للدراسات والأبحاث بتعاون مع مؤسسة هانس سايدل ينظمان ندوة مغاربية تحت عنوان: "مستقبل الديمقراطية التشاركية في دول ما بعد الربيع العربي: قراءة في التحولات والآفاق" التقرير النهائي وجاءت ورقة عمر علوط الباحث في علم الاجتماع وقضايا المستقبليات بجامعة قسنطينة بالجزائر استفهاميا في طرحها، بعنوان "الديمقراطية من الداخل أي طريق نريد؟" بمحاولة لتحديد مفهوم الديمقراطة نظريا وعمليا الذي يعاني ،من وجهة نظر الباحث، من آفة العزل النظري وتسطيح الممارسة، حيث يتم ربطها في الغالب بالوسيلة المجسّدة لها أي بآليات التمثيل أو المشاركة في صنع القرار العام والتي نسمّيها: "الديمقراطية الوسلية"، غير أنّ الديمقراطية كغاية يتلمّح منها البشر الوصول بهم إلى الإدارة المثلى للتنوع والاختلاف مع السيطرة على نزعات التسلّط الغريزية الكامنة، وهي بذلك تتويج للمعاناة البشرية في سبيل تجسيد قيم العيش المشترك. وهنا يحق لنا التساؤل حسب قول الباحث عمر حول تطابق الديمقراطيات الوسلية مع الديمقراطية كغاية بشرية في عالمنا العربي، حيث يلاحظ أنّ الإلزام الفوقي الخارجي لبعض التطبيقات الديمقراطية لم تجد لها مجالا فعليا للتجسيد في الواقع العربي، حيث تكون مساحات السلطة الفعلية مهيّئة لامتصاص الآثار المرجوة، السبب الذي كان وراء إخفاق التجارب الخمسينية في النصف الثاني من القرن الماضي، والتي ظلّت فيها الديمقراطية حبيسة نظم وقوانين شكلية. أما مداخلة الأستاذة هناء شريكي من كلية الآداب والعلوم الإنسانية جامعة أبوشعيب الدكالي، الجديدة بعنوان "مشاركة الشباب المغربي بالعمل الجمعوي: تحديث البنيات وتقليداوية العلاقات والقيم" في إطار استكشافي وتساؤلي حول دور تنظيمات المجتمع المدني، مع العمل على دراسة مدى الاستمرار أو القطيعة الموجودة بين المنظومة القيمية المسيرة للعمل الجمعوي، وتلك القيم التي يحملها الشاب المنخرط في التنظيمات الجمعوية. وتكتسي دراسة الشباب في علاقته بالجمعيات، من وجهة نظر الباحثة، طبيعة مزدوجة، فمن جهة، تساعد الباحث على تحليل المنظومة القيمية التي ينقلها الشاب الجمعوي للجمعية التي ينخرط فيها، وكذا التعرف على القيم التي ينقلها هذا التنظيم بدوره للشباب المنخرط. ومن جهة ثانية، يناقش هذا الموضوع طبيعة الانتقال من منطق اشتغال التنظيمات الجماعية التقليدية إلى التنظيمات الجمعوية الحديثة. ويطرح هذا الانتقال سؤالا مهما حول نمط الحكامة المسير لكلتي المؤسستين، أي أن السؤال يتبلور حول فكرة خلق الجمعية: هل هي تنظيم ناشئ وفق نصوص قانون الحريات العامة، أم أن الجمعية تندرج داخل سيرورة التطور السوسيولوجي للتنظيم الجماعي التقليدي؟ إن افتراض علاقة تفاعلية بين الجمعية كتنظيم اجتماعي والشاب كفاعل تنموي مفترض، يجعلنا نضع في نفس المكيال فاعلين أساسين تراهن عليهما السيرورة التنموية بمجتمعنا، الأمر الذي يقتضي منا التفكير في منظومة القيم المسيرة لهذه العلاقة وبالتالي التعرف على طبيعة الانتقال والتبادل القيمي بين المؤسسات/التنظيمات والأشخاص المنخرطين فيها. وفي الشق الثاني من مداخلتها أكدت تساءلت الباحث عن مدى مواكبة مختلف التغيرات التي عرجت عليها للانتقال من التنظيمات القبلية المبنية على النسب والانتماء القبلي إلى التنظيم الاجتماعي الحديث؟ مشيرة إلى أن هذه القضايا لم يحصل بها التراكم الأكاديمي الكافي بالمجتمع المغربي، ومن هذا المنظور، تعد الجمعيات الفضاء المناسب لملاحظة ودراسة هذه الدينامية من القطيعة أو التحديث اللذان تعرفانه البنيات وتقليداوية العلاقات والقيم. كانت منصة الجلسة الثالثة صباح يوم السبت مغربية بامتياز شكلا ومضمونا، حيث عرف ثلاث مداخلات أولاها للأستاذ الباحث إبراهيم أمهال موسومة بعنوان "التوافق السياسي بين الفكرة الأخلاقية والاضطرار الواقعي" استهلها بتحديد لماهية كل من "التوافق السياسي" و "الفكرة الأخلاقية" و "الاضطرار الواقعي" المشكلة لعنوان مداخلته ليخلص إلى