما يتميز تعاملنا كمسلمين باحترام إنسانية الإنسان وهذا هو جوهر ثقافتنا الإسلامية وهذا هو لبّ فكرنا الإسلامي كمظهر أسمى لرؤيتنا الحضارية ففي بلادنا قوميات تعيش عيشة تساكن وتعايش لأن الثقافة الإسلامية تقوم على تكريم الإنسان وعلى التعددية وعلى حقوق الإنسان التي ليست دستورية كما أنها لا تعرف التعصب كما هو الحال في أوربا. ولعل وجاهة الرأي تقتضي أن تتجه التنمية إلى تكوين المواطن ثقافيا لكي يحصن نفسه لإيماننا العميق بأهمية العقل البشري الذي يكمن في الإنسان، ولأن مصادر الشريعة الإسلامية تعتمد على النقل (القرآن والسنة). وبالتالي على العقل الذي يتمثل بالإنسان. والقرآن الكريم خطاب يحتاج إلى متلقي وهو الإنسان كما أن الإنسان بدوره أداة تفسير. وخلاصة القول يبقى التأريخ جزءا من الإسلام وإن جهلت الأجيال وجفت عطائتها. فإن الأمة الإسلامية بكل تأكيد لم تنهزم دينيا وحضاريا وإنما انهزمت عسكريا. ومن هنا لابد من التجديد و التأصيل لأن التجديد بدون تأصيل ليس تجديدا وبمعنى آخر يجب على الفكر الجديد أن يحمل سلاح القديم وأن يجعل من التراث نقطة الإقلاع. أي علينا أن نعيد صياغة تربيتنا الإسلامية لتعزيز هويتنا الوطنية وتحصينها بالثقافة الإسلامية لتكون الامتداد الطبيعي والرهان الضامن لمواجهة التحديات.