الجارة الشرقية مازالت وفية لإستراتيجية ضرب المصالح العليا للمغرب ردت الجزائر، بطريقتها الخاصة، على برتوكول التعاون الذي وقعه عن الجانب المغربي، وزير الاتصال، مصطفى الخلفي، والمدير العام لوكالة المغرب العربي للأنباء، خليل الهاشمي الإدريسي، والمدير العام لوكالة الأنباء الجزائرية، شعبان لونكل، يوم 27 مارس الماضي، إذ قام الأخير، بتنسيق مع ممثل جبهة بوليساريو في الجزائر، بتوقيع اتفاقية شراكة يوم 2 أبريل الجاري، بين «راديو الجزائر» وإذاعة الجمهورية المزعومة. واعتبرت مصادر قريبة من الملف أن ما حصل للخلفي مع الجزائريين يشبه، إلى حد ما، ما وقع لوزير الخارجية وزميله في الحزب والحكومة، سعد الدين العثماني، الذي بمجرد ما استقبله الرئيس بوتفليقة، أثنى على مسار العلاقات الثنائية بين البلدين، منوها بما تم إنجازه إثر زيارته للجارة الشرقية، ومبشرا بتطور الموقف الجزائري إزاء العلاقات الثنائية المغربية الجزائرية مع عدم استبعاده إمكانية فتح الحدود بين البلدين، وعندما حل بمانهاست، ضمن جولة المفاوضات بين المغرب وجبهة بوليساريو، اكتشف العثماني عدم حياد الجزائر إزاء الملف، واستمرار العداء التاريخي للجارة الشرقية، وهو ما دفع العثماني، تضيف المصادر ذاتها، إلى مراجعة مواقفه السابقة من مستقبل العلاقات بين البلدين، بتراجعه في لجنة الخارجية والدفاع في مجلس النواب، عن تصريحاته السابقة الأكثر تفاؤلا وقوله «إن المغرب لن يستجدي فتح الحدود مع الجزائر». وتشير المصادر ذاتها إلى أن ما اعتبره وزير الاتصال إنجازات من زيارته الأخيرة للجزائر، من خلال التوقيع على عدد من برتوكولات التعاون في المجال السمعي البصري مع المسؤولين الجزائريين، لا يعدو أن يكون «خطوة مجانية» لا أقل ولا أكثر ولا يساير واقع الحال، ما يعني، تضيف المصادر ذاتها، عدم إلمام وزراء العدالة والتنمية بالبعد الإستراتيجي وبتشعبات العلاقات الجزائرية المغربية، إذ لا تزال الجزائر، تؤكد المصادر ذاتها، «وفية لإستراتيجية ضرب المصالح العليا للمغرب». من جانبها، اعتبرت مصادر مقربة من وزير الاتصال، الذي يزور الولاياتالمتحدةالأمريكية في مهمة حكومية، أن الرد على توقيع الجزائر لاتفاقية تعاون إعلامي مع بوليساريو يعني الوقوع في فخ يراد من ورائه تكسير جو التهدئة الذي يعكسه صمت الصحافة الجزائرية رغم قرب إعلان مجلس الأمن عن تقريره بشأن قضية الصحراء يوم 17 أبريل الجاري، كما يعكس توقيع هذه الاتفاقية رد فعل سريع إزاء «نجاح» زيارة الخلفي للجزائر، إضافة إلى استحضار حضور الجزائر أشغال المؤتمر الدائم لوسائل الاتصال السمعي البصري لدول حوض الأبيض المتوسط، بمراكش، والذي انتخب المغرب رئيسا له. من جهته، شدد عبد الرحمان مكاوي، الباحث المتخصص في الشؤون العسكرية والإستراتيجية، على أن الاتفاقية التي وقعها الخلفي بين التلفزيون المغربي ونظيره الجزائري كانت موجودة من قبل، إذ تم التوقيع عليها في فترة الرئيس بومدين، وصمدت وحدها أمام العواصف التي شهدتها العلاقات الثنائية بين المغرب والجزائر، وهمت تقاسم تكاليف شراء المسلسلات المصرية والهندية بين التلفزيونين المغربي والجزائري. واعتبر مكاوي، في تصريح ل«الصباح»، أن الموقف الجزائري إزاء قضيتي فتح الحدود والصحراء ثابت ولم يتغير، كما هو الشأن بالنسبة إلى وسائل الإعلام الجزائرية، التي تتضمن دفاتر تحملاتها بندا متعلقا ب «دعم القضية الصحراوية». وقال مكاوي «إن العثماني أراد في زيارته للجزائر الظهور بمظهر وزير خارجية يمثل حكومة شعبية منتخبة، فالتقط الرئيس بوتفليقة، الدبلوماسي المخضرم، الرسالة جيدا فأحسن وفادة ضيفه المغربي وزاد من طقوس برتوكول الاستقبال». من جهة أخرى، شدد مكاوي على أن العدالة والتنمية يراهن من خلال تصريحات وزرائه المتفائلة إزاء الجزائر، على وصول الإسلاميين إلى الحكم في الانتخابات التشريعية المقبلة في الجزائر، خاصة تحالف «الورقة الخضراء» الذي تقوده حركة «حمس» بزعامة أبي جرة سلطاني، علما أن الأخير مقرب من المؤسسة العسكرية الحاكمة، وهذا يعني حسب مكاوي، أن العدالة والتنمية يراهن على حصان خاسر، ما يعكس عدم خبرة وزرائه بالقضايا المغاربية وفقر معلوماتهم عنها، ما يفرض إعادة تقييم ومراجعة الدبلوماسية المغربية طبقا للمستجدات الطارئة في شمال إفريقيا.