استغرب عدد من الآباء والمربين بمدينة مراكش اقتحام عدد من المجرمين عالم شبكة الانترنت للتغرير بضحاياهم من الأطفال وإسقاطهم في حبائل الاستغلال الجنسي ، متسائلين في حديث خاص ل"اسيف عن كيفية محاربة هؤلاء المجرمين ومعاقبتهم في ظل جدية هذه النوع من الجرائم في المغرب وعدم وجود محاكم مختصة ، كما تساءلوا عن كيفية حماية الأبناء الصغار من هؤلاء المجرمين خاصة وأن شبكة الإنترنت أصبحت متاحة للجميع ، بل أصبحت بعض الفروض المدرسية المنزلية تستوجب من هؤلاء الصغار زيارة مقاهي الإنترنيت باستمرار أو الاتصال بالشبكة في المنزل إذا توفرت في غياب أو نقص مراقبة الآباء. واندهش أكثرهم حين الاطلاع على تقرير مركز حرية الإعلام بالشرق الأوسط وشمال إفريقيا ،وهو مركز أبحا ث مستقل حول قضايا الإعلام، يوجد مقره بكل من لندنوالدارالبيضاء ، حول "القاصرون وجرائم الانترنيت بالمغرب: دليل لتحسيس القاصرين ، والآباء ، والمربين"، اندهاشهم زاد وتحول إلى تخوف خاصة فيما يتعلق بسلوك الحكومة المغربية المحتشم اتجاه تنامي هذه الظاهرة في المغرب ، علما أن ملفات من هذا النوع بدأت تظهر في المحاكم وتتداول في الشارع العام ، كما أنه ليس هناك أية جمعية مدنية متخصصة في المجال.مسؤولية وقاية الأطفال من هذا الوافد الجديد غير المرغوب فيه تقع بالدرجة الأولى على عاتق الوالدين والمربين والحكومة المغربية وجمعيات المجتمع المدني المهتمة بحماية الأطفال ،يقول هؤلاء ، إذ عليهم جميعا العمل على تحصين الأطفال بالتربية والدين والأخلاق ضد ما هو إباحي وممنوع على الشبكة، وتوفير الوسائل التي من شأنها التحكم في مغامرات الأطفال في عالم الإنترنت والكمبيوتر مثلما يفعلان تمامًا في مجالات الحياة بصفة عامة، ويبدأ تلافي هذا الأمر بأن يتتبع الآباء باستمرار ما يفعله الأطفال أثناء استخدامهم للإنترنت، ويوضحون لهم مخاطر الدخول في دردشات مع أشخاص أجانب. كما على الحكومة المغربية ألا تسلك المسلك الأمني فقط بل عليها العمل على نشر ثقافة عامة في المدارس وفي وسائل الإعلام المتاحة حول الموضوع، كما تفعل باقي الدول التي سبق إليها هذا الوباء الخطير. تقرير مركز حرية الإعلام بالشرق الأوسط وشمال إفريقيا اشتغل على استمارة وجهت لأزيد من 100 قاصر بمدينة الدارالبيضاء، تتراوح أعمارهم مابين 10 و17 سنة. إضافة إلى لقاءات مع مسؤولين بقطاعات حكومية، و فاعلين جمعويين، وخبراء في مجال الانترنيت. وقد خلص التقرير إلى أن أزيد من ثلثي القاصرين الذين تم استجوابهم صرحوا بتلقيهم لعروض للسفر، وهدايا، وعروض للزواج عبر الأنترنيت (الشات أو الدردشة) من قبل أشخاص غرباء ، كما أن أزيد من ربع العينة المستجوبة تلج إلى مقاهي الانترنيت رغم معارضة أولياء الأمر، وأزيد من ثلث المستجوبين لم يسبق لهم أن سمعوا عن جرائم الانترنيت. كما أنه لا توجد أي منظمة غير حكومية تشتغل في مجال التحسيس بمخاطر جرائم الانترنيت مقارنة بالعديد من المنظمات المدنية التي تنشط في العديد من الدول، وأن الحكومة المغربية تتعامل مع هذه القضية بشكل محتشم، وتركز أساسا على المقاربة الأمنية الصرفة للانترنيت . ويقول سعيد السلمي المدير التنفيذي للمركز " إن المغرب أصبح مستهدفا أكثر من ذي قبل من قبل مجرمي دعارة الأطفال الذين يستغلون الانترنيت للتغرير بالأطفال والقاصرين من أجل استغلالهم جنسيا. ولعل الحالات التي سجلت خلال السنوات الأخيرة تعكس تزايد هذه الجرائم، وهو ما يدعو الحكومة والمجتمع المدني والإعلام إلى طرح برامج للتحسيس والتوعية موجهة للأطفال والآباء والمربين حول جرائم الأنترنيت. فالكثير من الدول بلورت برامج تربوية متقدمة حول مخاطر جرائم الأنترنيت، في حين لا يتوفر المغرب حتى على موقع إلكتروني مخصص لهذه القضية". التقرير يرصد كافة القضايا والحالات التي عرفها المغرب وتطرقت لها وسائل الإعلام والتي إما كان فيها القاصرون ضحية لإحدى جرائم الأنترنيت أو تورطوا في ارتكابها. كما يقدم التقرير تعريفا لجرائم الأنترنيت وأنواعها وخاصة تلك التي لها علاقة بدعارة الأطفال. ويضع التقرير دليلا يتضمن نصائح عملية تتوخى توعية القاصرين والآباء والمربين بطرق الاستعمال النافع والآمن للانترنيت من أجل تجنب ومحاربة الجرائم التي تستهدف الأطفال المغاربة .ويطالب مركز حرية الإعلام السلطات المغربية بإطلاق حملة وطنية للتحسيس عبر وسائل الإعلام العمومية من أجل توعية الأطفال والشباب والآباء بمخاطر الانترنيت. هذه الاستراتيجية يجب أن ترافقها عملية تكوين خبراء التربية من أجل القيام بعملية التحسيس وسط المدارس ونوادي الشباب.ويطالب المركز أيضا السلطات المغربية بوضع موقع إلكتروني خاص بجرائم الانترنيت يتضمن نصائح للأطفال والشباب والآباء. ويؤكد المركز على ضرورة انخراط المجتمع المدني في الاهتمام بجدية بهذه المسألة والاستفادة من تجارب المنظمات الغير الحكومية الدولية.