بصدد الذكرى الثالثة لوفاة القائد المكافح أسد الأطلس الثاني :محمد بوكرين الفقيد محمد بوكرين جبل تاريخي .عملاق حضاري ومثال صادق للمناضلين الشرفاء.اجتمع فيه صدق المناضل ببساطة العامل. وعمق المفكر بكفاحية الثوري وفراسة الخبير. وكفاحية العامل بانحياز المثقف العضوي.لم تنل منه سجون الاحتلال ولا قلاع النظام. ولاسياط الجلاد ولا مقالب المرضى بالزعامة الكارطونية.. ولا مضايقة المتملقين الوصوليين.ولا تبرم الانهزاميين ولا تبريرات المتخادلين.عاش شامخا وقضى واقفا.لم يمت بوكرين فبذوره الأصيلة تنبث في كل مكان لتصبو وتترعرع.حقلا من زهور الأمل وسواعد الغد المشرق. وفكر الرفض للاستبداد وعبيده من متزلفين وانتهازيين وانتهزاميين وبيروقراطيين ومحرفين للتاريخ النضالي الأصيل. كل مايقال في الشهيد بوكرين فهو قليل بالنسبة الى شموخه النضالي وتفانيه في خدمة الجماهير في صمت المتواضع. وابتسامة المتحدي لجميع أصناف التعديب.والمضايقة حتى في قوت يومه. فلم يتوان ولو للحظة واحدة في التعبير عن حبه وتطلعه لوطن حر جميل.تمتزج فيه الحرية بالعيش الكريم.والديموقراطية بالتطلع الى مجتمع عادل تسود فيه القيم الانسانية النبيلة.منهجه في ذلك المنطق الجدلي فكرا ونكران الذات تنظيما واللامهادنة سياسيا. فبوكرين صديقا لكل الجياع والمحرومين والمضطهدين والمناضلين المخلصين الأوفياء لهذا الوطن مهما كانت مشاربهم .بوكرين لم يستكن. ولم يكولس. ولم يتملق. وأبدا لم يحاول فرض قناعاته الفكرية ولا توجهاته السياسية. كان يعمل بصمت العارف بخبايا الأمور. في تواضع اليراع. مات فقيرا ومهمشا ومحاصرا.لكنه بقي صامدا .جبلا من الكرامة والعزة والشموخ والتضحية ونكران للذات. استشهد واقفا كأشجار الأرز تموت وهي شامخة.بينما تبقى بذورها أزلية رغم كل التواطئ. ورغم كل التحريف ورغم كل الانكار. ورغم أنف المتملقين للقادة الكارطونيين. اشراقات من مواقف المناضل المكافح محمد بوكرين ضد التحريفية : انتفض المناضل غير المهادن محمد بوكرين في المؤتمر الوطني الرابع لما تضمنه من تجاوزات تنظيمية. وأساليب تحريفية.منها انفجار الأوضاع في اللجنة التنظيمية ولجنة المقرر التوجيهي بسبب تزوير خلاصات اللجنة من قبل المشرفين عليها بعد ليلة كاملة من النقاش . وبعد أن توالت الاحتجاجات القوية للمناضلين الصامدين على هذا السلوك اللانضالي تم الاستنجاد بالكاتب الوطنبي للحزب. الذي كال للرفاق أكبر الشتائم والاهانات. فكان نصيب أحد المناضلين الشباب من مكناس أكثر. اذ قال له بالحرف "الا مسكتيش غادي نجيب ليك ولدي يخلي دار بوك" والذي سيتبين مع مرور الأيام أنه -ابن القيادي- سيلتحق بجوقة اليمين الانتهازي. بل سيصبح أحد الأطر في شبيبتها. ليترشح فيما بعد في احدى محطات النظام المخزني الانتخابية.تجاوزات عديدة تراكمت في المؤتمر هذا. جعلت بوكرين ينتفض في الجلسة الختامية. فكاد المؤتمر أن ينفجر بسبب احتجاج المناضلين ومعهم معظم أعضاء اللجنة التنظيمية من الدارالبضاء الذين شعروا بمقلب تغييبهم من جميع جلسات المؤتمر. لأنهم كانوا يشكلون ثقلا وازنا على القيادة البيروقراطية في التأثير على ما كان مرسوما بشكل قبلي لو ساهموا فعلا في أشغال المؤتمر .فلولا تدخل المناضلين الصادقين لرأب الصدع والمراهنة على المستقبل. الذي تبين مع تراكم الانزلاقات أنه لن يكون الا لصالح البيروقراطية. فتوالت الانهيارات يوما عن يوم .فجمد معظم المناضلبن الصادقين نشاطهم في الحزب بسبب الغبن والاحباط الذي أصيبوا به نتيجة التوجه الجديد للانتظارية والغموض الفكري .