لا شك أن عددا كبيرا من أولياء الأطفال إن لم نقل جميعهم يواجهون مشاكل في كيفية تعاطي أطفالهم مع شبكة الإنترنيت والاستفادة منها، وهم يدركون جيدا عدم قدرتهم أيضا على القيام بذلك. ولذلك فإنه من الضروري أن يتعود هؤلاء على ذلك قبل نقل معرفتهم إلى أطفالهم. نحن أمام صورة واضحة: نجلس أمام الكومبيوتر ونقرأ شيئا ما على الصفحة الأولى ثم ننتقل عبر النقر هنا وهناك إلى صفحات أخرى،قبل أن نكتشف أننا قضينا ساعتين أو ثلاث ساعات أمام هذا الجهاز دون الشعور بمرور الزمن. شبكة الانترنيت تتوفر على عدد كبير من العروض المثيرة للاهتمام والتي قد يستفيد منها الإنسان. ولكن ماذا بالنسبة للأطفال ؟. هناك اتفاق مبدئي عام لدى الجميع على ضرورة تحديد أوقات استخدام الشبكة الإلكترونية بالنسبة للأطفال. في الغالب يتم تحديد مدة استخدام الإنترنيت بحسب الأعمار، أي من 20 دقيقة إلى أطول من ذلك. غير أن ذلك يجب أن ينطبق على الكبار أيضا ، حيث يجب على الأولياء أن يكونوا قدوة للأطفال. إن ذلك أحد الأسس التربوية. مسؤولية شخصية :"ينبغي أن تبدأ التربية في استخدام الوسائل الإعلامية بشكل مبكر"، تؤكد المربية الألمانية "كريستين لانغير" وتضيف: "إنه من الأفضل أن يبدأ ذلك في الرابعة أو الخامسة من العمر". وتعمل "كريستين لانغير" كمستشارة لمبادرة "أنظر إلى الأطفال" التي تم إطلاقها في ألمانيا عام 2003 بهدف تقديم الدعم إلى الوالدين والمربيين في موضوع الاستفادة من وسائل الإعلام الإلكترونية. وتلاحظ "كريستين لانغير" أن أولياء الأطفال متخوفون من قوة التأثير السلبي لوسائل الإعلام الإلكترونية على أطفالهم ، وفي نفس الوقت يتخوفون أيضا من ابتعاد أطفالهم عن محيط التطورات في وسائل الإعلام والتواصل. وتؤكد "لانغير" أيضا على أهمية الوالدين كقدوة للأطفال بقولها: "لا يمكن للوالدين أن ينطلقا في حديثهم مع أطفالهم من المنظور الشخصي فقط "كما تضيف : أنا أحتاج إلى موقف شخصي أساسي بشأن كيفية التعامل مع ما يُعرض علي ، ويعني ذلك أني أرسم حدودا أيضا بالنسبة لشخصي عند استخدام الكومبيوتر ". وحسب دراسة قام بها مؤخرا اتحاد جنوب غرب ألمانيا للأبحاث التربوية والإعلامية يتوفر نصف عدد الشباب في ألمانيا في السن ما بين 12 و19 عاما على هواتف ذكية. الشيء الذي يتيح لهم فرصة ولوج شبكة الإنترنيت. وهنا يكون من الضروري القيام بمسؤولية التوعية ، حيث يجب أن نوضح للأطفال أن "وسائل الإعلام هذه تدعو حقا إلى السرور، غير أن العالم يشمل أيضا أشياء أخرى "، تضيف "كريستين لانغير"، كما إنه من الضروري أن يزداد إحساس الأطفال بهذا الوعي مع مرور الزمن وكلما تقدموا في السن. وتنصح الخبيرة التربوية بالبدء بذلك في سن مبكرة ، حيث "يمكن مثلا أن يبحث الأولياء بالشراكة مع أطفالهم عن إمكانيات لكشف ما هو مفيد وما هو غير مفيد. ومن خلال ذلك يمكن للطفل أن يتعلم بنفسه الاستفادة من عروض الشبكة أو رفضها". أهمية التربية في التعامل مع الإنترنيت : تعريف الأطفال بعالم وسائل الإعلام يرتبط أيضا بمدى معرفة أوليائهم بهذا المجال. وهناك مواقع بحث كثيرة خاصة بالأطفال تنسجم مع المبادئ التربوية وتؤكد على مزايا الإنترنيت. إضافة الى ذلك ، هناك برامج مختلفة لحماية الأطفال واليافعين عبر تعطيل عمل صفحات معينة. غير أن التغلب على تلك المواقع قد يتراجع مع وجود برامج مضادة أخرى. ولذلك "تؤكد كريستين لانغير" على أهمية المسؤولية الذاتية لدى مستخدم الإنتيرنيت. مساهمة المدارس أيضا في التربية الإعلامية : من جهته يؤكد "توماس هاينيه" من مبادرة "رخصة قيادة الإنترنيت" أن منع الأطفال وحده لا يفيد في شيء ، كما يؤكد على أهمية التربية في التعامل مع هذا الموضوع ، ويشير "هاينيه" إلى الأسس القانونية المرتبطة باستخدام الإنترنيت ويلاحظ أن أولياء الأطفال لا يعرفون أهمية هذا "العنصر الجديد في التربية ". وقد أسس "هاينيه" بالتعاون مع جهات أخرى "ورشة الإنترنيت"، وهي عبارة عن عرض تعليمي للكبار وللأسر يتم تقديمه منذ عام 2001 في أكثر من 700 مدينة ألمانية. المدارس أيضا تتحمل المسؤولية : إن عدم توفر الأسر وأولياء الأطفال على معارف كافية لتعريف أبنائهم بعالم وسائل الإعلام ومزاياه وسلبياته ، فإن المدارس تتحمل أيضا مسؤولية كبيرة في هذا المجال. وكما يقول معلم الرياضيات "هانس بيتير كونين":إن الإنترنيت أصبحت تلعب دور أهم وسيط في الوصول إلى المعرفة ، غير أنه يجب على التلاميذ قبل ذلك تعلم استخدام برامج معينة والاستفادة من شبكات الإنترنيت التابعة للمدرسة.