الاعتقال السياسي وتكميم الافواه وتكسير العظام لاطر المستقبل...؛ هي مبادئ من ركائز دولة الفساد والاستبداد، دولة الظلم والقهر، فبعد التطبيل والتزمير للعهد الجديد وطي صفحات العهد القديم وبناء مغرب جديد، نجد انفسنا امام دولة مخزنية فقدت كل اخلاقياتها ومبادئها الدستورية الوضعية والسماوية، نجد انفسنا امام مغرب العصور الوسطى وقانون الغاب الذي لايراعي حرمة ولا خلق. ملفات الفساد المتاقلم مع الزمان والمكان، تضرب اطنابها في كل زاوية من زوايا بلدنا الحبيب، وقد تتبعنا جميعا تلك التفاهة التي تحط من قيمة الانسان المغربي وتضرب تماسك الاسرة وثقافتها، انها ظاهرة "البوسان" العلني بدعوى الحريات الفردية في بلد يحكمه "امير المؤمنين" ودستوره ينص على اسلامية الدولة، وتتربع على تسييره حكومة ذات "لون اسلامي" اضافة الى ان اخلاقيات الشعب المغربي وثقافته تنافي هذه الرعونة الدخيلة. ملف الاعتقالات السياسية وتكميم الافواه اصبح ظاهرة اعتيادية لدى دولة المخزن؛ بل زادت حدته و تجددت اساليبه وادواته، فبعد رشيد نيني وعلي انوزلا وغيرهم تبقى السجون مليئة بمناهضي دولة المخزن. ومن هذه الملفات الغريبة والصادمة ملف الاستاذ عمر محب المتهم بالقتل العمد، يذكر أن محب توبع على خلفية قضية وفاة الطالب آيت الجيد محمد بنعيسى يوم 1 مارس 1993 بمستشفى بالمدينة بعد أن تم الاعتداء عليه في مكان قريب من الجامعة بفاس يوم 25 فبراير 1993، في الوقت الذي كان فيه محب مشاركا في ملتقى طلابي بالدار البيضاء. ورغم ذلك اعتقلت السلطات المحلية بفاس محب يوم 15 اكتوبر 2006، بينما كان يتهيأ لإقامة معرض تجاري في ساحة عامة بوسط المدينة، وذلك في سياق سلسلة التضييقات والاعتقالات التي طالت أعضاء جماعة العدل والإحسان منذ 24 ماي من نفس السنة. وبعد إتمام إجراءات التحقيق والمحاكمة صدر عن غرفة الجنايات الابتدائية بفاس قرار بتاريخ 11 شتنبر 2007 قضى بإدانته من أجل جناية القتل العمد ومعاقبته بعشر سنوات سجنا نافذا. ثم عدلت غرفة الجنايات الاستئنافية في قرارها الصادر بتاريخ 18 دجنبر 2007 القرار الابتدائي وذلك بتخفيض العقوبة إلى سنتين سجنا نافذا بعد إعادة تكييف التهمة على أنها جنحة المساهمة في مشاجرة ارتكب أثناءها عنف أفضى إلى موت. وبعد قضاء السيد عمر محب سنتين كاملتين بسجني فاس وصفرو في ظروف لا إنسانية تعرض فيها عدة مرات للتعذيب وسوء المعاملة والحرمان من الحقوق القانونية، غادر السجن بتاريخ 15 اكتوبر 2008، لكن المجلس الأعلى بتاريخ 29 أكتوبر 2008 ألغى هذا القرار الاستئنافي بناء على الطعن بالنقض المقدم من المتهم ومن النيابة العامة معا، وأعاد القضية من جديد أمام غرفة الجنايات الاستئنافية بفاس التي أصدرت بتاريخ 23/04/2009 قرارها القاضي بتأييد القرار الجنائي الابتدائي. وهو القرار الذي أصبح نهائيا بعد أن رفضت محكمة النقض الطعن الذي تقدم به المتهم.