تشكل المذكرة التي أصدرها مدير الأمن الوطني بوشعيب الرميل بمعاقبة الشرطة في حالة الاتصال بالصحافة تناقضا كبيرا مع رؤية الرميل نفسه الذي ينشر في العديد الأخير من مجلة الشرطة بأن الحصول على المعلومة حق دستوري، كما قد تعيد مذكرته الضبابية لجهاز الأمن بما في ذلك عدم الشفافية التي يترتب عنها الفساد. وتحدثت الأوساط السياسية والإعلامية عن مذكرة صدرت عن مدير الشرطة بوشعيب الرميل في بداية الأسبوع الجاري في أعقاب تسرب خبر أمني حول زيارة العاهل المغربي الملك محمد السادس الى خريبكة وما رافقها من أخطاء، وتبرز المذكرة التي لم تنفي وجودها مركزية الأمن بحبس عمداء الشرطة في حالة الاتصال بالصحافة تحت ذريعة "إفشاء السر المهني" الذي يجري تكييفه وفق تصورات متعددة. وتأتي هذه المذكرة والتوجه الذي ينص عليه الدستور وأبرزته مجلة الشرطة في عددها الأخير 87 الصادر في شهر أبريل الجاري والتي يديرها بوشعيب الرميل شخصيا، إذ يؤكد المقال المعنون ب "الحق في المعلومة: الديمقراطية التشاركية" أن "الوصول الى المعلومة يعتبر مكونا رئيسيا للحريات الأساسية ورافعة للممارسات الديمقراطية من خلال تعزيز شعرية وشفافية السلطات العمومية". ويضيف المقال أن "الحصول على المعلومات يعتبر أداة لمحاربة الفساد وفي الوقت ذاته تعزيز الديمقراطية التشاركية". ووفق قانون النشر، فبوشعيب الرميل مدير مجلة الشرطة هو المسؤول عن مضمون المقالات، وإذا كان الرميل قد أصدر مذكرة تهدد عمداء الشرطة، فهو بهذا يناقض نفسه، أي ما سمح بنشره في المجلة التي يديرها، كما يعمل على خرق الدستور. وتبرز مصادر عليمة بعمل الأمن "خلال السنوات الأخيرة يوجد حوار وتواصل بين الصحفيين ومسؤولي الأمن كان من نتائجه تقريب مؤسسة الأمن من الرأي العام، حيث أصبح المغاربة يدركون جيدا عمل رجال الأمن ويعرفون تضحياتهم وكذلك المشاكل التي يعانون منها، وترتب عن هذا تغيير رؤية المغاربة للأمن، إذ أصبحوا يعتبرون هذه المؤسسة جزء منهم وغابت تدريجيا تلك الصورة الموروثة عن سنوات الرصاص". المصادر تضيف "قرار الرميل خطير للغاية وهو ناتج عن نرفزة بسبب ما وقع في خريبكة دون التوفر على بعد النظر، ضرب التواصل بين الصحفيين ومؤسسة الأمن سينعكس سلبا على الأمن أساسا، فالغموض يولد اتهامات بالفساد، وستصبح مؤسسة الأمن في أعين المغاربة بمثابة الغول مجددا". وتبرز في رسالة موجهة الى المدير الجديد "وقوع خطئ محدود لا يصحح بارتكاب أخطاء استراتيجية، فهل الرميل واعي لمضمون الدستور الجديد وحق الناس في الحصول على المعلومات؟". وتاريخيا، لم يتم تسجيل تسريب السر المهني إلا في حالات معدودة للغاية وتمت معاقبة مرتكبيها بدون صدور مذكرات، ومن ضمن الحالات تسريب شرطي لأسماء شخصيات كانت ممنوعة من السفر في حالة خلية بلعيرج المثيرة للجدل الأمني.