والتقاعس في المواقف السياسية والميوعة التنظيمية .ان لم نقل اللاتنظيم.بالموازاة تم تغييب الاعلام والتوجيه والتثقيف الحزبي. وغض الطرف عن المسلكيات الانتهازية داخل الاطارات الجماهيرية والتواطئ مع البيروقراطية النقابية. لتكرس الوصولية والتواطئ في معظمها. فمنهم من قدم استقالته على مستوى اللجنة المركزية مبررا ذلك بالظروف الذاتية اما خوفا من بطش القيادة. أو تجنبا لأي احراج مع رفاقه التاريخيين .أوبسبب الاحتكاك اليومي في مهنة المحاماة التي كان يتشكل أغلب نقابييها من مناضلي الحزب أو مقربيهم.ومنهم من قدم استقالته من الحزب ليعود الى التيار البوعبيدي ليترشح في الانتخابات مادامت مراهناته على الطليعة لم تأت بالجديد.ومنهم من عاد الى المنفى يجر الام الاحباط والتذمر والغبن حتى توفي كمدا مثل المناضل الجذري عبد الغني بوستة السرايري .ومنهم من جمد نشاطه في الكتابة الوطنية بعد توالي أساليب المحصارة والتضييق ليكثف نشاطه النضالي في الأطلس الى جانب ما تبقى من الحزب ومن المناضلين الكفاحيين من قواعد المنطقة على غرار بوكرين الذي عانى من التواطئ والحصار والفقر. لكن في عزة وكرامة وأنفة ونكران للذات. رافضا التعويض الذي اعتبره أجرا ورشوة مقابل التواطئ وبيع نضالات الجماهير وتضحيات المناضلين والشهداء من مال الشعب. منتظرا حقه المشروع في الرجوع الى الشغل دون جدوى بسبب تواطئ البيروقراطية النقابية وبشكل صريح شخص الأموي الذي كان يعتبر بوكرين أكبر المعرقلين لطموحاته في العمالة والانتهازية. ودون الاعتراف على الأقل بتضحياته التاريخية في الحزب واستماتته في الدفاع عن القضايا العادلة وطنيا وأمميا .بل لم تشفع له مساهمته الفعالة في تأسيس الكونفدرالية الديموقراطية للشغل والفعل على تجديرها وسط الطبقة العاملة والشغيلة بكافة أصنافها . والتي تحولت الى جهاز بورصوي لايختلف عن الأجهزة الوصولية ووكالات السمسرة الخبزية. تتاجر في الملفات الاجتماعية الكبرى مع الباطرونا والنظام المخزني الى درجة استقبال الجلاد "ادريس البصري" وزير الداخلية انذاك في احدى مؤتمرات الخزي والعار للكونفدرالية بمساهمة وتواطئ وغض الطرف من قبل رفاق دربه النضالي .في حين أطلق العنان لمن استعمل لافتة الحزب وتاريخه في الاغتناء بمؤازرة الفساد وملفات القضايا المشبوهة سياسيا ونقابيا وحقوقيا وجمعويا.هكذا تعلمنا أن فراسة الرفيق بوكرين كانت في محلها ولذلك أدركنا أيضا سبب محاصرته والتضييق عليه. ولا أدل على ذلك من محنته وحيدا أيام اعتقاله من أجل القضايا الجماهيرية الأساسية .بينما كانت جوقة التحريف تشارك في أعراس ما سمي بالمسلسل الانتخابي بايعاز من دهاقنة النظام المخزني. الذين منوها ببعض المقاعد البرلمانية على غرار 34 مقعد المعروفة بعد حركة 8 ماي الشهيرة. مع فارق واحد. هو أن التحريفية خرجت هذه المرة بخفي حنين. وللأسف في دائرة انتخابية كانت تعتبر مرتعا نضاليا لحزب المهدي وعمر.فلم تجديهم سياسة اللعب على الحبلين فكانوا يسحلون مؤازرتهم لمعتقل الملوك الثلاتة في النهار وينسقون في الليل من أجل الحصول على نصيبهم من الكعكة الانتخابية. قال الفقيد المناضل الكفاحي محمد بوكرين، شيخ المعتقلين السياسيين بالمغرب، إنه صدم عندما سمع قرار العفو، رغم أن الأصداء كانت تصله بأنهم يدرسونه. وأوضح أنه كان يراهن على المحاكمة في الاستئناف للدفاع عن نفسه لتحصيل البراءة، مستدركا أن هناك جهات كانت تريد التخلص من هذا الملف فجاء العفو في هذا السياق. وأكد أن أعضاء من الجمعية المغربية