بقلم بوزكري مهتدي "إن رحلة الألف ميل تبدأ بخطوة واحدة"، سيرا على نهج هذه الحكمة الإنسانية، نعتقد أن الثورة التي فجرها الشعب التونسي في أواخر دجنبر من سنة 2010 والتي توجت مؤخرا بوضع دستور توافقت عليه معظم مكونات الشعب التونسي، السياسية منها والنقابية والشبابية، يمكن أن يشكل هذا الدستور التوافقي خطوة هامة نحو تحقيق مطالب وشعارات الثورة التونسية. إن المصادقة على دستور 26 يناير 2014 والذي صوتت عليه نسبة هامة من المواطنين التونسيين، ساهمت فيها "الشرعية التوافقية" التي نجحت القوى السياسية والنقابية والشبابية في تكريسها وصيرورتها ثقافة سياسية جديدة في الحياة السياسية التونسية. وعلى خلاف مسار الثورة المصرية، نجحت القوى السياسية في تونس في دمقرطة الحوار السياسي والخلاف السياسي وفق مؤسسات وقوانين تواضع الجميع على إعدادها وتأسيسها والإيمان بفعاليتها وحسم الخلاف داخلها، وقد توج هذا المسار الذي استغرق زهاء الثلاث السنوات بالمصادقة على دستور 2014. وبالمصادقة على هذا الدستور تكون المكونات السياسية قد جنبت البلاد ويلات الاقتتال بين أبناء الوطن الواحد وتفادت شحن الكراهية والحقد بين مكونات الشعب التونسي. ونجحت بالتالي في خطوتها الأولى نحو ترسيخ قواعد الدمقرطة والحوار والتسامح. كما أن المصادقة على الدستور باعتباره قانونا أسمى يحدد طبيعة السلطة في البلاد وشكل الدولة ويحدد الحقوق والحريات الأساسية للأفراد والجماعات كما يحدد علاقة السلطات السياسية والمؤسسات الدستورية، وستتلو هذه العملية استحقاقات أخرى لعل أهمها توفير الظروف السياسية والاجتماعية والقانونية والنفسية الملائمة التي يجب أن تمر فيها الانتخابات الرئاسية والبرلمانية التي يجب أن تكون شفافة ونزيهة. نتمنى من قلوبنا نحن العرب، أن تنجح تونس في معركتها الديمقراطية والسياسية حتى تكون نموذجا لكل الثورات التي مازالت تتعثر وترزح تحت ضغط القوى المضادة ولأنظمة الاستبداد الموءودة والبائرة ولكل القوى التي تحن لماضي الاستبداد والقهر والتي ظلت لسنوات عديدة تحتكر السلطة وتستغل خيرات البلاد.