وقائع هذه الجريمة الغريبة ليست بعيدة في الزمن، لقد جرت أطوارها السنة الفارطة، ولسبب بسيط وتافه ..تقدم أم على قتل فلدة كبدها، بكل هدوء، تم تجلس قبالتها تتامل جسدها المدرج في دمائه كما لو أن الطفلة الصغيرة التي تتلفظ أنفاسها الأخيرة أمام عينيها لا تمت لها بصلة؟ فماهي التفاصيل الحقيقية لهذه الجريمة الغريبة بين أم وابنتها والتي هزت القرية الهادئة القابعة خلف أكوام الفوسفاط في مدينة خريبكة ؟ وماهي الدوافع الخفية لارتكابها ؟ يوم مختلف في القرية.. لم تعرف قبيلة أولاد عزوز، لسنوات طويلة، أحداثا كبيرة وخطيرة.. عكرت صفوها الذي تعودت عليه. إلى حين ذلك اليوم المشؤوم الذي يختلف تماما عن باقي الأيام الأخرى، استيقظ سكان القرية على خبر مفجع بمنزل جارهم ( م- ش )، حيث وقعت جريمة قتل بشعة، حيث أقدمت ( ن- ق) على قتل ابنتها اميمة ذات العامين، بعد أن دخلت الأم في حالة من الجنون .. وانهارت أعصابها، لتختلي بابنتها في الإسطبل وتطعنها طعنة واحدة عميقة في بطنها لتلفظ أنفاسها في مكان الحادث، وأمها واقفة تتأملها غير مصدقة وقد أخرستها الصدمة ... اعترافات الجانية... توبعت المتهمة ( ن- ق ) بجناية القتل العمد طبقا للفصل 392 من القانون الجنائي، حيث صرحت لدى الضابطة القضائية، بأنها بتاريخ الواقعة وبدون وعي منها، توجهت إلى المطبخ وأخذت سكينا، واختلت بابنتها في مخزن، وبدون شعور منها، طعنتها طعنة واحدة في بطنها، تم جلست بجانبها إلى أن حضرت زوجة شقيقها، التي قامت بحملها إلى غرفة والدها، وأنها بقيت في مكانها، وأن ما فعلته كان أقوى منها تحت تأثير الاضطرابات النفسية والعصبية التي تعاني منها، كما التزمت الصمت أثناء استنطاقها من طرف قاضي التحقيق وأجهشت بالبكاء. الجانية مختلة عقليا.. عبر كل أطوار المحكمة، وحسب شهود الإثبات، وتصريحات الجانية، ودفاع المتهمة، وبعد أن أحال قاضي التحقيق المتهمة على خبرة نفسية لتحديد مسؤولياتها في الواقعة، وبما أن الدكتور ( ي- م ) الطبيب الرئيسي بمستشفى الأمراض العقلية ببرشيد، أكد حسب التقرير الطبي المؤرخ ببرشيد بتاريخ 22/ 08/ 2007 تحت رقم 603، فقد تبين للمحكمة بان المتهمة ( ن- ق ) بتاريخ الواقعة، والذي قامت فيه بقتل ابنتها اميمة المزدادة بتاريخ 1/ 7/ 2005، كانت في حالة خلل عقلي منعها من الإدراك على ما أقدمت عليه، وان الخلل لازال مستمرا، ما يتعين معه التصريح بانعدام مسؤوليتها، وبالتالي يستلزم التصريح بإعفائها والأمر بإيداعها في مؤسسة لعلاج الأمراض العقلية والنفسية ببرشيد. النطق بالحكم إن غرفة الجنايات لدى محكمة الاستئناف في خريبكة، تطبيقا للمسطرة الجنائية والفصلين 76 و392 من القانون الجنائي، فإنها صرحت، بكون المتهمة ( ن – ق ) كانت وقت الفعل في حالة خلل عقلي منعها من الإدراك، وبذلك يتم إعفاءها من العقاب، وأمرت بإيداعها في مستشفى الأمراض العقلية ببرشيد، وببقاء الأمر بالاعتقال ساريا إلى غاية إيداعها بالمستشفى المذكور.