لحقوق الإنسان والمنتدى المغربي للحقيقة والإنصاف أخبروه بوجود اتصالات مع المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان، لمناقشة الصيغ الممكنة لحل المشكلة، «لكنهم عندما اتصلوا بي قلت لهم إنني لا أقبل العفو، لأنني قمت بالتضامن مع شباب كانوا يطالبون بحقهم في الشغل، وفي الوقت الذي كان ينبغي أن يوفروا لهم الشغل اعتقلوهم بعد قمعهم، وسجنوهم، وهذا بالنسبة إلي حكم جائر وظالم، فبالتالي هذا هو منطقي في عدم قبول العفو." وأضاف «أنا أرفض العفو فأنا لست مجرما»، مؤكدا «لو ترك الأمر بيدي لما خرجت، لكنهم سيخرجونني رغما عني من السجن»،. وكشف بوكرين أنه سيطالب بحقه، وسيؤسس «هيئة العار»، لتكون وصمة على جبين الدولة المغربية. كما طعن في المصالحة واعتبرها مصالحة ملغومة ودون معنى، «فالمصالحة ليست شراء ذممنا بالأموال، ولكن المصالحة هي رد الاعتبار إلى شهدائنا بنهج الخط والمسار الديمقراطي الذي من أجله مات الشهداء، لا أن نتنكر لهم بتغييب الديمقراطية في البلاد، فإذا غابت الديمقراطية في المغرب فلا وجود للمصالحة، وإذا لم تتقدم الدولة باعتذار فلا وجود للمصالحة، وإذا لم يتم رد اعتبار إلى الشهداء، ولو على الأقل بإقامة نصب تذكاري لهم وإطلاق أسمائهم على الشوارع والمرافق العمومية، فلا وجود للمصالحة، في غياب كل ما سبق أعتبر المصالحة ملغومة ومغشوشة». وشدد بوكرين على أن المسألة تتعلق باستقلال القضاء وبمعنى الديمقراطية الحقيقية، وليس الديمقراطية التي تتعايش مع وجود المقدسات، فلم تتورع التحريفية بعد وفاته عن استقبال قتلة الشهيد عمر بنجلون في بيت عائلته في ذكرى اغتياله. وقد كان حدس المناضل الصادق بوكرين لا يخظئ حين قدم استقالته من الكتابة الوطنية .في حين شجب المناضلون الكفاحيون السلوك الغادر لاستقبال شيخ القبيلة وفقيهها الفاشل قتلة الشهيد عمر بنجلون في بيت عائلته استقبال ذل يوحي بصفقة انتهازية كبيرة قد يتم بموجبها التنكر لتضحيات المناضلين والشهداء. والتشطيب على كل أمل في بعث ما سماه عراب البيروقراطية بطائر الفنيق الذي يبعث دائما من رماده.في حين لا نرى الا أنثى العنكبوت التي تفترس زوجها لتضمن لنفسها البقاء بعد التخصيب. فاذا سبق لنا أن علقنا على الكارثة السياسية التي حلت بالطليعة في غضون 2007 والتي كان أبطالها دهاقنة المخزن بتنسيق وتواطئ البيروقراطية الحزبية بأنها اخر مسمار يدق في نعش الحزب .فانه الان يوارى التراب بعد أن أعتبر شيخ الدجالين والظلاميين زعيم جماعة العدل والاحسان "مناضلا تاريخيا" في ذكرى تأبينه.واذا كان موقف المقاطعة السابق لا من الدستور ولا من الانتخابات البرلمانية والتي علق عليها البعض كل الأمل الواهم في تصحيح المسار. الا مؤشرا وعلامة على انتفاضة الديك الذبيح فان التنسيق مع الظلاميين في حركة 20فبراير تفضح المستور.فهنيئا للبيروقراطية الحزبية بانبطاحها المتواصل وطوبى لها بانهيار كل الطموحات وتبخر كل الامال امال المناضلين الدين ضحوا بحرياتهم وخبزهم وحياتهم.وهنيئا للنظام المخزني الاستبدادي على انتصاراته المتواصلة.وطوبى للتحريفية على السلوك الانتهازي الذي أصبح يتنافس عليه أشباه المناضلين في نقابة الأموي الفاسدين بدون حسيب ولا رقيب خصوصا القياديين منهم. بل كوفئوا على هذا بتأثيث اللجنة المركزية المنبثقة عما يسمونه مؤتمرا سابعا.وحمدا للاتنظيم الذي تعيشه معظم الفروع .و الوجوه القيادية الاقليمية الجديدة باسم التشبيب .والتي أقحمتها القيادة قسرا في المسؤولية رغم رائحة الفساد التي تلوح منها الى درجة الاستنكار الجماهيري. ومع ذلك زينت بها رفوف اللجنة المركزية.وماذا عن الفعل السياسي الغائب منذ عقود مرافقا للجمود التنظيمي و المؤتمرات الاقليمية التي تفعل في طنجرات الضغط وبأعضاء يحسبون على أصابع اليد كما ونوعا بعد أن تم تغييب المناضلين الحقيقيين تارة بالتخاذل وتارة بالتهميش وتارة بالمضايقة لاعطاء الشرعية الشكلية للمؤتمر الوطني.وماذا عن تغييب الاعلام الحزبي الذي كان المناضلون يدعمونه بالاقتطاع من خبزهم اليومي ضمانا للوحدة الايدلوجية والحق في المعلومة النضالية .الى درجة أنه لم تصدر ولا نشرة داخلية لما يزيد على ما يناهز عقدين من الزمن ليطلع عليها المناضلون توحد رؤياهم الفكرية. وتحمسهم وتضيئ لهم الطريق ولو على الأقل يحسون بأن لهم فعلا أداة.حقا لايمكن اختزال تراث الشهيد بوكرين في موقفه الواضح من احدى محطات العار التي توالت على الحزب بفعل البيروقراطية والانتهازية ومواقف التخاذل في تصريف الفعل النضالي على مدى عقدين من الزمن.فالشهيد بوكرين حقا أكثر من أن يلخص تراثه في توجه الاشتراكيات الديموقراطية التي تقيس النضالات بالمشاركة أو المقاطعة في الانتخابات. فبوكرين أكبر من ذلك .أنه وحدة متكاملة بين الايدلوجي والتنظيمي والسياسي.ايمانه بالفكر الاشتراكي العلمي يجعله يتناول بالتحليل كل ظاهرة اجتماعية أوسياسية أو اقتصادية من منظور المادية الجدلية والمادية التاريخية انسجاما مع تبنيه للاشتراكية العلمية-الماركسية اللينينية-في التفسير والتحليل والتغيير. وتنظيميا بنبذ كل حلقية وعبادة الشخصية مهما كانت قيمتها النضالية وعطاءاتها. والاقرار بالخلية كمدخل أساسي للنسق التنظيمي الثوري يتكون فيه المناضل تكوينا نظريا وسياسيا وتنظيما لضمان استمرار الأداة بتحصينها من كل شوائب الانتهازية والبيروقراطية والتحريف وكل الأساليب التخريبية.وذلك بالنقد والنقد الذاتي والمحاسبة والقيادة الجماعية وتشجيع المبادرة الفردية في اطار المبدأ مع الرجوع الى القواعد كشرط أساسي لضمان الشرعية النضالية. في اطار الأفق الاستراتيجي للأداة مع ضبط التحالفات السياسية على أساس التموقع الطبقي وفق التكتيكات التي تخدم المسار التاريخي للحركة. هذا ناهيك عن الفعل الايجابي في الاطارات الجماهيرية والعطاء المتميز .بل محاسبة ومحاربة كل من سولت له نفسه الركوب على نضالات الطبقة العاملة سواء بالكولسة مع الباطرونا أوالسمسرة بثقة المشغلين لتحقيق المصالح الشخصية .......وهذا حال الكثيرممن يستثمرون تراث الشهيد .ان اختزال تاريخ الشهيد بوكرين في مجرد غضبه من الموقف الجبان والبيروقراطي الذي فرضته اللجنة الادارية على المناضلين بالتسجيل في اللوائح الانتخابية والدعوة اليه. والمشاركة في الانتخابات البرلمانية لسنة 2007.والذي كان موقف الاجهزة الحزبية واضحا فيها انطلاقا من موقفه الشمولي من ديموقراطية الواجهة .هو أكبر الاساءات اليه والى تراثه ومواقفه الثورية ذات النسق المتكامل وفق المنهج الاشتراكي العلمي الذي بلوره بمعية المناضلين المخلصين والشهداء من قبله.فليرفع عبدة أوثان السياسة الوصولية والبيروقراطية أيديهم عن بوكرين. فهو من طينة أخرى ولنحذرهم من أن يلبسوا عباءته مرة أخرى .كما لبسوا تاريخ الشهداء : المهدي وعمر وعبد الغني بوستة السرايري...... زورا وبهتانا لكي يبيعوها في المزاد غير المعلن .لقد تعلمنا من الشهداء نبذ كل المسلكيات الانتهازية والوصولية والبيروقراطية والانبطاحية وعبادة الاصنام المتمثلة في القيادات الكارطونية .فمن يكرم الشهيد يتبع خطاه.